x

عباس الطرابيلي الناصرية.. وأهل الثقة عباس الطرابيلي الأحد 29-11-2015 22:01


فى مقدمة آفات النظام الناصرى، تأتى كارثة أهل الثقة وتوليهم أمور البلاد والعباد.. وكان تفضيل عبدالناصر لأهل الثقة قبل أهل الخبرة من أبشع جرائم الحكم المطلق.. الذى لا يثق إلا فى رجاله، وفى كل المجالات.. وكل مكان.. وأيضاً طبق عبدالناصر هذه النظرية فى الصحافة!!

فهو إن كان قد أبقى - فى الأسابيع الأولى فقط - من أول يوم فى تأميم الصحافة، على كبار الصحفيين، بحكم الاستفادة من خبرتهم.. فهو وإن فعل ذلك، إلا أنه وضع «فوقهم» أو بجوارهم بعضاً من رجاله وبالذات المقربين منه.

ففى «أخبار اليوم»، ورغم استمرار استعانته بـ«الأمير» محمد التابعى والتوأم مصطفى وعلى أمين.. إلا أنه جاء بمدير مكتبه أمين مصطفى شاكر ليعينه رئيساً لمجلس الإدارة!! وهو الوزير الذى اختاره بعد ذلك وزيراً للسياحة، التى كان يرأسها عبدالناصر نفسه، بعد هزيمة 1967، فى 19 يونيو بالضبط.. وبالفعل، لم يستمر التعاون فى أخبار اليوم أيامها بين أمين شاكر ومصطفى وعلى أمين.. فأبعدهما إلى دار الهلال.. لينفرد رجله المفضل - أمين شاكر - بالدار وصحف الدار.

ثم دفع عبدالناصر برجله الآخر كمال رفعت، الذى عينه أيضاً وزيراً للعمل فى حكومته الرابعة، فى أكتوبر 1961، وهو من الضباط الأحرار الذين ساهموا فى العمل الفدائى فى منطقة القناة.. وظل يصعد به إلى أن عينه عضواً بمجلس الرئاسة.. وبالمناسبة كان كمال رفعت سفيراً لمصر فى لندن عندما قامت حرب 1973، وكنت وقتها فى لندن، وتوجهت فوراً لمقابلته فى مقر السفارة يومها لنتابع أحداث الحرب.

ورغم أن ترخيص إصدار «الجمهورية» فى ديسمبر 1953 صدر باسم عبدالناصر إلا أنه عندما اشتدت الأمور عيّن مدير مكتبه الآخر، على صبرى، مشرفاً على دار التحرير «الجمهورية»، رغم أنه لم يكن من ضباط الصف الأول للثورة، إلا أنه صار كاتم أسراره ومديراً لمكتبه.. بل عينه رئيساً للوزراء للمرة الأولى فى سبتمبر 1962، بعد حكومة عبدالناصر نفسه عقب انفصال سوريا عن مصر، ثم رئيساً للحكومة للمرة الثانية فى مارس 1964، وعضواً بمجلس الرئاسة.

ووضعه عبدالناصر مشرفاً على «دار التحرير» ليضمن عدم خروجها على النص، أقصد تعليماته!! وفى نفس الفترة عين عبدالناصر صديقه الآخر، أنور السادات، مشرفاً عاماً على دار «أخبار اليوم»، خشية من تلاميذ مصطفى وعلى أمين فيها.. وليضمن ولاء صحف الدار بالكامل لشخصه ونظامه.. بينما ترك «الأهرام» دون مشرف عام عليها، مكتفياً بوجود محمد حسنين هيكل على رأس هذه المؤسسة العريقة، وبالذات بعد أن حوّلها هيكل إلى «المتحدث الرسمى باسم الرئاسة» أى باسم عبدالناصر.

وليس ذلك فقط، بل دفع عدداً من رجاله ليكملوا السيطرة على الصحف.. منهم مصطفى بهجت بدوى، الذى وضعه - لفترة - فوق دار التحرير، وكانت تصدر بجانب الجمهورية.. جريدة المساء مع إشرافه كذلك على الصحف الصادرة باللغتين الإنجليزية والفرنسية.

كما دفع بواحد من رجاله إلى دار الهلال هو عبدالحميد الوكيل، وكان مكتبه مجاوراً لمكتب رئيس مجلس الإدارة!!

وهكذا سيطر أهل الثقة فى الصحافة - كما فى السياسة - على كل شىء فى مصر.. وتناسينا أهل الخبرة.. الذين لم يجدوا إلا الهجرة خارج البلاد.

وكم نتمنى ألا يقع الرئيس السيسى فى نفس هذه الدائرة.. وأن يُحسن اختيار معاونيه لتنطلق سفينة الوطن، كما يريد الرئيس نفسه، وكما يريد كل المصريين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية