x

«المصري اليوم» ترصد هدوء ما بعد «عاصفة الأقصر»

الأحد 29-11-2015 22:25 | كتب: محمد طارق |
جانب من غضب الأهالى جانب من غضب الأهالى تصوير : رضوان أبو المجد

4 أيام على بداية الاشتباكات التى دارت بين أهالى قرية العوامية، الواقعة فى البر الشرقى لمحافظة الأقصر، وقوات الشرطة، وما تخللها من مسيرات احتجاجية طافت أرجاء المدينة، وانتهت مع ظهيرة الجمعة الماضى. يزيل عمال النظافة الرماد المتبقى من أثر قنابل الغاز والحرائق بشارع خالد بن الوليد، الفاصل بين القرية وقسم شرطة بندر الأقصر، ويسود الشوارع هدوء، صورة روتينية لمواطنين يسيرون إلى عملهم، تكسرها بقايا الزجاج المنكسر أسفل أعمدة الإنارة، وجرافيتى ينتشر على حوائط الشوارع فى المحافظة يُظهر ضابطاً رافعاً طبنجته إلى السماء، فوق جملة بعنوان: «مافيش حاكم بيتحاكم»، الصورة نفسها تلخص غضب عائلة طلعت شبيب، 47 عاماً، الذى تُوفى، ليل الأربعاء الماضى، بالقسم، بعد ساعة من إلقاء القبض عليه من مقهى لا تتعدى المسافة التى تفصله عن القسم 4 دقائق على الأكثر.

تعود القصة إلى ليل الثلاثاء الماضى، على مقهى مقابل لقسم شرطة البندر، ذهب إليه، قادماً من بيته الذى لا يفصله عن المقهى سوى دقائق، وتقول زوجته إنها تلقت آخر مكالمة منه، فى التاسعة مساء، وطلب خلالها أن يأتى ابنه الأكبر إلى المقهى، ليرسل معه طلبات المنزل، وقال لها إنه سيتأخر قليلاً.

وفوجئ الجالسون على المقهى بقدوم أربع سيارات بوكس، سألوا عن طلعت شبيب، وفق أحمد السيسى، أحد شهود العيان، الذى يقول: «تعرف عليه أمين شرطة وتقدم ناحيته وأمره الضابط بركوب البوكس دون سبب، لم يوافق طلعت فى البداية، فأساء له الضابط واعتدى عليه، فرد طلعت الاعتداء»، ويوضح السيسى: «كان ضابطاً من دور عياله، وطلعت صعبت عليه نفسه إنه يضرب من واحد فى مقام ابنه»، ويضيف: «التف حوله العساكر ودفعوه إلى البوكس، ورفع الضابط شريطا مخدرا فى الهواء، وقال لهم: (إحنا لقينا ده مع طلعت، حد عنده اعتراض من اللى قاعدين؟)»، ويكمل السيسى: «نصحه أقاربه وأصدقاؤه بالذهاب إلى القسم مع الضابط، لأنه لم يكن فعل أى مخالفة، وكنا شهوداً على الواقعة، وتخيلنا أننا بمجرد الذهاب إلى القسم والإدلاء بشهادتنا سيخرج طلعت، لكن ساعة واحدة تواجد بها طلعت داخل القسم لم تُبْقِه حياً».

وقال أحد أقاربه إنه بعد دقائق، تسرب الخبر إلى أهالى القرية، فمضوا فى طريقهم إلى مستشفى الأقصر الدولى، وفى اللحظة نفسها، تتشابه جميع أقوال الشهود بالأماكن التى وقعت بها الاشتباكات، فالقصة واحدة، وصلت إمدادات أمنية لقسم الشرطة، فرضت كردوناً أمنياً فى الطرق المؤدية إلى المستشفى، منعاً لتجمهر الأهالى هناك، وألقت القبض على 24 مواطناً من أقارب المتوفى ومن جيرانه، قبل أن يأمر المستشار أحمد عبدالرحمن، المحامى العام لنيابات الأقصر، بإخلاء سبيلهم، عقب العرض عليه فى اليوم التالى.

أيمن عبدالمقصود، واحد من الذين أُلقى القبض عليهم، والتقت معه «المصرى اليوم»، يقول إنه كان متوجهاً إلى المستشفى، فور سماعه نبأ وفاة «طلعت»، واستقل الموتوسيكل، وذهب فى طريقه إلى المستشفى، قبل أن يعترضه كمين، فتوقف، وسأله الضابط عن بطاقة هويته، فأعطاها له، فتفحصها الضابط، وقال: «من العوامية»، وأمر العساكر بأن تقبض عليه، وركب سيارة الترحيلات، وبدأ يلتقى بأبناء قريته واحداً واحدًا داخل السيارة التى ذهبت بهم إلى قسم شرطة البياضية فى البر الغربى، الشهادة نفسها يقولها «صفوت» و«قرشى».

التصرف الذى بادرت به قوات الشرطة فى الشوارع زرع فى نفوس الأهالى شكوكاً بدت لهم غير مطمئنة، حسبما يقول الحاج يوسف، وزادتها اشتعالاً تصريحات أدلى بها مدير أمن الأقصر، اللواء عصام الحملى، اتهم فيها «طلعت» بتجارة المخدرات.

النيابة، من جانبها، تقف بين الفريقين، فشهادة الضباط أمام النيابة تنفى وقوع التعذيب، حيث يقولون أمام المستشار حامد النجار، رئيس النيابة، إنه تعرض لحالة إعياء عقب إلقاء القبض عليه، ونُقل على أثرها إلى مستشفى الأقصر الدولى، الذى لفظ أنفاسه الأخيرة به، بعكس شهادة الطبيب الذى قال، فى تقريره، إن «طلعت» وصل إلى المستشفى جثة هامدة.

وتنتظر التحقيقات انتهاء تقرير الطب الشرعى، لمعرفة سبب وفاة «رشيدى»، كما طالبت النيابة بسرعة تحريات الأمن العام حول الواقعة، التى اتهم الأهالى فيها قوات الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية فى الهواء، وتفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش، ويضيف «حسان»، أحد أعمام «طلعت»: «نحن نساعد الشرطة هنا، لكنها لا تريد مساعدتنا، المصدر الأساسى للمحافظة هو السياحة، ولن يكون فى صالحنا ما يحدث الآن، وما سوف يحدث إذا لم يُقدَّم المسؤولون عن قتله إلى المحاكمة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية