مفتاح شخصية الرئيس السيسى قد يكون مدخلاً للتعامل معه.. سواء داخلياً أو خارجياً.. وإذا أردت أن تتعرف على مفتاح شخصيته، فأنت قد تتوقف عند الصدق والشرف، لكنك لا يمكن أن تتجاهل قدرته على التحدى، وقدرته على الصمود.. والفارق كبير بين «التحدى» و«العناد».. السيسى مثلاً ليس من مدرسة مبارك، ولكنه مزيج من السادات بدهاء رجل المخابرات، وعبدالناصر بتحديه الواضح للغرب!
وقد أفادت مصر من هذه الميزة، فى بحر متلاطم الأمواج عالمياً.. أقصد «ميزة الصمود».. فقد تحمل السيسى ما لا يتحمله أحد على مدار عامين.. لا هو فرط فى الوطن، ولا هو تنازل عن حبة رمل.. والتحليل النفسى لأى خطاب يضع يدك على مصطلحات جديدة غير الصمود.. فقد قال بالأمس فى بورسعيد، إن مصر «تتحدى التحدى».. معناه أنه يضع يده على قدرات يعرفها، ويضع قدميه على أرض قد درسها!..
ويُحسب للسيسى أنه يعرف قيمة بلاده، فلم يتأثر بأى خطاب معاد لمصر أبداً، ولم يستسلم لأى محاولات تستهدف تركيعها، وقد مضى فى مسارين: الأول مسار الحرب على الإرهاب، والثانى مسار البناء، بنفس الروح القتالية.. يفعل ذلك بوعى شديد للمخاطر والتحديات.. يقول الرئيس «اللى إنتوا شايفينه ده بقاله شهرين، رغم إن قرار تنمية القناة من 2002، وبقول كده، عشان تتأكدوا إننا بنتحدى التحدى»!
وعندما التقى الرئيس مجلسه الاستشارى الأعلى، طلب رأيه فى عدة مسائل مهمة، فضلاً عن رأيه فى مواقف صعبة شهدتها مصر، خاصة بعد سقوط طائرة سيناء.. وكان أهم ما انتبه إليه العلماء «صمود الرئيس».. هؤلاء يقولون ما يرونه بكل حياد.. خاصة أنهم لا يسعون إلى شىء، ولا ينتظرون «عطاء» ولا «مناصب».. صموده هو الذى جعله يقف على الحدود بمعنويات قائد منتصر، وكل ما أمامه «لعب عيال»!
وحين طلب الرئيس أن نشرح للناس، ما يحدث من تنمية، لم يطلب أن نشرح أيضاً ما تتعرض له مصر من مخاطر.. الرئيس يقول «لازم تشرحوا للمصريين اللى بيحصل».. يقصد ما يحدث من تنمية، وكأنه يقول «أما الحرب على الإرهاب فأنا كفيل بها».. ولا ينسى أن يزرع الأمل، رغم أن مصر فى حالة حرب.. ولو كان هناك رئيس غيره، ربما حل المشكلة بكلمة واحدة «نحن فى حالة حرب، وابقوا قابلونى»!
مهم أن نعرف أننا فى حالة حرب فعلاً.. ومهم أيضاً أن نعرف أن العدو على الأبواب.. نحن نواجه معركتين: الأولى معركة فى الميدان.. الثانية معركة فى التنمية.. فأى تحديات تواجهها مصر؟.. وأى مخاطر تدق أبوابنا؟.. أتخيل ساعات لو كان البرادعى أو غيره من «الخيخة» على كرسى الرئاسة، فماذا كان يفعل؟.. هل كان يقضيها تويتات؟.. هل كان يعلن الحرب، أم «يترك البلاد»، أم يترك لهم سيناء ويستريح؟!
للأسف هناك من يتصرف كأننا فى ظروف عادية.. فلا هو مدرك أننا خرجنا من ثورتين، ولا هو مدرك أننا فى حالة حرب.. ومع ذلك نجح السيسى فى معركة التنمية.. وأهم من ذلك أنه حافظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه.. ومن الجحود ألا نقول له: شكراً.. ومن الظلم ألا نقول له: «تسلم الأيادى»!