عاماً تلو آخر، تتزايد درجات الحرارة باطراد، كنتيجة مباشرة لحرق الوقود الأحفورى الذى تنجم عنه زيادة تركيزات أكاسيد الكربون والكبريت والنيتروجين فى الهواء والتى تحبس مزيدًا من الحرارة فى الطبقة السفلى للغلاف الجوى، ما يؤدى للتأثير على المناخ، وتشير البيانات العلمية التى يجمعها العلماء حول العالم إلى وجود تأثيرات هائلة ومتنوعة بسبب التغيرات المناخية؛ قد تؤدى إلى نزوح ملايين البشر حول العالم، أو إصابتهم بأمراض قد ينجم عنها الوفاة.
وقالت منظمة الصحة العالمية فى تقارير عدة نشرتها على مدار الأعوام الماضية إن التغيرات المناخية لها تأثير بالغ على الصحة البشرية، فالارتفاع الطفيف فى درجة الحرارة العالمية والمُقدر بـ0.75 درجة مئوية تسبب فى تسارع معدل الاحترار، الأمر الذى أدى لذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع سطح البحر وتغير أنماط هطول الأمطار، وهو ما أثر بالسلب على المحددات الاجتماعية والبيئة الصحية، والتى تشمل الهواء النظيف والمياه المأمونة والمأوى الآمن والغذاء الكافى.
«الصحة العالمية»: نصف سكان العالم ستُدمر منازلهم
وأضافت أن ارتفاع درجات الحرارة تسبب فى حدوث وفيات، خصوصًا بين المسنين الذى يعانون من الأمراض القلبية والتنفسية، ففى موجة حر حدثت فى أوروبا عام 2003، سجلت البيانات حدوث 70000 وفاة إضافية، وتؤدى موجات الحر الشديدة، الناجمة عن التغيرات المناخية، إلى زيادة مستويات الأوزون والملوثات فى الهواء، علاوة على ارتفاع مستويات حبوب اللقاح ومُسببات الحساسية، الأمر الذى يجعل معاناة مرضى الربو -الذين يزيد عددهم على 300 مليون شخص حول العالم- أشد وطأة وأكثر ألمًا.
وبحسب المنظمة، تؤثر التغييرات المناخية فى أنماط سقوط الأمطار، وهو ما يؤثر بالسلب على إمدادات المياه العذبة حول العالم، ما يُمكن أن يلحق الضرر بالإنسان، فمع عدم توافر المياه الصالحة للشرب، قد يلجأ السكان لشرب المياه الملوثة؛ وهو الأمر الذى سيزيد من مخاطر الإسهال الذى يودى سنويًا بحياة 60000 طفل دون سن الخامسة، أما الفيضانات؛ التى تتزايد وطأتها كل عام؛ فتتسبب فى تلوث مصادر المياه العذبة، وتزيد من مخاطر الأمراض المنقولة بالمياه، وتهيئ أرضًا خصبة للحشرات، مثل البعوض، المُسبب الرئيسى لمرض الملاريا الذى قتل نحو 438000 العام الماضى فقط.
وأوضحت المنظمة أن نحو نصف سكان العالم يعيشون على مسافة لا تتجاوز 60 كيلومترًا من البحر، وستؤدى ارتفاعات مستويات سطح البحر إلى تدمير المنازل والمرافق الطبية والخدمية، مما يزيد مخاطر حدوث مجموعة من الآثار الصحية الجسيمة، والتى تتراوح بين الأمراض الوبائية والاضطرابات النفسية.
وسيفضى تغير المناخ، حسب منظمة الصحة العالمية، إلى نحو 250000 ألف وفاة إضافية ما بين عامى 2030 و2050، وأضافت المنظمة أن ارتفاع معدلات الوفاة سيأتى جراء سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحرارى، مشيرة إلى أن تكاليف الأضرار المباشرة على الصحة ستتجاوز 4 مليارات دولار سنويا بحلول عام 2030.
وتقول المنظمة إن تأثيرات تلك التغييرات ستطول كافة البشر، إلا أن سكان الدول النامية الجزرية الصغيرة وسكان المناطق الساحلية والقطبية سيكونون أسرع تأثرًا من غيرهم.