يأبى الزمن إلا أن يغرس خناجر الصمت الأسود فى خاصرة الأمل الراقد على صدر الصبر.. وكأننا والمستحيل توأمان ملتصقان هائمان فى عالم الخرافة والأساطير، المبنى تحت الزمان والمكان فى قاع مزروع بفتات حضارة، ومحض بطولات انتهت صلاحيتها كتلك الجامعة مهترئة القرارات.. هزيلة المواقف.. المتعكزة على ثمّة أمجاد، زحف إليها السوس فتهاوت على طريق مرصوف بالفشل والمكابرة والهلامية المتشكلة على أهواء المرحلة ومزاجية صنّاع القرار..
والخطوات المثقلة التى خانت أمين عام جامعة نخرها سوس الكسل واللا مبالاة، من أن يتحرك من مكانه ليلحق برئيس الوزراء التركى «أردوجان»، الذى ضرب أروع مَثل فى الكرامة حين انسحب من منتدى «دافوس» الاقتصادى، خلال مناقشة أحداث غزة، متحديا الغرور الإسرائيلى المتمثل فى «بيريز» والهوى الصهيونى المسيطر على أجواء ذلك المنتدى، مما جعله يغادر الجلسة غير آبه بشىء سوى الكبرياء والثقة فى تحجيم الغرور الإسرائيلى والمبادئ الإنسانية التى تبنتها تركيا منذ أول لحظة لانفجار الأحداث.
سيدى الأمين..
أين وشاحك القومى، الذى أعمى بريقه عيون التخاذل والمساومة؟ أين ذلك المتخايل شموخا قوميا فى ساح التحديات؟ أين ذلك الذى كنت شاهدة على موقف الإسكندرية حين انتفضت عروبته وهو يبلغ فى المطار بتأخر أولبرايت القادمة من إسرائيل عن موعدها ليعود على هودج الكرامة ويبعث من ينوب عنه لاستقبالها؟
أين عمرو موسى من قمة الدوحة وهو رب الأسرة العربية والمخوّل بجمَع شتاتها؟
.. أين؟ وهل للفروسية صلاحية وتاريخ انتهاء؟ كيف ونحن أمة لا تعترف بانتهاء صلاحية.. وشعوب تترعرع وتدب بها الحياة حين تتناول كل ما هو منتهى الصلاحية وكأنه مضاد حيوىّ..؟
الأنظمة فقط لا تدخل فى هذه المنظومة.. فصلاحيتها تتجدد بالحب والوفاء المبنىّ فى نواة الخلايا وخارجها بالعِشرة والذكريات والتعود.. فكيف لا، وهى أول صورة كحّلنا بها نواظرنا حين تلقفتنا أحضانها الدافئة قبل أحضان آبائنا عند الميلاد!
كيف نخضعها لتاريخ أو صلاحية وهى بمقام الآباء والأجداد والحضارة المحفورة على جبين الزمن..؟
إلا.. هل من فارس قادم على صهوة جواد أسطورىّ يلملم أوراق التوت المتناثرة على أرصفة الخوف؟