للانتخابات فى مصر فرحة كبرى.. كان هناك، للأسف، مَن يريد أن يطفئ هذه الفرحة.. هؤلاء معروفون لنا الآن بوضوح شديد.. كان منهم مَن يُحرّض على المقاطعة، ومنهم مَن يُحرّض على الإرهاب.. لم يُفلحوا هنا ولا هناك.. فى كل صورة انتخابية هناك رسالة لا تخطئها العين.. خاصة عندما تتوقف أمام صورة الرئيس السيسى، والمستشار عدلى منصور، والمهندس محلب.. أنت أمام رجال دولة بمعنى الكلمة!
من حقك أن تعقد المقارنات بين الصور التى رأيتها بالأمس، وغيرها من الصور التى رأيتها من قبل.. هناك فارق كبير جداً.. الآن تشعر بهيبة الدولة.. رئيس جمهورية تطمئن إليه، ورجال حوله تثق بهم.. الذين أدلوا بأصواتهم عبروا عن هذه المشاعر، بكلمة، أو دعوة، أو زغرودة.. هؤلاء لا يرتبطون مع الرئيس بأى علاقات عمل، لكنهم يتابعون نشاطه للوطن، ويقولون إنهم جاءوا ينتخبون من أجل «السيسى»!
لا تتصور أن البلد ماشية بالبركة، أو أنها فى «الطراوة».. ربما تظن ذلك أحياناً.. لكنها غير ذلك تماماً، ففى الوقت الذى تتصور فيه أن البلد ضايعة، وتعيش انفلاتاً كبيراً، هناك مَن يمسكها أن تقع أو تضيع.. هناك دولة تتحرك.. رأينا بعض رجالها بالأمس.. لكن يبقى الجزء الأكبر لا تراه، ويعمل خلف الكواليس.. هؤلاء هم مَن ضبطوا البلاد بعد ثورة يناير.. تحملوا حتى لا تتفتت أو تتفكك، مثل بلدان مجاورة!
تذكرت كل هذا، وأنا أطالع ماراثون الانتخابات، أمس.. أشعر أننى مغرم بقراءة الصور.. يعنى صورة السيسى، أمس، غير صورته فى مناسبات أخرى.. وصورته أثناء توقيع المفاعل النووى، غير صورته بعد سقوط طائرة روسيا، أو المؤتمر الصحفى مع ديفيد كاميرون، عقب سحب الرعايا الإنجليز.. إحساس بأن مصر تقترب من إنجاز خارطة الطريق، وتقطع المائة متر الأخيرة.. المعنى أن مصر تُقدم نفسها من جديد!
وإذا كنت توقفت مثلى أمام الصورة الأهم، والرئيس يعطى صوته لأول مرة، فلابد أنك تساءلت عن السيدة التى كانت تقف خلف الرئيس.. إنها رئيس لجنة مصر الجديدة، القاضية مروة، ابنة النائب العام الشهيد هشام بركات.. هل هذه الصورة جاءت صدفة؟.. وهل اختيار القاضية مروة لهذه اللجنة صدفة؟.. أم أنها رسالة؟.. هذا ما أعنيه بأن هناك دولة تتحرك، وتضبط الإيقاع، وترسل رسائلها لابن كل شهيد!
الصحف اهتمت بأن تكتب اسم عدلى منصور بأنه الرئيس السابق.. نقلت تصريحه باهتمام كبير.. تقارير صحفية ذكرت أن رئيسين صوّتا، وآخرين أحدهما فى المستشفى، والثانى فى السجن.. عندنا تداول سلطة حدث بالثورة، وآخر حدث بانتقال سلمى للسلطة عبر الانتخابات.. توقفت أمام صورة عدلى منصور.. تساءلت: هل يقبل أن يرأس البرلمان؟.. قال بنفسه: من المبكر هذا الكلام.. أما أنا فقد استبعدت الحكاية!
خطأ كبير أن يدّعى البعض تقسيم تورتة البرلمان، قبل الانتهاء من الانتخابات.. جريمة فى حق الشعب والثورة.. معناها أن الحكاية تمثيلية.. معروف مقدماً رئيس المجلس والوكيلان ورؤساء اللجان.. غير صحيح.. الصحيح أنه مجلس مهم أفرز أسماء سياسية جديدة، لم تكن تدخل المجلس، ذات يوم، إلا بثورة (!)