قال الدكتور هانى سرى الدين، الخبير القانونى والاقتصادى، إن أزمة النقد الأجنبى التى تعانى منها البلاد حالياً تؤثر على القرارات الاستثمارية الجديدة، لأن حسابات عوائد الاستثمار وحسابات التكلفة الاستثمارية تتأثر بشكل كبير بعدم استقرار سعر الصرف وعدم وضوح سوق النقد. وأضاف، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن قرارات البنك المركزى كانت تستهدف ضخ الدولارات فى القطاع الرسمى المصرفى، لكنها ساهمت فى الانكماش الاقتصادى، مؤكداً أن حجم تصديرات السلع الغذائية فى مصر زاد بنسبة لا تقل عن 20%، وانخفضت عائدات التصدير بما لا يقل عن 40% نتيجة انخفاض الأسعار العالمية. وإلى نص الحوار:
■ ما الإجراءات التى يمكن أن تقوم بها الحكومة للسيطرة على الوضع الاقتصادى الحالى؟
- يجب اتخاذ حزمة عاجلة من الإجراءات، منها الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية لدعم الاحتياطى الأجنبى، بالتزامن مع إجراءات إصلاحية جذرية لفتح الاستثمارات وتدفقاتها، وتقييد الاستيراد لمدة ستة أشهر، والوفاء بأكبر قدر ممكن من طلبات الاعتمادات المستندية. بالإضافة إلى الإصلاح الهيكلى للنظم الضريبية والجمركية، والحلول العاجلة للأزمات البيروقراطية، مع توفير مخزون جيد من السلع الضرورية والأساسية للحد من التضخم، يمكن أن يسمح بإطلاق سراح الجنيه والدولار، ومن ثم رفع قدرة مصر التصديرية وقدرتها على التنافسية.
■ وما توقعاتك لأداء البورصة الفترة المقبلة، وكيف ترى وضعها حالياً؟
- أنا متفائل لأن البورصة ستتعافى، لكن قيمتها لاتزال ضعيفة رغم أدائها الجيد، خاصة فى بعض القطاعات مثل العقارات، ونستطيع أن نقول إن البورصة مرآة للوضع الاقتصادى، وهى تعانى الآن من مشكلة السيولة النقدية، وتتأثر بعدم توفر العملة الأجنبية، ويعد عامل ضغط عليها، وكذلك عدم استقرار الوضع الاقتصادى أحياناً فى عدد من القطاعات، وبعض السياسات المالية والمصرفية، مثل ارتفاع عائد الودائع مؤخراً الذى سيؤثر بالطبع على سوق التجزئة بشكل سلبى، لكنه سيكون إيجابياً عند حدوث انتعاشة، والبورصة تأثرها لحظى، فمجرد خبر سيئ يكون له تأثير مباشر على الوضع الاقتصادى، والاستثمار طويل الأجل يؤثر فى نفس اللحظة ونفس اليوم على البورصة، ويستغرق أسابيع حتى تتعافى مرة أخرى.
■ هل ترى أن أزمة النقد الأجنبى التى نعانى منها حالياً يمكن أن تكون مؤثرة على قرارات المستثمرين؟
- لا يجب أن نضع رؤوسنا فى الرمال، بالطبع تؤثر على القرارات الاستثمارية الجديدة، وبالذات لمن يدخل فى المشروعات الجديدة، لأن حسابات عوائد الاستثمار وحسابات التكلفة الاستثمارية تتأثر بشكل كبير جداً بعدم استقرار سعر الصرف وعدم وضوح سوق النقد، لأن المستثمر لا يستطيع حساب التكلفة على أساس سعر عملة تتغير بشكل مستمر، ومدى إمكانية فتح اعتمادات مستندية لمشروعاته، كل هذه عوامل قد لا تؤثر على كل المستثمرين بنفس الدرجة، لكننا لا نستطيع أن ننكر تأثيرها السلبى.
■ هل سياسات البنك المركزى هى المسؤولة عن أزمة النقد الأجنبى؟
- أزمة الدولار وشحه فى السوق ليست مسؤولية البنك المركزى، بل هى نتيجة للوضع الاقتصادى وسوء إدارة ملفاته، وقرارات البنك المركزى كانت تستهدف ضخ الدولارات فى القطاع الرسمى المصرفى، لكنها فى الحقيقة ساهمت فى الانكماش الاقتصادى، إلا أن هذه القرارات ليست السبب الرئيسى فى المشكلة، فانخفاض الاستثمارات والتدفقات النقدية الأجنبية، وانخفاض عائد السياحة، وانخفاض عوائد التصدير كلها وراء الأزمة.
■ لماذا تأثرت الصادرات المصرية، رغم أن انخفاض قيمة الجنيه يزيد من تنافسيتها فى الأسواق الخارجية؟
- التصدير تأثر سلباً لسببين: الأول غلق عدد من المصانع وانخفاض إنتاجية البعض الآخر نتيجة صعوبة استيراد مستلزمات الإنتاج، وانعدام الدعم الحكومى، والسبب الثانى انخفاض قيمة العملات الأجنبية، خاصة اليوان الصينى واليورو، ما أدى إلى اشتعال المنافسة، فحجم تصديرات السلع الغذائية فى مصر زاد بنسبة لا تقل عن 20% وانخفضت عائدات التصدير بما لا يقل عن 40% نتيجة انخفاض الأسعار العالمية.
■ الجهاز الإدارى للدولة مكبل بعدد كبير من المديرين والقيادات الوسيطة، هل يمكن إصلاحه؟
- آن الأوان لإعادة الهيكلة التى تتطلبها أى عملية إصلاح حقيقية، وهناك خبرات جديدة فى القطاع البنكى والمصرفى، شابة وغير شابة، وحدث ازدواج بين الخبرات، وأصبح له استراتيجية ورؤية أوضح، وانعكس ذلك على الأداء ونرى ثماره حالياً، ونفس الشىء حدث فى قطاعات أخرى مثل قطاع سوق المال، فتطوير الجهاز التنفيذى للدولة ينعكس إيجابياً على القطاع الخاص وعلى أجهزة الدولة الأخرى المرتبطة به، وموجة الإصلاح هذه لا يمكن عملها فى 6 أشهر أو فى سنة، ولكن نحتاج إعطاء أولوية لعدد معين من القطاعات، مثل القطاعات الخدمية للحكومة، والمحليات، والقطاعات المملوكة للدولة بشكل غير مباشر مثل قطاع البريد.
هانى سرى الدين الخبير القانونى والاقتصادى:
دعم الاحتياطى يتطلب الاقتراض من صندوق النقد