x

مساحات تعاطف غربي مع المسلمين بعد هجمات باريس.. تغريد خارج سرب الـ«إسلاموفوبيا» (تقرير)

الأحد 15-11-2015 18:13 | كتب: صفاء سرور |
تأبين ضحايا هجمات باريس، حيث سقط أكثر من 120 قتيلًا جراء إطلاق نار وانفجارات استهدفت مناطق متفرقة في العاصمة الفرنسية، 14 نوفمبر 2015. تأبين ضحايا هجمات باريس، حيث سقط أكثر من 120 قتيلًا جراء إطلاق نار وانفجارات استهدفت مناطق متفرقة في العاصمة الفرنسية، 14 نوفمبر 2015. تصوير : وكالات

لاقت فرنسا، في أعقاب الهجمات الإرهابية المتزامنة التي استهدفت، مساء الجمعة، مناطق متفرقة في قلب عاصمتها باريس، تعاطفًا دوليًا على المستويات الرسمية والشعبية والإعلامية، بل وفي العالم الافتراضي كما كان في خيار تلوين صورة «بروفايلات» موقع «فيسبوك» بألوان العلم الفرنسي، في وقت أعلن البعض فيه تبرئة ذمة الإسلام ونفسه كأحد أتباع هذا الدين من هجمات أسقطت 129 قتيلاً و352 مصابًا، ردًا على بعض آخر غربي شرع في مهاجمته.

في العالم الافتراضي، تحول «هاشتاج» بعنوان «المسلمون ليسوا إرهابيين»، صباح الأحد، إلى الـ«تريند» الأول في مصر على «تويتر»، والذي حفل بتدوينات من مستخدمين عرب، بلغتهم إلا قلّة من العبارات كُتِبَت بالإنجليزية، تؤكد الإدانة للفعل الإرهابي، في الوقت الذي حفل الهاشتاج نفسه بالإنجليزية «MuslimsAreNotTerrorists» بتدوينات تحمل الرأيين المتخاصمين، المبرئ والمدين للإسلام وأتباعه.

بعيدًا عن نشاط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» من المسلمين والعرب، نشرت وسائل إعلام غربية موادًا منها ما تناول طبيعة الإسلام نفسه كدين «لا يزكّي العنف»، ومنها ما تناول ردود فعل المسلمين أنفسهم الاستنكارية، بل وعرض أحدها مأساة المسلمين ومعاناتهم في أعقاب كل حادث إرهابي، وكان من هذه المواد الإعلامية التي تخالف ما يرد على ألسنة فريق الـ«الإسلاموفوبيا» ما ورد في «الإندبندنت» البريطانية وموقعها الترفيهي «I100»، وكذلك «هافنجتون بوست».

«هافنجتون بوست» تنقل «مأساة سائق مسلم»

وجدت معاناة سائق مسلم في أعقاب هجمات باريس، طريقها للنشر، في موقع «هافنجتون بوست» الأمريكي، عبر تقرير عنوانه «رسالة دعم على الإنترنت للمسلمين بعد هجمات باريس»، يحكي ما تفاجئ به شاب يدعى أليكس مالوي عندما استقل تاكسي في حي مانهاتن بولاية نيويورك بعد ساعات من الهجمات الإرهابية في باريس.

«شكرًا» قال السائق لـ«مالوي»، (23 سنة)، الذي لم يفهم سبب الشكر، لتفتح بينهما، محادثة في دقائق وصفها بأنها «من الأكثر إيلامًا بين كل ما اختبره في حياته»، حيث عرف أن شكر السائق الذي يناظره في العمر مبعثه أنه «أول زبون يستقل التاكسي منذ ساعتين»، حيث رد السائق السبب إلى «تخوف وشك الناس فيه كمسلم»، وهو ما دعا الشاب الأمريكي لمشاركة القصة مع أقرانه على «تويتر» و«فيسبوك».

تقرير في هافنجتون بوست عن سائق مسلم

«بكي طيلة الطريق، وأبكاني. ظل يردد (الله، ربي، لا يزكيّ تلك الأمور! يعتقد الناس أنني جزء مما يحدث بينما أنا لست معه. لا يريد أحد استقلال سيارتي لأنهم يشعرون بعدم الأمان، أنا عاجز حتى عن أداء عملي»، يحكي مالوي عن الرجل الذي دفعته مأساته للحديث عمن يتذرّعون بجرائم الإرهابيين للتعميم على كل المسلمين.

«من فضلكم، توقفوا عن القول إن المسلمين هم المشكلة، هم ليسوا كذلك، بل إنهم يشعرون بأنهم الأكثر تأذيًا، هم خائفون» كتب «مالوي» عبر حساباته الشخصية، ويكتب «هم أشقائنا وشقيقاتنا في الإنسانية. كلنا بشر، وهم يستحقون منا الاحترام والاهتمام والحماية. من فضلكم، توقفوا عن رؤية هؤلاء البشر الرائعين كأعداء، لأنهم ليسوا كذلك»، وهي الكلمات التي لاقت تأييد لوجهة نظره، بدا في إعادة نشر ما كتب لعدد بلغ في الرابعة والنصف عصر السبت حوالي 30 ألف مرة، كما جائت الردود عليه في أغلبها عاطفية وداعمة.

مقال بـ«الإندبندنت»: «داعش تنتسب لأي شيء إلا الإسلام»

أفردت «الإندبندنت»، على موقعها الإلكتروني، مساحة لمقال كاتب مسلم يدعى مقداد فيرسي بعنوان «هجمات باريس: كمسلم.. أشعر بالاشمئزاز من انتهاج داعش للعنف وادعائه بأنه يمثل عقيدتي»، كانت صورته الرئيسية لتجمع تضامني مع ضحايا الهجمات، تقف في صفوفه فتاة محجبة تحمل الزهور، واستهله بالحديث عن رد الفعل العالمي على الهجمات، والذي اتسم بـ«الاستنكار والصدمة والألم لسقوط ضحايا» للهجمات، حتى ممن لم تمسهم بصورة مباشرة، وسرعان ما انتقل إلى الحديث عن المسلمين.

«كمسلم، لا أشعر بالصدمة فقط من الشر والمذابح التي طالت الأبرياء، بل وبالغضب من كون فاعليها يرتكبونها بناءً على فهم مضلل ومشوه لمعتقداتي».. يقول مقداد الذي يعمل مع عدد من الهيئات الإسلامية غير الحكومية في المملكة المتحدة، غير مخفيًا قلقه من احتمالية أن يحاول البعض استغلال الهجمات في تقسيم المجتمع البريطاني، واعتبارها حجة لشن هجمات على المسلمين «كما وقع، في وقت باكر من العام، بعد هجمات شارلي إيبدو».

مقال لكاتب مسلم في الإندبندنت عن جرائم الجماعات الإرهابية

ونبه «فيرسي» إلى ضرورة التحلي باليقظة في ظل هجوم طال الدين الإسلامي وأتباعه في أعقاب الهجمات الإرهابية لـ«داعش»، سواء في العالم الافتراضي بتدوينات تساويه بـ«النازية»، أو على الأرض بصياح رجل في محطة أتوبيس في وجه امرأة مسلمة، مطالبًا بـ«الموت للمسلمين»، وغيرها من أحاديث غير مؤكدة تتردد عن الهجمات لدرجة دعت بعض آباء لمطالبة بناتهن بخلع الحجاب خوفًا من التعرض لهجوم، كان سببًا في أن ترفض سيدات بينهن زوجته مغادرة المنزل في الساعات التالية للهجمات.

وذكّر «فيرسي» بما تعرضت له دول عربية، مثل لبنان والعراق واليمن، من هجمات تبناها التنظيم «الذي يمكن نسبه لأي شئ خلاف الإسلام»، كما نقل حقيقة أنه لم يعد أمام المسلمين خيارًا سوى أن يكون صوتهم مسموعًا، مع التزامهم واضطرارهم كل مرة لتبرئة أنفسهم والدين من شبهة أن تكون تلك الأفعال الإرهابية ممثلاً لهما.

واستعرض الكاتب قائمة من إدانات المسملين للأفعال الشريرة، منها ما صدر في صورة بيان عن منظمات مثل «المجلس الإسلامي البريطاني»، ومنها ما تجاوز الكلمات بتحركات تجمعات إسلامية في نواحٍ مختلفة بمسيرات ووقفات تضامنية بعد ساعات معدودة من الهجمات.

الإجابة في «i1oo».. «هل يزكّي الإسلام العنف؟»

وفي «i100» الموقع الترفيهي التابع لـ«الإندبندنت»، نُشر تقرير معنون بعبارة «أفضل إجابة على سؤال (هل يزكّي الإسلام العنف؟)، افتتحته بالتذكرة بما وقع مطلع 2015 من هجوم على مجلة «شارلي إيبدو» وسوبرماركت رجل يهودي، وكيف انتحب العالم على القتلى، وإن ألقى العديد سريعًا باللوم على «الوجهة الخطأ».

وذكرت «i100» أنه مع كل مرة ترتكب جماعة جهادية إرهابية مجزرة، تتعالى الأصوات المطالبة المسلمين بالاعتذار عن أفعال قلة «مختّلة»، وأنه في أعقاب هجمات باريس تصاعدت مشاعر كراهية للمسلمين وحشود اللاجئين «الذين فروا من البرابرة أنفسهم»، في إشارة للتنظيم الإرهابي.

وأشار الموقع إلى أنه في كل مرة يقع حادث إرهابي، يُطرح السؤال نفسه حول ما إذا كان الإسلام «يزكّي العنف»، وذكرت إجابة من الأكاديمي بجامعة كاليفورنيا رضا أصلان، على هذا السؤال في سبتمبر الماضي خلال حلقة ناقشت فيها شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية قضية ختان الإناث في الدول المسلمة.

تقرير في موقع i100 عن الإسلام

ونقل «I100» الإجابة، التي اعتبرته بها رسخ لاستحالة التعميم على كل المسلمين، ونصّها «هذه هي المشكلة. نحن هنا لا نتحدث عن المرأة في العالم الإسلامي، ونستخدم بلدين أو ثلاث فقط لنبرر التعميم، وهذا في الواقع تعريف التعصب. المشكلة أننا نتحدث عن دين يعتنقه مليار ونصف المليار شخص، إلا أنه أصبح من السهل جدًا وصمهم بنفس الصفات السيئة، فمثلاً (محظور على نساء المملكة العربية السعودية القيادة) فنقول إن هذا يمثل الإسلام، في حين أنه لا يُمثل إلا السعودية».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية