قال الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية السابق، إن الرئيس المعزول، محمد مرسي، «مزق البلاد إربًا»، وذلك في حديثه مع صحيفة «Schweiz am Sonntag» السويسرية.
ونفى البرادعي في حواره المنشور على موقع الصحيفة السويسرية، السبت، إمكانية تزوير الانتخابات البرلمانية التي تشهدها مصر.
وبدأ البرادعي حديثه برؤيته للعالم في ظل وجود أسلحة نووية، وذلك بكونه قد تولى إدارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية حتى عام 2009.
وقال البرادعي إنه لا يزال هناك 16 ألف رأس نووي في العالم، معتبرًا أن «هناك أسلحة نووية في أيدي المجانين»، مبديًا خشيته من «كارثة» عند إطلاقها سببها «خطأ في الكمبيوتر» نظرًا لجاهزية 2000 من تلك الرؤوس للانطلاق.
وتحدث عن تنظيم داعش، قائلًا إنه «منظمة محترفة جوهرها يأتي من جيش الرئيس العراقي السابق، صدام حسين»، لافتًا إلى أن تمويل ذلك التنظيم يعود إلى أنه «يسيطر على مساحة أكبر من بريطانيا العظمى»، معتبرًا أن تلك المنطقة «مربحة للغاية مع ودائع النفط».
وذكر البرادعي أنه «لا يرى نهاية لصعود داعش» حيث يجند التنظيم نحو 30 ألف مقاتل ينتمون لأكثر من 100 دولة.
واعتبر البرادعي أنه «لا يمكن أبدا هزيمة داعش عن طريق الضربات الجوية»، مشددًا على أن الأمر يتطلب تدخلًا من القوات البرية، مبررًا الأمر بمعيشة مقاتلي التنظيم في القرى والبلدات وسط السكان المدنيين.
وقال البرادعي إن المجتمع الدولي ليس لديه استراتيجية لوقف تفكك سوريا، مضيفًا أن العمل العسكري الدولي في سوريا بحاجة إلى تفويض من مجلس الأمن الدولي، مشيرًا إلى أن روسيا لديها حق النقض «الفيتو»، وهو ما يجعل الأمم المتحدة «مشلولة تمامًا» بسبب تلك الخطوة.
واعتبر أن «فشل الأمم المتحدة هو القاتل، فكل يوم أبرياء يموتون»، لكنه أضاف أنه لا حل في الشرق الأوسط دون روسيا وإيران، التي تدعم «حزب الله» والقوات البرية للرئيس السوري، بشار الأسد.
وعن أزمة اللاجئين، قال إن أوروبا ليس لديها الثقل الدولي فيما يتعلق بهذا الأمر، مطالبًا سويسرا بأن تكون نشطة بجانب النمسا والسويد، موضحًا أنها فرصة تاريخية لهذه البلدان، كون الأمم المتحدة غير قادرة والقوى العظمى الولايات المتحدة وروسيا ليست ذات مصداقية لأنها تعمل في الشرق الأوسط بـ«سياسة مصلحة واضحة».
كما اعتبر أن الاتحاد الأوروبي «مشلول تمامًا ومُقسم»، حسب تعبيره، مشددًا على أنه لا يبالغ في تقدير وزن سويسرا الصغيرة على الساحة الدولية، «فهي لديها التقليد الإنساني، وهي ذات أهمية دولية، كمؤسس للصليب الأحمر والحكومة بصفتها المؤتمنة على اتفاقيات جنيف، فإنه- بالتزامن مع حيادها- مقدر للمبادرة، في الوقت الراهن على وجه الخصوص في الصراع السوري، جنبًا إلى جنب مع دول أخرى محايدة يمكن أن تتخذ خطوة أولى. هناك فراغ يمكن أن تملأه سويسرا».
وأكد أن المشكلة لن تحل في غضون بضعة أيام، موضحًا: «هذه العملية تستغرق وقتًا، لكنه لابد أن نبدأ من جديد. على مر التاريخ كانت هناك مؤتمرات كبرى دائما: في عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى، كان مؤتمر باريس للسلام، واستمر نحو عام. أيضًا لإنهاء حرب الثلاثين عامًا، في القرن الـ17، استغرق الاجتماع الذي استمر فترة طويلة، ولكن أدى إلى سلام، وفي بداية القرن الـ19 كان هناك مؤتمر فيينا، واتخذ عامًا تقريبًا، اليوم لديك الفرصة لجلب جميع المشاركين وجميع المواضيع في مؤتمر للتحدث مرة أخرى، حتى لو كان هذا يستغرق عامين أو ثلاثة أعوام».
وانتقل الحوار للحديث عن الربيع العربي، الذي وصفه البرادعي بأنه «اتخذ تطورًا مخيبًا للآمال، ليس فقط في مصر، لكن الانتقال إلى الديمقراطية لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها، فإنه يحتاج للصبر، فعلى مدى عقود عاش هؤلاء الناس في الأنظمة الاستبدادية، وكان الأمر كذلك في أوروبا: حتى بعد الثورة الفرنسية، تم إنشاء جمهورية ديمقراطية، واستغرق الأمر 90 عامًا»، مضيفًا أنه «يمكن للمرء أن يلاحظ مرارًا وتكرارًا أنه في تاريخ العالم، بعد سقوط الملوك والطغاة، أولًا تأتي مرحلة صعبة جدًا ودموية في بعض الأحيان».
وقال البرادعي إن «مصر تمر بمرحلة صعبة» و«الواقع كما هو»، معتبرًا أن الأمر ذاته ينطبق على سوريا وليبيا واليمن.
وأعتقد أنه «فقط في تونس، هناك أمل للديمقراطية، بفضل أن الطبقة الوسطى هي الأكبر، وتشكيل الناس على نحو أفضل، والقوى الإسلامية هم أكثر ليبرالية من أي مكان آخر في العالم العربي».
وتحدث البرادعي عن الانتخابات البرلمانية، نافيًا إمكانية تزويرها قائلًا: «هذا ليس من الضروري، لأن النظام الانتخابي وتقسيم الدوائر يضمنان أن المعارضة لا توجد لديها فرصة لصالح مرشحين من عهد مبارك القديم، وأتباع الرئيس السيسي والناس الذين لديهم المال»، حسب تعبيره.
واعتبر أن قوة جماعة الإخوان المسلمين لا يمكن التكهن بها اليوم في رأيه «نظرًا لأن ما حدث بعد سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك كان بفضل كونها القوى المنظمة الوحيدة في حالة من الفوضى» مؤكدًا أن الإخوان لم يكونوا الأغلبية من السكان، في إشارة لمشاركتهم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية بعد ثورة 25 يناير.
وانتقل البرادعي للحديث عن الرئيس المعزول محمد مرسي، ردًا على سؤال «إذا ما كان صحيحًا أن الجيش أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيًا»، قائلًا: «مرسي استقطب المجتمع المصري بشكل كبير، كون ذلك خطأً كبيرًا له بعد انتخابه، وقاد البلاد مع طائفة، وإذا كان قد تصرف كرئيس للبلاد كلها، لكان قد بقي في السلطة»، مضيفًا أن «مرسي مزق البلاد إربًا».
واختتم حديثه للصحيفة السويسرية بأنه «مازال متفائلًا، بفضل الشباب المنفتحين في جميع أنحاء العالم، وذلك بفضل شبكة الإنترنت. لم يعد لديهم نفس الأحكام المسبقة كما الأجيال السابقة، ويعرفون أفضل عن بقية العالم أكثر من أي جيل قبل ذلك، والتقدم التكنولوجي والعلمي هو الذي يضع الأساس من أجل عالم أفضل».