x

ياسر أيوب الدم فرنسى.. والدرس مصرى ياسر أيوب السبت 14-11-2015 21:14


رغم أنها كانت مباراة ودية.. إلا أن الرئيس الفرنسى، فرانسوا أولاند، حرص شخصياً على الذهاب إلى استاد دو فرانس ليشاهد مباراة منتخب بلاده أمام ألمانيا، أمس الأول.. لم يكن من عادة الرئيس الفرنسى، رغم كونه لاعبا قديما وعاشقا دائما لكرة القدم، وربما أى رئيس آخر أو رئيس حكومة أو ملك، حضور مثل هذه المباريات الودية.. لكن أولاند حرص على الذهاب، ربما بحثاً عن قليل من المتعة الكروية هرباً من أشواك السياسة وقيودها وهمومها.. أو للاطمئنان على أحوال واستعداد منتخب بلاده التى تستضيف نهائيات أمم أوروبا العام المقبل، وستفتتحها فى نفس هذا الاستاد..

وعلى الرغم من فوز فرنسا بهذه المباراة بهدفين نظيفين إلا أن الرئيس لم يكن حاضراً ليشهد النهاية والانتصار.. إنما اضطر للذهاب إلى وزارة الداخلية بينما بقى جمهور المباراة محبوساً داخل الاستاد ساعات طويلة بعدما توالت انفجارات أدمت باريس وأوجعتها.. انفجارات بدأت فى استاد دو فرانس، غير احتجاز العشرات كرهائن داخل قاعة باتاكلان للحفلات كانوا يشاهدون إحدى الحفلات الموسيقية ومات الكثيرون منهم بعد تدخل الأمن الفرنسى..

وعاشت باريس أمس الأول ليلة الرعب والصدمة والأسر والدم والموت.. نفس الطعم المالح ومرارة القلب والعقل يذوقها الفرنسيون بعدما حل عليهم الدور مثل كثيرين غيرهم سبقوهم لنفس الملح والمرارة.. وكل ما أرجوه الآن هو أن نكون قد تعلمنا ولو القليل جدا من الكثير الذى جرى لنا وفى بلادنا.. وأول ما ينبغى تعلمه وإدراكه هو ألا يخرج أحدنا شامتاً أو ساخراً من فرنسا أو أوروبا والعالم كله.. فنحن لا ننتبه أبداً إلى وقاحتنا ولامبالاتنا بمشاعر الآخرين وجروحهم مثلما دعونا أنفسنا للاحتفال فى شرم الشيخ والسياحة والغناء ونسينا أننا هناك نرقص على جثث 227 قتيلاً روسياً دون أى اكتراث بمشاعر أهلهم ووطنهم ورئيسهم.. كما أنه ليس بمثل هذه الرحلات والحفلات والاستعراضات الإعلامية والغنائية الساذجة والحمقاء نداوى جروحنا ونواجه أزماتنا.. ومن المفروض أيضا أن نكون أكثر ذكاء من الإصرار الغبى على تنبيه العالم وتذكيره طوال الوقت بما جرى فى بلادنا للطائرة الروسية، وكأننا نتمنى ألا تشغله حوادث باريس عما جرى فى مصر.. فنبقى نتحدث عن الطائرة وأزمة السياحة وأوجاع شرم الشيخ كأننا نخاف أن ينسى ذلك العالم حولنا.. كما أنه من الضرورى أن يعتذر الآن وفوراً كل من صدعنا طيلة الأيام القليلة الماضية بمؤامرات الغرب ضدنا..

فلا أحد يتآمر علينا أو مشغول بكراهيتنا لكننا نحن الذين نكره بلادنا أحيانا ونصبح كالدبة التى تقتل صاحبها من فرط حبها والخوف عليه.. وأخيرا لابد أن نتعلم أنه ليس من الضرورى الإسراع بتوجيه الاتهام لأى طرف قبل البحث والتقصى والتحقيق الدقيق.. والأهم من ذلك كله أن نرى كيف تتوحد الشعوب مع حكوماتها وأمنها وجيشها أمام أى خطر أو تهديد أو إرهاب.. وافتحوا صفحات فيسبوك وتويتر الفرنسية ولن تجدوا أى شتائم أو سخرية أو استعراض بمعلومات حمقاء أو خفة دم ونكات لا يضحك عليها أى أحد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية