x

اللاجئون السوريون في مهب الريح عقب هجمات باريس: جنة أوروبا التي انقلبت نارًا

السبت 14-11-2015 18:38 | كتب: أحمد حمدي |
اللاجئون اللاجئون تصوير : آخرون

أيام بطعم المر تبدو تلوح في الأفق بالنسبة للاجئين السوريين في أوروبا، عقب الهجمات التي وقعت، مساء الجمعة، في باريس، والتي أسفرت عن أكثر من 120 قتيلًا، خاصة بعد الإعلان عن العثور على جواز سفر سوري بجوار جثة انتحاري قرب «استاد دو فرانس»، حيث نفذت إحدى العمليات الإرهابية، وفي ظل نبرة العداء المتصاعدة في أوروبا، لا يبدو أن القادم سيكون أفضل، فيما بدأت ملامح المستقبل تتضح مع أول ردود الفعل على الهجمات، حين اشتعلت النيران، في الدقائق الأولى من صباح السبت، في مخيم للاجئين بكالي، شمال فرنسا، ما أرجعته بعض التقارير الصحفية إلى أعمال انتقامية لنشطاء غاضبون من تواجد اللاجئين في بلادهم.

ورغم إرجاع صحيفة «دايلي ميل» البريطانية حريق مخيم «كالي» إلى ماس كهربائي، إلا أن تاريخ الهجمات على اللاجئين في أوروبا قد تثير تساؤلات عن حقيقة رواية الصحيفة البريطانية، خاصة مع توقيت وقوعها، فقد تعرض اللاجئون في أوروبا لهجمات سابقة بنفس الشاكلة في دول أخرى من قبل، ففي السويد، على سبيل المثال، شهدت 15 يومًا فقط، من 13 أكتوبر وحتى 28 من الشهر ذاته 8 هجمات طالت اللاجئين السوريين، بدأت بحرق بيت كان يتم تحضيره ليستضيف الأطفال المهاجرين، قبل أن يتم حرق مدرسة تم تحضيرها لهم أيضًا بعد 3 أيام.

مبنى مدرسة آخر تم حرقه، يوم 17 أكتوبر، بعد أن أعد لتحويله لمركز إقامة للاجئين، وطالت الحرائق المفتعلة ضد اللاجئين في الأيام التالية مركزًا لتجمعهم، ما اضطر 14 منهم للقفز من النوافذ للهرب من النيران المشتعلة، وكذلك دارًا للمسنين كان مقررًا أن يصدر قرارًا بتحويله مقر إقامة للسوريين في وقت لاحق يوم حريقه، وكذلك من الحوادث الأخرى المشابهة، في الوقت الذي صعد فيه حزب وصفه الإعلام السويدي بـ«الفاشيين الجدد» ليأخذ الأغلبية في الانتخابات البرلمانية، وهو المعروف عنهم موقفهم المضاد للاجئين، حسب رصد مجلة The Spectator.

ولم تكن هجمات السويد هي الأولى من نوعها، بل سبقها في ألمانيا عدة هجمات بنفس الأسلوب، في أغسطس الماضي، كان أبرزها حين ألقى شخصًا بزجاجة مولوتوف حارقة بمنزل لإيواء اللاجئين بمدينة ليبزيخ، كان مقررًا أن يستضيف 56 منهم، ما تسبب في حريق مرتبة سرير فقط بعد أن استطاع أحد شهود العيان أن يطلق الإنذار قبل أن يحترق المنزل. هجمات أخرى شهدتها ألمانيا على اللاجئين باستخدام السكاكين، كما رصدت صحيفة Telegraph البريطانية.

وتشهد أوروبا تصاعد في اللهجة المضادة لاستضافة اللاجئين مؤخرًا، فقال زعيم الحزب اليميني الهولندي (PPV)، جيرت فيلدرز، في تصريح له لوكالة الأنباء الفرنسية، قبل ساعات من هجمات باريس: «الطريقة الوحيدة لحل مشكلة اللاجئين هي استعادة سيادتنا وإغلاق حدودنا»، فيما تابع: «أنا لا أطلب شيئًا غريبًا فقط أطالب بإغلاق حدودنا كما فعلت المجر».

وتدعم حركات شعبية في أوروبا هذا التوجه، وقد تم تنظيم العديد من المظاهرات المناهضة لاستضافة اللاجئين، كان أبرزها في ألمانيا، قبل قرابة أسبوع، هاجم فيها المتظاهرون سياسة المستشارة أنجيلا ميركل، التي فتحت أبواب ألمانيا لاستضافة اللاجئين، وطالب المتظاهرون برحيل السوريين الهاربين من الحرب في بلادهم، قبل أن يخرج متظاهرون آخرون مناصرون لبقاء اللاجئين في مظاهرة مضادة، فيما انتهى الأمر باشتباك المتظاهرون في كلتا التظاهرتين، حسب «دايلي ميل».

ويساند ذات التوجه نفسه عدة أقلام صحيفة، من بينها الكاتبة ميراندا ديفاين في صحيفة Herald Sun الاسترالية، والتي قالت في مقال لها، السبت، عقب أحداث باريس: «سياسة ميركل الساذجة تجاه اللاجئين فقط ستزيد من المشكلة»، مستشهدة بقول السياسي الاسترالي في خطاب ألقاه في لندن قال فيه إن المستشارة الألمانية ترتكب «خطأ كارثيًا أفاد أغلبية من اللاجئين الزائفين».

وكذلك غرد عضو الكونجرس الأمريكي عن الحزب الجمهوري، جيف دانكان، مهاجمًا سياسة استقبال اللاجئين السوريين في أوروبا، عقب أحداث باريس، قائلًا: «كيف حال إعادة توطين اللاجئون السوريون الآن؟ ماذا عن الهجرة الجماعية إلى أوروبا؟ الإرهاب حي وبخير في العالم»، بالإضافة إلى العديد من التغريدات التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنين أوروبيين، وفرنسيين خاصة، هاجموا فيها اللاجئين وحملوهم مسؤولية العمليات الإرهابية في باريس.

وفي المقابل حاولت بعض الأصوات السير عكس التيار والدفاع عن اللاجئين وخفض حدة التوتر، كان أحدهم بوبي جوش، الصحفي بموقع «كوارتز»، الذي غرد قائلًا: «اللاجئون لا يستحقون اللوم على هجمات باريس، بل يستحقون مزيدًا من الشفقة، هجمات مثل هذه هي التي جعلتهم لاجئون».

وفي المقابل، وبعيدًا عن الأجواء العدائية بالداخل، سيجد اللاجئون الجدد صعوبات كبيرة في الدخول إلى أوروبا حاليًا، فقد صرح وزير الداخلية الألماني، توماس دي مازير، أن من يصل من اللاجئين إلى الحدود الألمانية سيتم إعادة ترحيله إلى البلد الأوروبية التي دخل منها في بادئ الأمر، في سياسة معاكسة لتلك التي انتهجتها ألمانيا تجاههم منذ أغسطس الماضي، حسب «مركز البحوث على العولمة».

كذلك أعلنت فرنسا تشديد إجرائاتها الأمنية الحدودية، ما قد يعني صعوبات أكبر في تقبل دخول لاجئين إليها، فيما كانت النمسا قد أوضحت أنها بنت جدارًا على حدودها مع سلوفينيا للحد من دخول المهاجرين الهاربين من أهوال الحرب في بلادهم. كذلك مدت بلغاريا جدارًا على حدودها كما نشرت قوات للمراقبة، وقبلها فعلت سلوفينيا، وأعلنت دول التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا أنها على استعداد لمساعدة دول البلقان في السيطرة على دخول اللاجئين إليها، فيما يبدو وأن أوروبا تحاول الحد من الأمر، في ظل الأجواء غير المرحبة بداخلها، وهو ما ظهرت نتائجه حسب إحصائيات الأسبوع الماضي، والتي أظهرت انخفاضًا في عدد اللاجئين إلى أوروبا.

وتثار التساؤلات الآن عن مصير اللاجئين السوريين عقب هجمات فرنسا الإرهابية، بين مواجهة مزيد من «النيران» على الأراضي الأوروبية أو في المقابل الاستسلام لنيران الحرب الأهلية على أراضيهم إذا غلقت كل أبواب أوروبا في وجوههم، ويبقى القرار الحاسم في أيدي زعماء أوروبا، الذين ربط بعضهم، كالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الإرهاب بحل مشكلة اللاجئين، الربط الذي عارضه شين كاي، أستاذ العلاقات السياسية بجامعة أوهايو قائلًا في حديث لـInternational Business Times: «لست متأكدًا إذا كنت أريد ربط مشكلة اللاجئين بمشكلة الإرهاب، إلى حد ما يستخدم الناس أزمة إنسانية في نقاط سياسية»، ليكن السؤال الأبرز: ماذا ينتظر السوريون في المستقبل على أرض جنة أوروبا التي انقلبت نارًا؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية