أرجو ألا يغضب منى صديقى ماجد سامى، رئيس مجلس إدارة شركة وأندية وادى دجلة، ولكن ليس باستطاعتى المشاركة فى هذا الصخب الاحتفالى القومى الانفعالى.. فقد قام ماجد سامى بوضع حجر الأساس لناد جديد من أندية وادى دجلة، لكن النادى الجديد هذه المرة ليس فى مصر، وإنما فى العاصمة الكينية نيروبى.. وأعرف أنها المرة الأولى التى يؤسس فيها ناد مصرى فرعا جديدا له خارج مصر..
وأعرف أنها خطوة جميلة وقصة نجاح جديدة لماجد سامى كرجل أعمال مصرى يملك الكثير من الطموح والتجارب المختلفة والأفكار الاستثنائية.. وأن مصر بإمكانها أن تتحدث عن هذا النادى الجديد فى نيروبى، وتعتبره خبرا يستحق بالفعل المتابعة والاهتمام والإعجاب بهذه الجرأة والابتكار.. لكننى فقط أتساءل عن حقيقة ما يُقال عن مصلحة مصر واستفادتها وانتفاعها الاستراتيجى والرياضى من تأسيس هذا الفرع الجديد لوادى دجلة فى نيروبى.. ولماذا الزج فجأة بمصر وسياستها وأمنها القومى وصراعها الدائم مع إسرائيل فى أفريقيا.. وأن يقال إن هذا النادى الجديد هو لمصر ومن أجل مصر وكل هذا الكلام الجميل والكبير والعاطفى الذى يُقال طول الوقت دون أن يتوقف أمامه أحد بالتحليل والتدقيق والتفسير أيضا..
فهذا النادى ليس مشروعا تملكه مصر أو ستتقاسم أرباحه مع صاحبه الحقيقى والوحيد.. فهو مجرد مشروع جديد يملكه رجل أعمال مصرى يحب مصر، وهو أول ناد من سلسلة أندية تحمل كلها اسم وادى دجلة قرر ماجد سامى تأسيسها فى إثيوبيا وأوغندا وتنزانيا.. وأن هذه الأندية على حد تعبير ماجد سامى نفسه هى مجرد مقدمة لقيام شركة وادى دجلة بعد ذلك بالاستثمار العقارى والتجارى فى تلك البلدان.. تفكير ذكى وجديد يستحق صاحبه التصفيق والإعجاب والاحترام أيضا.. لكن لا داعى لإقحام مصر فى هذا الأمر.. فقد عانينا كثيرا من قبل بسبب هذا الخلط بين المصالح الشخصية المشروعة والغناء لمصر، وشاهدنا مَن يتسابقون على مناصب دولية، بزعم أنها انتصار لمصر تحتاجه وتستحقه أيضا، بينما هى فى النهاية انتصارات لأصحابها فقط.. وأقول ذلك الآن، لأن هناك مَن سيبدأون ممارسة هذا الخلط من جديد مثلما مارسوه من قبل كثيرا وطاردوا الجميع بالإلحاح على أن هذا الجهد وتلك الخطوات، إنما هى من أجل مصر أولا وأخيرا.. إلحاح لا يحدث مع قصص النجاح الشخصية فقط خارج مصر، إنما داخلها أيضا.. لدرجة أن مجلس إدارة جامعة بنها مثلا قرر عقد اجتماعاته فى مدينة شرم الشيخ أيضا من أجل مصر وتدعيما للسياحة ومساندة للمدينة الجميلة..
ومثل إدارة جامعة بنها كانت رحلات ومشاوير كثيرة حاليا للترفيه الفنى والإعلامى وتحقيق الكثير من المكاسب الشخصية بداية من مجرد الاستمتاع والاستعراض، وحتى المكاسب المادية الحقيقية، وكل ذلك تحت غطاء نفس العبارة الساحرة التى تفتح كل الأبواب.. من أجل مصر.. وأرجو أن يتوقف الجميع ويستعيد كل أحد منهم فى ذاكرته كم مرة سمع هذه العبارة، ثم يتأمل بهدوء ويتساءل عما استفادته مصر بالفعل التى من أجلها كان كل ذلك.