فى أول رد فعل سودانى على وثائق «تهجير الفلاشا» التى تم نشرها على مدار الأسابيع الماضية، أكد السفير عثمان السيد، مسؤول الأمن الخارجى بجهاز الأمن السودانى فى زمن الرئيس جعفر نميرى، أن «الفلاشا» دخلوا السودان دون علم السلطات السودانية آنذاك. وأكد أن عددهم كان حوالى 7 آلاف فقط، ولم تكن لديهم حاجة تميزهم عن الإثيوبيين.
وقال «السيد» لـ«المصرى اليوم»: «لم نكن نعلم أنهم يهود الفلاشا، لكن الأمريكان وإسرائيل كانوا يعلمون، ولم يكن بمقدور الحكومة السودانية إرجاعهم إلى بلادهم وفق قوانين اللجوء». وأكد الدبلوماسى أن عملية ترحيلهم لم يوجد بها خطأ، وأن إخراج العملية نفسها كان هو الخطأ الوحيد وكان يمكن أن يتم أفضل من ذلك بإخبار جميع أجهزة الدولة من مجلس الدفاع الوطنى والأمن القومى، ومجلس الوزراء، حتى يتفادى الجميع أن الرئيس نميرى ونائبه عمر الطيب فقط هما اللذان يعرفان تفاصيل هذه العملية. ولفت إلى أن العملية تمت فى إطار تعاون بين السودان وأمريكا.
وتساءل «السيد» فى تعليقه: «لماذا التركيز على عملية الفلاشا بالذات وهناك عمليات كثيرة على هذا النحو فى المغرب والجزائر واليمن؟». وأوضح المسؤول، الذى يشغل حاليا منصب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بالخرطوم، أن نقل الفلاشا لم يتم عبر مطار الخرطوم أو مطار العزازا، شرق السودان، إلى تل أبيب مباشرة، بل تم مرورا بفرانكفورت- بروكسل- أثينا ثم بعد ذلك إلى تل أبيب.
ونفى المسؤول أن الفلاشا تم نقلهم من أديس أبابا إلى السودان ثم إلى إسرائيل، وقال إنهم كانوا موجودين أصلا بالسودان، ولفت إلى إن العلاقات بين السودان وإثيوبيا آنذاك لم تكن تسمح بذلك نظرا لتدهورها بعدما دعمت الخرطوم وقتها الثورة الإريترية، فى حين دعمت إثيوبيا حركة «قرنق» فى جنوب السودان.
وأضاف أن إثيوبيا كانت تبيع الفلاشا فى عهد «منجستو»، وأن آخر صفقة كانت بـ 30 مليون دولار، وأن هذه العملية مولتها مؤسسة تحرير الفلاشا فى نيويورك. وبحسب «السيد» فإن هذه العملية تم كشفها عندما تولى الرئيس ميليس زيناوى الحكم وعندما لم يجد أى أموال داخل البنوك وجد هذا المبلغ داخل البنوك الأمريكية لصالح الحكومة الإثيوبية وهو المبلغ الذى بدأت منه حكومة زيناوى حكمها.
واعتبر الدبلوماسى السودانى أن الزج باسم عثمان السيد، والفاتح عروة، فى هذه التقارير، كان القصد منه تشويها للسمعة، باعتبار أن الاثنين لديهما علاقات متميزة مع إثيوبيا. وقال: «ليس معنى أننا على علاقات طيبة مع إثيوبيا أن نكون ضد مصر»، وأكد أن العلاقات الجيدة بين السودان وإثيوبيا مردها إلى الروابط الأسرية الخاصة بين البشير وزيناوى.
وذكر «السيد» أنه عندما تولى سفارة السودان بأديس أبابا فى 26 يونيو 1991 أى بعد أقل من شهر من تسلم زيناوى للسلطة، حكى له زيناوى أن «الطائرة التى أقلته إلى أديس أبابا بعد سقوطها كانت تابعة للعقيد الفاتح عروة وكان وقتها مستشارا للرئيس».
ومضى قائلا إن زيناوى ذكر له أن أول نصيحة من البشير كانت ضرورة التعامل مع أمريكا وإسرائيل بحرص وحصافة. «كما أكد لى زيناوى أن البشير كان معهم لتولى الحكم حتى اللحظة الأخيرة، وأنه ساعدهم بكل الإمدادات، وأنه فى أول اجتماع لهم فى العاصمة أديس أبابا رفعوا الرئيس البشير من مرتبة الصديق إلى مرتبة الأخ».
وأوضح السفير أن الرئيس زيناوى قال له إن البشير «نصحنا ولم يمل علينا شروطا رغم مساعدته الكبيرة لنا فى الثورة»، نافيا ما يتردد عن أنه هو عراب العلاقات مع إثيوبيا، وأنه مهندس الثورة الإثيوبية، وقال «صحيح أننى أعرفهم منذ بداية عام 77 بطبيعة عملى كمسؤول عن الأمن الخارجى، ولكن يظل الأمر بأنى أعمل فى إطار توجيه دولة».
ومن ناحية أخرى، نفى السفير أنه كان متهما فى قضية تهجير الفلاشا، وقال إنه كان شاهدا فقط. وأوضح أن الاتهام فى هذه القضية كان موجها إلى العقيد موسى إسماعيل، والمقدم دانيال من الجنوب، والرائد فؤاد بندر، واعتبرتهم المحكمة «شهود ملك». وأكد أن سوار الذهب كان هو وزير الدفاع آنذاك وأنه كان مسؤول الأمن الخارجى بجهاز الأمن.