قالت المستشارة تهانى الجبالى، نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقاً، المنسق العام لقائمة التحالف الجمهورى، إن هناك عنصرا إيجابيا فى المرحلة الأولى، تمثل فى انحياز الكتلة الناخبة، التى خرجت وأدت دورها للدولة المدنية فى مواجهة التشدد الدينى، لافتة إلى أن قائمة التحالف الجمهورى اختارت محاربة المال والفساد والتجارة بالدين والأوطان، لأنه ثالوث غير مقدس يهدد مصر.
وأضافت الجبالى، فى حوارها مع «المصرى اليوم»: «التحالف الجمهورى شكل قائمته، بحيث لا تعبر عن القوى السياسية، والحزبية فقط، وبنيانها أخذ منهجا مرتبطا بالهدف، الذى يتمثل فى استدعاء الشعب، لأننا كقوى سياسية «بنتخانق مع بعض فى غرفة مغلقة».
وأكدت أن المستشار عدلى منصور شغل المنصب الأعلى للدولة المصرية، وأنه لا يجوز أن يعود لمنصب أدنى، لافتة إلى أن عمرو موسى يفهم فى القانون بشكل جيد، وأن المسألة مرتبطة بالأعراف الدستورية، على مستوى العالم، فلا يجوز للجمعية التأسيسية بالكامل أن تشارك فى أى انتخابات لمدة خمس سنوات على الأقل.
واستطردت: «مع احترامى الشديد للمستشار أحمد الزند فهو لا يستدعى باعتباره ناظر مدرسة فهذا فيه إهانة شديدة للبرلمان ويجب ترك انتخاب رئيس البرلمان لأعضاء البرلمان، لأن غير ذلك يمثل فرض سلطة على سلطة لأنه بذلك السلطة التنفيذية تقرر حق السلطة التشريعية».. وإلى نص الحوار.
■ شعار قائمتك الانتخابية محاربة المال والفساد والتجارة بالدين والأوطان.. هل تقصدين به الوضع السياسى والانتخابى؟
- التحالف الجمهورى للقوى الاجتماعية اختار هذا الشعار لأنه يمثل ثالوثا ثار عليه الشعب المصرى مرتين فى 25 يناير ضد سيطرة رأس المال على الحكم والفساد والاستبداد، ثم ثار فى 30 يوينو ضد الاتجار بالدين وفى داخل ذلك التجارة بالأوطان، والبعض لن يتردد فى خيانة الوطن وبيعه، وقائمتى ضد هذا الثالوث لأنه غير مقدس وهو الذى يهدد مصر بشكل متتالى، بمعنى أن الشعب المصرى يخرج للتظاهر ويغير ثم يحلم ببناء جمهورية مستفيدة من أخطاء الماضى، وإذا كان الشعب المصرى هو صاحب الحق فى التغيير الثورى وصاحب الحق فى بناء الدولة الجديدة القائمة على دعامات تقوم على نظام سياسى شفاف وعلى اقتصاد ووطن عادل فنحن لا نملك سوى التحدى بالشعب المصرى وحده لأننا نعتبر أنفسنا نعبر عن قوى اجتماعية وليس قوى سياسية، واحترمنا الدستور والقانون عندما قال إن القوائم الانتخابية لتمثيل القوى الاجتماعية وليست السياسية، لأنها للفئات الخمس التى تمثل القوى الاجتماعية، وقائمة التحالف الجمهورى احترمت ذلك وشكلت قائمة لا تعبر عن القوى السياسية والحزبية، وبنيانها أخذ منهجا مرتبطا بالهدف، وهو استدعاء الشعب المصرى لأننا كقوى سياسية «بنتخانق مع بعض فى غرفة مغلقة»، لذا وجب إحضار الشعب المصرى.
■ هل هذا الثالوث كان أم مازال قائما؟
- بالطبع مازال قائما ويضع خطة للسيطرة على البرلمان القادم ووصول الأمر لمرحلة من الصعوبة لإحداث حوار وطنى داخل البرلمان لأنه من غير الممكن أن يكون لونا واحدا وخطا واحدا ومصالح واحدة يمكنها أن تحقق السلامة الوطنية، وهذا البرلمان يهمنا أن يتحول إلى جمعية وطنية ومن ثم يجب أن يكون تعبير تلك الجمعية ممثلا لكل قوى المجتمع وإن لم يكن كذلك فسنكون أفقدنا الشعب المصرى إحدى آليات إدارة الحوار الوطنى ونحن شعب 90 مليون به مصالح متعارضة وفيه طبقات اجتماعية بها وجع اجتماعى واقتصادى فادح على الطبقة الوسطى وعلى العمال والفلاحين وعلى الشباب الذى لا يستطيع أن يتوازن، فإذا هناك أكثر من قضية فى المجتمع المصرى تستحق فتح حوار وطنى ووضع أولويات نتفق عليها وهذا هو الذى استوقفنا وجعلنا طرفا فى هذا المشهد الانتخابى وفى الحقيقة لم نكن ننتوى الدخول إلى تلك المعركة.
■ ماذا عن قراءتك لنتائج قائمة فى حب مصر بالمرحلة الأولى؟
- اعتبار قائمة «فى حب مصر» محسوبة على النظام «غير صحيح» لأننا عن أى نظام نتحدث، أعتقد أن الرئيس السيسى يقف وحيدا فى ظل عدم وجود جسارة اتخاذ القرارات التى تعيد ترتيب الأوضاع، إذا علينا قراءة المشهد قراءة رشيدة، الشعب المصرى استدعى قائد الجيش وكلفه بإدارة الأمة لأنه لم يجد مصداقية فى المشهد السياسى تسمح له بمنح هذه المصداقية لأحد وهذا ما حدث فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، وإذا كان الشعب المصرى مر بأصعب لحظاته التاريخية عندما وجد الدولة المصرية فى خطر وتهتز أركانها، وتعرضت لهجوم من جماعة فاشية وعميلة وضعت مخططا لتقسيم هذا البلد، والشعب المصرى عندما يؤمن الرأس فمن الواجب على كل القوى الوطنية أن تؤمن باقى الجسد ونحن الآن مازلنا فى البرزخ ولا نعرف كيف نفعل ذلك حتى نسترد عافية مصر السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حتى نحمى أمنها القومى، القضية ليست مقصورة على الجيش والشرطة فحسب وتحتاج إلى شعب بأكمله وتحتاج إلى الاحتشاد الوطنى، وهذا الاحتشاد دائما ما يكون حول الدولة لأنها الثابت والدولة ليست وجهة نظر، ولا يصلح أن تكون كذلك. الدولة الوطنية لا يجب أن تكون وجهة نظر، فما نتفق ونختلف حوله هو السياسات المتعلقة بالنظام، نقبلها أو نثور عليها، والحقيقة أن الرئيس قال ليس لدى قائمة، كما قال أتمنى من الشعب المصرى أن ينتقى ويختار بمنتهى الحرية، وناشده أن يختار من أفضل ما لديه، لأن هذا البرلمان خطير وعليه مهمات دستورية جديدة، وتغير من شكل النظام السياسى فى مصر بعدما كنا نظاما رئاسيا إلا قليلا، وأصبحنا نظاما برلمانيا إلا قليلا، وحتى نفعل ذلك علينا بناء سلطات تعبر عن القوى الاجتماعية، وإذا كانت القوى الرأسمالية الكبيرة لديها أحزابها وإعلامها وغرفها التجارية والصناعية وسيطرة على جزء لا يستهان به من الصحافة، فاذا هى لديها أدواتها التى تحمى مصالحها، والسؤال هو أين أدوات باقى المجتمع المصرى؟ وأين الطبقة الوسطى فى مصر وعمال مصر وفلاحوها وهم قوى الإنتاج والقوى المهمشة؟ وهذه خطورة المشهد لأنه لا بناء لوطن بدون طبقة وسطى قوية متماسكة ومستورة، فالشعب المصرى دائما ما يتحدث عن كلمة الستر ومن يرفع الستر عن الشعب المصرى سيأخذ غضبا ويأسا وإحباطا، فمصر تستحق منا أن ننصرها وننصر الشعب المصرى ونحمى الوطن وهو فى حالة حرب.
■ كيف تقنعين من حولك بأن قائمة فى حب مصر لا تحظى بدعم الدولة؟
- أقول إن هذه كلمات لا يجب أن تتردد. الدولة أعز وأغلى من أن تكون مع أو ضد. والرئيس، أيضا، دوره التاريخى هو يعلمه جيدا بأنه حارس على بناء هذا البلد مرة أخرى وإنجاز مرحلة تأسيسية وتاريخية، ولا توجد قائمة تخوض الانتخابات سواء فى حب مصر أو غيرها ممكن أن تدعى دعم الرئيس أو مؤسسة الرئاسة لها، وأنا أرفض رفضا قاطعا أن يسميها أحد قائمة الرئيس أو قائمة الدولة، فهذا فى حد ذاته فساد سياسى، ولا يجب أن يمارسه أحد والذى يجب أن يكون هو أننا متنافسون فى حب مصر، ونعمل على أداء واجبنا، ونحن جميعا أمام الشعب المصرى سواسية، وهو يستطيع أن يختار منا، لكن المعيار الذى يتردد معيب، خاصة أن الأمر فى النهاية محاصصة حزبية، وبعض هذه الأحزاب كان معارضا فى مرحلة من المراحل ومختلفا مع بعضه أيديولوجيا، ولا يوجد برنامج عمل وطنى أو سياسى يجمعهم، إذا فهذه القائمة عبارة عن سفينة يعبرون بها للبرلمان، وبعد العبور ستتفكك، لأن كل عضو فيها سيعود إلى قواعده سالما، لأن القانون نفسه يجبره بهذا، فالقانون يقول إن على كل عضو فى البرلمان الاحتفاظ بصفته السياسية وصفته الحزبية، فمن خاض مستقلا سيظل مستقلا، ومن خاض حزبيا سيظل حزبيا وهل يمكن أن تظل قائمة وتستمر فى حالة تفككها منذ اللحظة الأولى ليعود كل واحد فيها إلى قواعده الحزبية، هذا غير وارد، قائمتى حاولت احترام فلسفة القانون والدستور، حينما تم وضعها لأن الدستور لو أرادها قوائم حزبية كان أعلن أنها قوائم حزبية وإذا أرادها قوائم سياسية كان أعلن أيضا أنها قوائم سياسية، لكن الدستور والقانون أعلنا أنها للقوى الاجتماعية ولمرة واحدة لأن النظام الانتخابى سيتم تغييره فى الانتخابات المقبلة، وبالتالى هذه القوى لديها فرصة النفاذ من خلال تلك القوائم.
■ ماذا عن عملية التصويت فى المرحلة الأولى؟
- المشهد فى المرحلة الأولى شهد عنصرا إيجابيا علينا أن نجرده، وهو انحياز الكتلة الناخبة التى خرجت وأدت دورها، وصوتت للدولة المدنية فى مواجهة التشدد الدينى، وعلينا فرز ذلك أولا، لأن ذلك يظهر عبقرية الشعب المصرى خاصة أن المرحلة الأولى كانت فى الصيد وبعض المواقع التى تسمى بالمواقع والقوى التصويتية التقليدية والتى من الصعب أن تغير عقيدتها وإذا كانت فى هذة المرة صوتت عكس ما هى معتادة، فإن الشعب المصرى يتغير ويعرف خبرته من خلال الممارسة وفى المرحلة الثانية هناك متغير جديد وهو وجود قائمة أخرى تمثل القوى الاجتماعية، وتعبر عن برنامج سياسى وبه 10 نقاط، كل نقطة بها وثيقة تتعلق به وآليات تنفيذه والالتزام أمام الشعب المصرى بطريقة تنفيذه داخل البرلمان المقبل فضلا عن أن قائمتنا فى القاهرة والدلتا وإذا كان الأمر هكذا نتوقع أن يكون هناك حوار وطنى على قدر المسؤولية تجاه المرحلة، ونحن نرى أن الباقى لا يتحدث سياسة ووصلنا لمرحلة وجود قوائم، ولكن السؤال: أين الطرح السياسى؟ قائمتنا استدعت علماء وعقول مصر قبل أن تكتب برنامجها الانتخابى، وتلك الوسائل لم يستخدمها الوطن بعد فى طرق إدارة العملية الانتخابية.
■ هل طلبتم مناظرة قائمة فى حب مصر؟
- نحن نرفض فكرة المناظرات، لأن المناظرات تكون بين البرامج السياسية ونحن لم نطلع على برنامج سياسى لأحد، وبالتالى على أى شىء المناظرة إلا الخناقات بين بعضنا البعض، وهذا المشهد الإعلامى والصحفى آن الأوان له أن يتوقف، فالمناظرات يجب أن تبنى على البرامج وعلى رؤية محددة وعن طرق علاج الأزمات والمشكلات فى مختلف الاتجاهات، وحتى الآن لم نستمع لأى رؤية لأى قضية من عند القوائم المنافسة، وكل ما نستطيع أن نفعله هو أن نقدم ما لدينا للشعب المصرى وبمقوماتنا ودعمنا الذاتى لأننا لا نتلقى دعما ماليا من داخل مصر أو خارجها، وهناك ظاهرة فى الوسط السياسى تستحق أن نوليها الاهتمام أن هذا الأمر مشروع سياسى وليس انتخابيا، فالانتخابات بالنسبة لنا كان آخر قرار اتخذناه عندما وجدنا عدم تمثيل لقوى الاجتماعية الحقيقية، وسألنا أين الشعب المصرى الحقيقى من تلك القوائم نتحدث فقط فى غرف مغلقة، وعلى من نوزع التورتة، دون أن يسمع صوتنا أحد، وفى النهاية قررنا خوض الانتخابات وبقائمة واحدة برغم أنه كان أمامنا الأربع قوائم، لكن إيمانا بأن السلوك السياسى يجب أن يتسق مع القول هو ما دفعنا لذلك، وقلنا لو أردنا جمعية وطنية تدير حوارا وطنيا حقيقيا، فمن الضرورى ألا يكون هناك استحواذ لأحد، فقررنا أن نخوض بقائمة القاهرة والدلتا.
■ لماذا قلتِ إن القوى السياسية «وقعت»؟
- قلت إن النخبة السياسية سقطت تاريخيا لأنها لم تبدع على مستوى المرحلة لأن الشعب الذى قام بثورتين يستحق إبداعا تاريخيا لنخبة تمنحه مشروعا متكاملا يسعى للتحليق حوله الجموع، ثورة 19 أنتجت الوفد المصرى، وثورة 52 أبدعت وأنتجت نظاما غيّر مصر والعالم، ونحن الآن أمام ثورتين عظيمتين تعثرتا، ولم تنتج برنامج عمل وطنى تتفق عليه ولم تنتج تنظيما ثوريا أيضا وأصبح هناك اشتباك على قضايا هامشية وحتى يكون لدينا تعبير عن هذه الثورة يجب أن يكون عندنا مشروع تغيير ثورى يغير سياسات ويعالج تشوهات ويتبنى فكرا تنمويا وبناء نظام سياسى لا يكون متغيرا لأى فرد، وإنما يبنى وطنا متماسكا ويبنى نقطة للتوازن الاجتماعى ويعيد العقل الجمعى لمصر فى عملية تعليمية ونحتاج رد الهوية الثقافية حتى إن النخب السياسية لم تمارس النقد الذاتى حتى تعرف متى كانت صوابا ومتى كانت خطأ لأننا فى الأساس صعبنا المهمة على الشعب المصرى ولم نسهل له مهمة التغيير على العكس ضللناه حتى وقع فى قبضة من لا يرحم، ولا ننسى أن النخب ساهمت فى وصول جماعة الإخوان إلى الحكم والنخب تحسب لكل مرحلة من خلال إنجازها التاريخى ولذلك سقط الجيل الرابع من النخب السياسية فى مصر ولا بد من تجديد هذه النخبة لتجديدها فكريا أو على مستوى الأفراد، فليس من المعقول أن يكون بمصر 90 مليونا ونخبتها 100 فرد يكتفون بالظهور التليفزيونى وأنا منهم، مصر بحاجه لفتح مسام الوطن، ونحتاج إلى جيلين على الأقل لدق أبواب التاريخ فيجب أن تراجع النخب نفسها، وترى إذا كانت قادرة على أن تنجز أو تفسح الطريق حتى لا تصبح فى قمة الإفساد السياسى.
■ كيف تابعتِ نجاح حزبى المصريين الأحرار ومستقبل وطن فى المرحلة الأولى من الانتخابات؟
- جزء منه لعبة المال لأن هناك إنفاقا وإغداقا من الرأسمالية الكبيرة على الحزبين ببساطة شديدة، وفى نفس الوقت لعبة المال السياسى هى إفساد لإمكانية الانتقال التاريخى، نحن إما أمناء على هذا البلد نريد له أن يقف على قدميه وأن يقوى سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ويسترد دوره ونحن جميعا على قلب رجل واحد، وإما أننا نفشل أنفسنا فنقدم الوطن لأعدائنا على طبق من ذهب لأن الدولة الفاشلة تبدأ عندما تعجز عن بناء سلطات ومؤسسات متماسكة ومستمرة، ولذلك المال الذى ينفق فى الانتخابات البرلمانية سيضيع التاريخ لأنه يحاول خلق سوق نخاسة سياسية يباع فيها النواب ويشترون.. فهل هذا ما ينتظره الشعب المصرى بعد ثورتين وما تنتظره مصر بعد أن تعرضت لهذه المخاطر وأنقذها الله وأنقذها شعبها وجيشها وأبناؤها المخلصون! فلابد أن نراجع أنفسنا، فالأمر ليس بهذه البساطة، فالوطنية تتجلى فى هذه اللحظات.
■ لكن الانتخابات سوق مفتوحة ومن حق أى حزب أن ينتقى المرشحين؟
- ليس الأمر مرتبطا بأننى أختار أو أنتمى لأى حزب من الأحزاب، ولكن عندما أرى أن المسألة سيطرة على نائب نيابة عن حزب ليس عضواً فيه، وهذا المشهد يذكرنا بإفساد الحياة الحزبية فى مصر قبل ثورة يوليو، وقتها كان لدينا برلمانات يتحكم فيها رجلان وأسقطا حكومة الوفد، ونحن الآن فى حالة مشابهة لهذه البرلمانات، وإذا سارت الأمور بهذه الطريقة فلن نمضى خطوة إلى الأمام، وقائمتى ستحاول إنقاذ الضمير الوطنى الذى لا يتجزأ، وإذا كانت الأمور هى حقوق فئات أو الإبقاء على دولة الفساد الذى يمثل الآن شبكة عنكبوتية تدفع ثمنه الدولة المصرية مليارات، فمصر تنقصها مقومات اقتصاد حقيقية وعملية اختيار المرشحين التى تمت بها الأحزاب قمة الفساد السياسى.
■ هل ترين أن البرلمان سيستمر إلى أن يتم حله بعد عام كما يتردد؟
- حل البرلمان أو استمراره لا يفزعنا لأنه لابد أن نوصّف المرحلة التى نمر بها، فنحن بمرحلة انتقالية وتأسيسية، ولم يحدث تعديل لتوازنات القوى الاجتماعية على الأرض، والمحاولة التى تتم للسيطرة والهيمنة على البرلمان من القوى صاحبة المصالح والتى تريد أن تعود لتحصل على مقاعدها مرة أخرى وربما لأن تغلق ملفات لها لا تريد أن تفتح، وإذا كان هذا البرلمان هو الذى ينشئ السلطة التنفيذية والحكومة إذن فهناك سيطرة على السلطة التشريعية، وإذا تم ذلك فإن مصر ستحاصر اقتصاديا من القوى المعادية لها وأى برلمان فى دولة بالعالم عندما ينهار فيه الائتلاف الحاكم لا يستمر وتتم الدعوة لانتخابات مبكرة لأن المشكلة إما إفساد قدرة السلطات على التوازن، بمعنى أنه لو سيطر البرلمان على الحكومة وجعلها تسير وفق هواه أو يسقطها والنظام البرلمانى يعطى هذه المؤشرات، أو عرقلة الرئيس إذا كان هناك عدم توافق معه فالرئيس عنده سلطة عرض الأمر على الشعب المصرى للاستفتاء على حل البرلمان وفى نفس الوقت أيضا عدم قدرة البرلمان على تحمل مسؤولياته فى إقامة السلطة التنفيذية يعرضه للحل.
■ لهذه الأسباب فقط؟
- لا، دولة القانون موضوع تانى، دولة القانون ليست هى التوازن السياسى، وإنما معناها أنه إذا كانت هناك طعون دستورية والمحكمة الدستورية حكمت بعدم دستورية أى قانون سيؤثر فى بناء البرلمان بما يمس دستوريته، فهنا دولة القانون تتدخل وهذا حدث 4 مرات فى السابق ودولة القانون يجب أن تحترم فى كل الأحوال، حتى لو تم حل ألف برلمان ولا يتم تحصين برلمان واحد ضد دولة القانون لأن الدولة الحديثة عنوانها دولة القانون.
■ كثر الحديث عن تولى بعض الشخصيات رئاسة البرلمان المقبل وبالتحديد من المعينين، ما تعليقك؟
- فى بعض الأحيان من يشيع لأمر يكون خلفه غرض استباقى، ونحن فى القانون نعى هذا الأمر جيدا، فربما فزع البعض من توهم أنى أكون رئيسا للمجلس وجعلهم يعجلون بأسماء أخرى وأريد أن أطمئنهم أن المسألة بالنسبة لى تتجاوز تماما أى مكان وأى منصب فى الدولة المصرية بالكامل وجميعهم يعلمون أننى رفضت جميع المناصب التى عرضت علىّ، لكن أنا قلبى على بلدى وقلبى على الشعب المصرى.
■ رئاسة البرلمان لا تشغلك؟
- لا تشغلنى من قريب أو من بعيد ولا يشغلنى دخول البرلمان أصلا ولا يساوى بالنسبة لى جناح بعوضة وأنا بعد منصب القاضى الدستورى- ولو نعلم قدر القاضى الدستورى- فلا يوجد منصب يساوى طموحه، لكنى أعتبر أنه من الإهانة لبرلمان لم يكتمل أننا نحول نواب الشعب الذين يتحملون مسؤولية تمثيله بأن يصبحوا تلامذة فى مدرسة ابتدائية، ومن المفترض أن نعين لهم ناظرا.. هذه رؤية تهين البرلمان ثم إنه من كان يرى فى نفسه أنه يستطيع أن يكون طرفا فى هذه المسؤولية فينزل بشجاعة إلى الشعب المصرى مثلما فعلت أنا وعرضت تاريخى وكل ما لدى من رصيد للشعب المصرى ويجب ألا نفرض على الشعب وصاية، وربما يكون من داخل هذا المجلس من يستحق أن يكون رئيسا له. وأتمنى أن يرأس هذا البرلمان شاب ونقف جميعا خلفه. والخوف من تولى تهانى الجبالى رئاسة البرلمان يعود إلى حبها وحرصها على التغيير، وهناك من يريد الاستمرار والاستقرار على ما نحن عليه، وهناك من يتصور إن استمرار الأوضاع على ما هى عليه هو الاستقرار بعينه، فى حين أن هذه الرؤية قاصرة وخاطئة.
■ ما رأيك فى ترشيح المستشار عدلى منصور وعمرو موسى وأحمد الزند لرئاسة البرلمان؟
- المستشار عدلى منصور شغل المنصب الأعلى للدولة المصرية ولا يجوز أن يعود لمنصب أدنى، وهذا الموقف من الممكن أن يغضبه لكن هذا هو رأيى، وعمرو موسى يفهم قانون بشكل كويس لكن المسألة مرتبطة بالأعراف الدستورية على مستوى العالم، فلا يجوز للجمعية التأسيسية بالكامل أن تشارك فى أى انتخابات لمدة خمس سنوات على الأقل، وهذه أعراف دستورية لكن نحن للأسف عندنا شوية تساهل فى بعض الأمور، فمن جاء بالدستور لا يجب أن يأتى لتطبيقه وفى كل الجمعيات التأسيسية بالعالم تعلن منذ اللحظة الأولى من خلال نص أو عرف يطبق أنها لا تشغل أى منصب نيابى أو تنفيذى لمدة خمس سنوات، ومع احترامى الشديد للمستشار أحمد الزند فهو لا يُستدعى باعتباره ناظر مدرسة، فهذا فيه إهانة شديدة للبرلمان المصرى ويجب ترك انتخاب رئيس البرلمان لأعضاء البرلمان، ولا نتسلق على البرلمان من خارجه لطرح أسماء لرئاسة البرلمان، لأنه يمثل افتئاتا على حق البرلمان ويمثل فرض سلطة على سلطة، لأنه بذلك السلطة التنفيذية تقرر حق السلطة التشريعية.