x

«شرم الشيخ».. طائرات تُعيد السائحين وتسلب المدينة أجواء التفاؤل

الأحد 08-11-2015 23:35 | كتب: سمر النجار, أيمن أبو زيد, محمد البحراوي |
أحد أطفال السياح على الشواطئ أحد أطفال السياح على الشواطئ تصوير : نمير جلال

يعيش مطارا القاهرة وشرم الشيخ الدوليان تشديدات أمنية مغلفة بارتباك وتوتر، حيث يتم التأكد من هوية غالبية الوافدين إلى المطار وفحصها من قِبَل أحد أفراد الشرطة الموجودين على البوابة الرئيسية، وبعد المرور يتم إجراء التفتيشات المعتادة، ولكن وسط إجراءات مشددة.

وفور الوصول إلى مطار شرم الشيخ، تجد عشرات من سيارات التاكسى متوقفة أمام المطار، بعضهم لا يقوم بتشغيل السيارة، لفقدانهم الأمل فى وجود أى «توصيلة».

وبنبرة صوت يائسة، يقول محمد «أبوعزة»، سائق: «أنا واقف مكانى من الساعة 3 عصر أمس الأول، لم أقم بأى مشوار، وأنا وزملائى نبكى مما يحدث، ووقت إعلان بعض الدول تعليق رحلاتها بكينا فعلاً، أكل عيشنا هيقف».

ويضيف: «ده الموسم بتاعنا، لإن شرم الشيخ مشتى، وده الوقت اللى بيزورنا فيه الروس والإنجليز، من مصلحة مين يضربولنا السياحة بالشكل ده؟ وزى اليومين دول كنت بعمل 20 توصيلة فى اليوم الواحد، الآن لو عملت توصيلتين يبقى خير وبركة».

ويتابع «أبوعزة»: «مصر شهدت حوادث كثيرة، ولكن هذه المرة هى الأسوأ على الإطلاق، فكرة تعليق الطيران لشرم الشيخ كارثة».

ويواصل الطيران الروسى الوصول لمطار شرم الشيخ فارغاً، لنقل السياح الروس إلى مطار موسكو، حيث وصلت، أمس، 7 طائرات روسية، بالإضافة إلى طائرة حربية لنقل الحقائب، فيما رفض السياح الروس مغادرة المدينة قبل انقضاء إجازاتهم فى مواعيدها المحددة، بينما لوحظ انخفاض أعداد السائحين على الشواطئ.

وشهد مطار شرم الشيخ الدولى وصول 68 رحلة طيران من مختلف الجنسيات ومغادرة 72 رحلة جوية.

وقال مسؤول بالمطار إن نقل السياح الروس والإنجليز يتم بمعدل طبيعى، حيث تصل يوميا 8 طائرات إنجليزية لنقل السياح البريطانيين، حيث أُصيب المطار بحالة من التكدس والزحام، بسبب وصول هذا العدد الكبير من الطائرات ومغادرة أعداد كبيرة من السائحين وزيادة ودقة إجراءات التفتيش. ونظم شباب شرم فعاليات لحملة «شرم الشيخ آمنة» فى الشوارع، وحملوا لافتات مكتوبا عليها شعار الحملة باللغتين الإنجليزية والروسية، وطالب الكثير من المهتمين بالسياحة بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى لشرم الشيخ ولقاء السائحين الأجانب.

عصام عادل، أحد خبراء السياحة، المسؤول عن شاطئ الفنار بخليج نعمة منذ حوالى 20 عاما، يقول: «الشعب الروسى بسيط، ويشبه الشعب المصرى فى عملية عدم تضخيم الأمور»، مؤكداً أن غالبية الروس لا يكترثون بموضوع حادثة الطائرة، و«هم أناس عمليون، حيث يعتبرون مَن مات مات وانتهى، ولكن عليهم أن يحيوا حياة سعيدة».

وتابع: «بالنسبة لغالبية الروس الموجودين على الشواطئ ما حدث سواء إن كان حادثا ناجما عن خلل فى الطائرة أو حتى حادثا إرهابيا فكلاهما وارد حدوثه فى أى بلد وفى أى مكان، فلا يوجد مكان فى الدنيا لا توجد به ثغرات».

ويوضح عادل: «25 شخصا من الذين لقوا مصرعهم فى حادث الطائرة كانوا يقضون إجازتهم على شاطئنا»، مؤكداً: «عرفتهم من الصور، وكان فيه منهم أطفال بتلعب هنا على الشاطئ».

ويتذكر عادل يوم سقوط الطائرة الروسية بقوله: «كان يوما حزينا عاشه شاطئ الفنار وكل السائحين الذين كانوا موجودين يومها، والجميع فى هذا اليوم كانوا مصدومين وصامتين».

ويقول عادل: «لم نتأثر حتى الآن، فلاتزال السياحة موجودة، وسيظهر مدى تأثر حركة السياحة بعد حوالى 15 يوماً، بعد إجلاء السياح إذا تم فعلياً»، موضحاً أنه حتى الآن يتم الانتهاء من عملية إجلاء الروس من المدينة، حيث سيحتاج الأمر لأكثر من 1000 رحلة طيران لإجلائهم، لأن عددهم كثير جداً.

ويطالب عادل الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيارة شرم الشيخ للتأكيد على أنها آمنة، ويوضح: «نحتاج أن نراه هنا، أن يثبت للجميع أن بلدنا يتمتع بالأمان».

ويضيف: «يا ريس عاوزينك تيجى تقف جوا خليج نعمة وتوجه رسالة للعالم، الناس بتتهمنا ان فيه خلل أمنى، تعالى واثبت لهم ان الدنيا هنا منتهى الأمان».

وليد أبوزيد، مسؤول عن رحلات سفارى، يقول: «الشعب الروسى مش بيخاف»، مبررا ذلك بقوله: «النهارده طالعين رحلة سفارى وداخلين الصحرا، هما لو خايفين مش هيتحركوا من مكانهم ومش هيدخلوا الصحرا ويطلعوا جبل غير وهما متأكدين إن البلد دى أمان».

يقول محمد رجب معروف، مدير العمليات بشاطئ «شرم المياه»، إن الشاطئ الذى يعمل به ليس مملوكاً لأى فندق، وهو شاطئ خاص يكون التواجد فيه برسوم مالية، لافتاً إلى أن كل الشواطى حالياً سواء المملوكة للفنادق أو الخاصة لا تعمل بكامل قوتها، لأن نسبة الإشغال ليست كاملة فى ظل الظروف الحالية.

وأضاف معروف أن الأيام الحالية صعبة للغاية بالنسبة للسياحة فى شرم الشيخ، بعدما عانت خلال السنوات الماضية من أزمة ركود، لتأثير الثورات والمظاهرات، مشيراً إلى أنه بعد وقوع حادثة الطائرة الروسية فى وسط سيناء، انخفض عدد السياح الذين يزورون الشاطى الذى يعمل فيه بنسبة 45%. وتابع أن السائحين الموجودين فى المدينة تتنوع جنسياتهم على عدد محدد من الدول، أبرزها روسيا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا، موضحاً أن السياحة الروسية تمثل حوالى 70% من إجمالى عدد السياحة فى شرم، بينما يمثل السياح البريطانيون حوالى 15% يليهم الإيطاليون بنسبة تقدر بـ 10%، ويأتى فى ذيل القائمة السائح الألمانى والجنسيات الأخرى بنسبة 5%.

وأشار إلى أن منظومة السياحة فى المدينة تعمل بطريقة خاطئة، بحيث تنخفض الأسعار بشكل كبير للغاية، لدرجة أنها أصبحت لا تغطى التكاليف الخاصة بها، لافتاً إلى أن هناك فنادق 4 نجوم تستضيف السائح استضافة شاملة من تناول 3 وجبات ومشروبات كحولية وغيرها بـ 14 أو 15 دولارا فى اليوم، أى بحوالى 120 جنيها، وهو مبلغ ضئيل للغاية لا يمثل دخلاً كبيراً للبلد أو للعاملين والقائمين على السياحة فى مصر.

من جانبه، قال محمد عبدالرؤوف، مسؤول بأحد الشواطى: «لدينا تخوف كبير من أن تتحول شرم الشيخ إلى مقصد للسياحة المصرية فى ظل انخفاض الأسعار بشكل كبير بمرور الوقت»، لافتاً إلى أن المدينة لو تحولت لمقصد سياحى للمصريين فستصبح مثل مصيف جمصة وستفقد سمعتها الدولية، ما يهدد جذب العملة الصعبة التى تحتاجها مصر فى الوقت الحالى.

وتابع أن بعض السائحين الروس رفضوا مغادرة شرم، وأصروا على استكمال إجازتهم، رغم كل ما تحدثت عنه وسائل الإعلام الدولية والمحلية التى أشعلت النار فى السياحة المصرية، على حد وصفه، لافتاً إلى أن السياح الروس يقصدون المدينة، لما تتميز به من طقس معتدل وحبهم للشعب المصرى والطعام المصرى الذى يفضلونه.

وأضاف أنه لو استمر حظر سفر الروس إلى شرم الشيخ، بالتزامن مع الإجلاء، فستتوقف السياحة بشكل كامل فى هذه المدينة، مشيراً إلى أن نسبة الإشغال فى الوقت الحالى بلغت 30%، وقائلاً: «لو فردة كاوتش انفجرت فى الشارع تصيب السياح بالخوف».

الركود يخيم على شواطئ شرم الشيخ

وطالب عبدالرؤوف، محافظ جنوب سيناء، اللواء خالد فودة، باتخاذ قرار عاجل بتخفيض أسعار الشقق التى يسكنها العاملون فى قطاع السياحة بالمدينة على غرار القرار الذى تم اتخاذه بعد ثورة 25 يناير.

ووجه فرح حسين، أمين حزب الوفد بجنوب سيناء، الدعوة للرئيس عبدالفتاح السيسى لزيارة المدينة وبحث سبل التسويق لها ومدها بعوامل جذب، مشيراً إلى أن العاملين بالسياحة يتألمون.

وعقدت غرفة المنشآت الفندقية، أمس، اجتماعاً لمجلس إدارتها، حيث طالبوا مديرى الفنادق والمنتجعات السياحية بعدم تسريح العمالة والحفاظ عليها، وطالبت السلطات المحلية لجنوب سيناء بعدم مطالبة الفنادق فى الوقت الراهن بالإشغالات والرسوم المختلفة وتخفيض قيمة الكهرباء والمياه.

وقال أشرف حسن، الخبير السياحى، إنه يتوقع عودة السياحة الروسية قبل أعياد الكريسماس، مشيراً إلى أن السياح الروس لا يستطيعون الاستغناء عن شرم الشيخ، خاصة فى الشتاء.

والتقت «المصرى اليوم» عددا من السائحين من مختلف الجنسيات، والذين يقومون بالاستجمام على شواطئ شرم الشيخ، حيث قلل بعضهم من تأثير الحادث، ومنهم مَن قال إنه يجب انتظار نتيجة التحقيقات، ومنهم مَن يستبعد كونها عملية إرهابية من الأساس.

كيت البريطانية، تقول: «أشعر بالاطمئنان والسعادة فى شرم الشيخ، فهى آمنة للغاية، وأتعجب ممن يسعون للمغادرة، وهذه المرة الثانية لى التى أزور فيها المدينة»، بينما يقول صديقها ريسى: «لم أزر شرم من قبل، ولكنى سعيد للغاية، وهى من أفضل الأماكن التى زرتها فى حياتى، وسأكرر الزيارة فى العام القادم، وأدعو كل البريطانيين إلى زيارة هذا المكان الجميل».

أما ألبينا تشوراكيفا، روسية، 29 سنة، فتزور مصر للمرة الثانية، وتقول: «أنا لا أدرى إذا كانت عملية تفجيرية أم أنه نتيجة لعطل فى الطائرة»، وتضيف تشوراكيفا: «لا أفضل أن أشغل تفكيرى بحقيقة الحادث، لأننى إذا فكرت ربما أخاف، ولكننى أفضل الاستمتاع بوقتى، وإذا توفرت لدىَّ أموال العام المقبل فسآتى إلى شرم مرة أخرى، فأنا أستمتع بشمسها الرائعة وبحرها الجميل، حيث تصل درجة الحرارة فى روسيا إلى ما تحت الصفر، وبالنسبة لنا الجو هنا أكثر من رائع».

لكن فلاديمير أوفاتشيرينكو، الذى يزور شرم الشيخ لأول مرة، يقول إنه مقتنع بنسبة 75% بأن حادث الطائرة ناتج عن عملية إرهابية، وأن الطائرة تم تفجيرها، إلا أنه يؤكد أنه يشعر بالأمان التام، لوجود عدد كبير من أفراد الأمن والشرطة بكل مكان، وإذا توفرت لديه الأموال فسيزور شرم العام المقبل.

ويزور بيرتى بوجدن، 24 سنة، المدينة للمرة الأولى، ورغم استمتاعه بالجو وبالناس، فإن انتظاره لأن تبلغه بلاده بموعد إجلائه يجعله فى حالة قلق وعدم ارتياح.

وتقول كلار آماس، 29 سنة، إنها ترغب فى العودة إلى بلدها، وإنها استمتعت إلى حد ما، لكنها لا تعتقد أنها ستكرر الزيارة مرة أخرى، لأنها ترغب فى زيارة أماكن مختلفة كل عام، وتوضح أنها مؤمنة تماماً بأن ما حدث هو عمل إرهابى، مبرهنة على ذلك بأن جميع وسائل الإعلام التى تشاهدها تؤكد ذلك، واعتبرت أن وسائل الإعلام هذه هى مصدر موثوق به. أما السياحة الداخلية فهى نشطة إلى حد بعيد فى شرم، حيث يتجمع عشرات الأشخاص بشاطئ الخيمة بشرم الشيخ، وبجانبهم أجانب من أوكرانيا وروسيا.

عُلية محمود جاءت من الإسكندرية هى وفوج سياحى مكون من 50 فرداً لتشجيع السياحة الداخلية، وتقول: «إحنا قاعدين هنا لمدة أسبوع، جئنا بعد الحادث بيومين، لكن أنا حزينة جداً على البلد والحال اللى وصلت له، البلد أمان، مش عارفة ليه عاوزين يشوهوا صورة مصر بالشكل ده، وليه مضخمين الدنيا كدة، رغم أن نتيجة التحقيق لم تظهر بعد».

وتوضح: «ذهبت للسوق القديمة، أمس، ووجدت البائعين يتحدثون عن مدى حزنهم لما حدث فى المدينة، وبالمصادفة كان هناك 3 شباب يتحدثون سوياً أحدهم مسيحى والثانى إخوان والأخير مؤيد للسيسى، جميعهم يبكون من هول الموقف بالنسبة لهم، لأنهم يدفعون إيجارا يصل إلى 15 ألفا فى الشهر، فمن أين سيأتون بهذا المبلغ إذا توقفت حركة السياحة؟!».

إكرام محسن تقول: «بعد الحادث، لم أتراجع عن قرارى بزيارة شرم الشيخ، ولكن تحمست أكثر»، وتضيف: «إحنا مقهورين على اللى بيحصل فى البلد، وحاسين إننا فى حالة حرب، وبنتهاجم من الجميع، ودى بلدنا ورئيسنا مالهوش ذنب، هو عامل اللى عليه وزيادة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية