كشفت ندوة «نور الكتاب» في ملتقى الأدب، ضمن فعاليات الدورة الـ34 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، عن تراجع الكتاب الورقي مقابل الكتاب الإلكتروني، ما أدى إلى تغييرات طرأت على القراءة على ضوء انتشار الكتاب الرقمي والإلكتروني، والعلاقة بينهما، وغيرها من القضايا والمحاور.
وتناولت الدكتورة لطيفة النجار، في ورقتها على 4 محاور، هي الجانب الإحصائي وما تقوله الأرقام، والجانب العلمي وما تقوله الدراسات والأبحاث، والجانب الثقافي وما يقوله التكوين الثقافي، والجانب العاطفي وما يقوله القلب، مشيرة إلى أنه «ما بين عامي 2008 و2010 زادت مبيعات الكتاب الإلكتروني بنسبة 1260%، في حين تراجعت مبيعات الكتاب الورقي، لدرجة أن هناك من تنبأ باختفاء الكتاب الورقي، وقيل أنه سيختفي مع نهاية عام 2015».
وأضافت: «لكن الواقع قدم لنا مشهدا آخر هذا العام، حيث تراجعت المبيعات في الكتاب الإلكتروني بنسبة 20%، وارتفعت نسبة المبيعات في الكتاب الورقي بشكل تدريجي، وفي أمريكا وحدها كان عدد الكتب الإلكترونية التي تم بيعها عام 2011، نحو 20 مليون كتابا، وتراجع العدد عام 2012 ليصل إلى 12 مليون كتاب، وشهد العام الجاري نسبة انخفاض في مبيعات الكتاب الإلكتروني بلغت 32%، وعاد الكتاب الورقي للارتفاع».
وتابعت: «في الجانب العلمي يمكن الإشارة إلى عدد من الدراسات المقارنة والأبحاث التي أجريت على عدد من القراء، ففي دراسة أجريت على 50 قارئا، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين، واحدة تقرأ من الكتب الورقية، والثانية تقرأ من الكتب الإلكترونية، فجاءت النتيجة أن من قرأ من الورقي كان تَذكّرهم أفضل ممن قرأ من الإلكتروني، ودراسات أخرى عديدة أكدت أن قّراء الكتاب الورقي كانوا أفضل من حيث الفهم والاستيعاب، والوضوح ودرجة التفاعل مع النص المقروء، وكذلك الحال بالنسبة لحالة التعاطف أثناء قراءة النص القصصي، حيث كانت درجة التعاطف من قبل قرّاء الكتاب الورقي كبيرة جدا».
وأوضحت أن «من بين تفسيرات ذلك من قبل العلماء، أن ثبات النص على الورق يكشف الأحداث تدريجياً أمام القارئ، ويوفر الصلابة والثبات في النص، كما أن قرّاء الكتاب الإلكتروني صبرهم قليل، كما قال أحد الباحثين، حيث لا يستطيعون القراءة لوقت طويل، وغالباً ما تكون قراءة قارئ الكتاب الإلكتروني، متقطعة ومجزأة، ويركز القارئ على النصف الأعلى من النص، ونفس القارئ قصير جداً ولا يصبر على القراءة، وكذلك الأطفال حيث لا يصبروا على القراءة، وسرعان ما يغادروا القراءة إلى الألعاب، وكأننا في هذه الحالة نربي الأطفال على عدم الصبر، وبالتالي لن يكونوا باحثين في المستقبل، فالسمة الأساسية للباحث هي الصبر».
ولفتت إلى أن «الجانب الثقافي مهم جدا في القراءة، فهو ليس عنصرا منفردا منفصلا عن البينة الثقافية للمجتمع، والكتاب جزء من منظومة المجتمع الثقافية، ومن يتنبأ باختفاء الكتاب الورقي يشير إلى اختفاء جزء من التكوين الثقافي للمجتمع، فالمجتمعات تقاوم من يريد المس ببناها الثقافية، وأشارت إلى أن حفلات التوقيع للكتب حاضرة بالنسبة للكتاب الورقي، وهي طقس من الطقوس الثقافية. أما فيما يتعلق بالجانب العاطفي، فالارتباط بين القارئ والكتاب هو ارتباط حدث ويحدث بين القارئ والكتاب الورقي».
وقالت فتحية النمر إن «الكتاب هو وعاء المعلومات والمعرفة ووعاء العلم، وهو رهن إشارة طالب العلم والمعرفة، والكتاب الإلكتروني هو نقلة نوعية واختلاف نوعي عن الكتاب الورقي، وفي كل مرحلة يشهد الكتاب تطوراً ما، وتبقى المسألة تتعلق بتطور شكل الكتاب وليست بحوهره، فكما للإكتروني مخاطره للورقي مخاطره أيضاً، فكم من الأفكار الهدامة والحركات الاستعمارية والعرقية والصهيونية حملتها كتب ورقية، كما أن أغلب الكوارث التي حلت بالمجتمعات جاءت من الكتاب».