أكد المطرب السورى صفوان بهلوان أن مهرجان الموسيقى العربية نجح فيما فشلت فيه السياسة وجمع عددا كبيرا من الدول العربية في مكان واحد وأزال بينها الحدود والجميع يستمع إلى لحن واحد هو الموسيقى والغناء الجيد. وقال في حواره لـ«المصرى اليوم»: إنه حريص على المشاركة، سنويا لأنه يلمس في كل مره تغيرا في أعمار جمهوره الذي يبحث عن ذكرياته الموسيقية الجميلة بالاستماع إلى الأغنيات التي رسمت هويتنا الموسيقية العربية، موضحا أنه تتلمذ على يد موسيقار الأجيال الراحل محمد عبدالوهاب لفترة وأنه تأثر في أعماله كملحن بعبدالوهاب والسنباطى.. وإلى نص الحوار:
■ لماذا تحرص على التواجد والمشاركة في المهرجان سنوياً؟
- حرصى على المشاركة يأتى من حرص إدارة الأوبرا على تقديم الموسيقى الجيدة، والمساهمة في رفع الذوق العام، وهذا هو الهدف من الموسيقى أن ترتقى بالمستمع، ومساعدته لأن يكون على قدر مسؤولية التلقى، لأن الموسيقى هي مرآة الشعوب وبقدر ما تقدم من موسيقى راقية بقدر ما ترقى بالشعب إلى الأفضل، لذلك أحرص دائمًا على المساهمة في المهرجانات، لأنها تساهم في هذا الدور بشكل كبير، وتتوخى الصعود بالموسيقى وإعادة الجمهور إلى ذاكرتها الموسيقية الجميلة التي تربينا عليها منذ زمن بعيد، وليس معنى ذلك أننى ضد الشكل الجديد من الأغانى ولكنى أقبله بشرط أن يتماشى على مستوى الشكل والمضمون، مع الإنتاجات التي قدمها كبار المطربين والتى رسمت شخصيتنا الثقافية الموسيقية وذاكرتنا.
■ برأيك بماذا تتميز هذه الدورة من المهرجان؟
- بصراحة د. إيناس عبدالدائم والمخرجة جيهان مرسى تحاولان تقديم الموسيقى الجيدة والجادة والعودة إلى زمن الفن الجميل والتراث ويبحثان دائمًا عن التجديد وتقديم الأفضل من خلال مشاركاتهم المتميزة واختياراتهم.
■ لماذا لا تقدم حفلات بعيدًا عن دار الأوبرا؟
- بالفعل، أشعر بالتقصير تجاه الجمهور، بسبب غيابى وعدم قيامى بحفلات خارج دار الأوبرا، لكنى لست المسؤول الوحيد عن ذلك، وأرحب بذلك، لكنها مسأله تحتاج لتحضير وإعداد، وأنا فنان لا أجيد سوى تقديم الفن والغناء، ولست إداريا ناجحا، وهو ما تحتاجه هذه الحفلات في تنظيمها والإعداد لها، كما أننى أفضل أن أقدم غنائى من على خشبة مسرح يليق بى ولا أرى حتى الآن مسرح مناسب سوى دار الأوبرا المصرية، ولأنها دائما مشغولة ببرامجها فلم يتح لى أن أستقطع من وقت الأوبرا لأقدم أكثر من حفل، بعيدًا عن فعاليات المهرجان.
■ وهل تفكر في تجاوز ذلك مستقبلا؟
- بالتأكيد إن شاء الله سوف أعمل خلال الفترة المقبلة والمشاركة في أكثر من حفل، خاصة أننى أجد إقبالا جماهيريًا كبيرًا على حضور حفلاتى، لكن هناك أيضًا مشكلة خاصة بالمنظمين كونهم يقتصرون في تنظيم حفلات للشباب ويتجاهلون جمهورا عريضا يفضل الاستماع للأغانى التراثية ويتذوقها رغم أنها من الممكن أن تحقق مكاسب ضخمة.
■ هل تشعر باختلاف الجمهور الذي يحرص على حضور حفلاتك بين العام والآخر؟
- أنا شعرت بالفعل بذلك، وحفلاتى جمهورها خليط ما بين جميع الفئات والأعمار، وهو دليل على رغبة الناس وحنينها بالعودة إلى صباها وذكرياتها الجميلة، وأنا هنا لا أقصد المدح في نفسى، لكنى الحمد لله أقدم فنًا جيدًا تسعى الناس للاستماع إليه وأنا أحترم ذوقهم وذاكرتهم، لذلك أسعى أن أكون متميزًا دائمًا وأقدم لهم ما يتمنوا أن يسمعوه.
■ كيف ترى مشاركة أكثر من دولة عربية وخليجية في المهرجان؟
- لا شك أن مشاركة أكثر من دولة وفنان ممثلين لأكثر من دولة عربية، يضفى نوعا من التنوع والإثراء لمهرجان الموسيقى العربية وأنا أميل جدًا لهذا التوجه، لأنه يشمل تقديم كل نتاجات الموسيقى العربية وهو شىء جيد بل ويحتاج لمزيد من المشاركات الشبابية من المبدعين الذين يمتلكون شيئا مميزا يقدمونه للجمهور.
■ هل ترى أن الموسيقى يمكن أن تحقق ما فشلت فيه السياسة؟
- أرى أن الدورة 24 للمهرجان اخترقت الحدود، بجمعها وحدة عربية أكثر من المتواجدة في جامعة الدول العربية، لأن الموسيقى تدعو إلى التفاعل والتآخى والاصطفاف أكثر من السياسة، فإذا كانت الحدود كما يقول الشاعر بلاد العرب أوطانى، من الشام لبغداد، ومن نجدٍ إلى يمنٍ، إلى مصر فتطوان، فلا حد يباعدنا ولا دين يفرقنا، لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان، هذا شيئًا جميلًا، لكنى وللأسف أرى على أرض الواقع شيئًا مختلفًا، ليست بلاد العرب كلها أوطانى، وأرى الحدود، والحروب، والصراعات، والانشقاقات، والقتل والدماء، التي تمنع أن تكون بلاد العرب أوطانى، لكن الموسيقى تجعلنى أشعر بذلك، وتجعل التفاعل العربى العربى أكثر إيجابية مما يطرحه هذا الشعر وما تحققه جامعة الدول العربية، وبذلك الموسيقى أقدر بكثير على مزج وتآخى الشعوب العربية من السياسة.
■ وما أسباب قلة المهرجانات في وطننا العربى؟
- نظرًا للظروف الراهنة والاضطرابات والمشاكل السياسية والعسكرية التي شغلت الوطن العربى، عن مسيرة البناء والنماء، وإن شاء الله ندعوه أن يعم الأمن والسلام حتى تستعيد الأوطان أن تستعيد عافيتها وتعود للحياة من جديد.
■ ما هو سر ارتباطك بالموسيقار القدير محمد عبدالوهاب؟
- من صغرى استمعت له وعشقت هذا الرجل، ودرست الموسيقى ما بين مصر وأوروبا، وقدمت أعمالا موسيقية محلية وعالمية، ولدى سيمفونيات في ألمانيا، ولكن عبدالوهاب كان في البداية أستاذى تتلمذت على يديه، بشكل غير مباشر من خلال أعماله، وفيما بعد قدر لى أن أتتلمذ على يديه بالفعل بشكل مباشر حينما التقيته في لبنان بأوائل السبعينيات وقدم لى أغنية مريت على بيت الحبايب إحدى أغانيه القديمة له، وجددها بتوزيع جديد وكان مشرفًا على تدريبى شخصيًا أكثر من 6 أشهر، وكلما تردد على لبنان وسوريا كنت أحرص على زيارته، وهو آمن بى إيمانًا مطلقًا وقال لى ياليتك يا صفوان أن تقدم أعمالى دائمًا بشكل الجديد الذي تقدمه وأنا اعتبرت ذلك وصية وأمانة أحملها على كاهلى من حين لآخر حتى إننى أحيانًا أثره على الحانى وأقدم ألحانه وفاءً وعرفانًا لهذا الفنان.
■ هل يقيدك الغناء لمطرب واحد فقط؟
- لا إطلاقًا وحتى عبدالوهاب قالها: حينما يغنى لى صفوان، أرى شخصيته واضحة، رغم أننى كنت في سن صغير، ولا أجيد هذا التفنن في إظهار الشخصية، وعلى ما يبدو أنه بحنكته ودرايته وعينه الموسيقية رأى أننى متميز حتى في تقديم أغنيته، وهذا كان رأى الجمهور أيضًا، ولو أننى لم أستطع أن أقدم شيئًا جديدًا من خلال عبدالوهاب لملنى الجمهور من أول لقاء، فالجمهور والحمد لله يتهافت على شراء تذاكر حفلاتى.
■ هل تفكر في غناء لون آخر غير أغانى محمد عبدالوهاب؟
- إطلاقًا لم أفكر في ذلك، ولن أغنى سوى ألحانى وألحان محمد عبدالوهاب، وهذا هو منهجى من بداياتى ولن أغيره.
■ وهل تأثرت في ألحانك بالراحل «عبدالوهاب» كما تأثرت به غنائيًا؟
- بعض النقاد يقولون إن الحانى رغم حبى لعبدالوهاب تمزج بين السنباطى وعبدالوهاب والقصبجى، ولكنى أميل إلى السنباطى في الألحان وعبدالوهاب في الغناء، لأننى جمعت هؤلاء الكبار صوتا ولحنا وتمازجا في شخصيتى.
■ هل ما زال الجمهور يقدم على حضور حفلات الأوبرا في سوريا؟
- طبعًا، ما زال هناك إقبال رغم ظروف الحرب رغم هذه الظروف والمخاطر والجروح، لأن الشعب السورى عاشق ومتزوق للفن والموسيقى.
■ متى يمكن أن تعود للغناء بها؟
- منذ زمن بعيد وأنا لم أغن على مسرح الأوبرا في سوريا، لسفرى إلى الخارج، وإن شاء الله سأغنى فيها قريبًا عندما تضع الحرب أوزارها، لأننى لا أستطيع أن أغنى هناك والحرب ما زالت تشتعل والدماء تسيل، يصعب على الغناء للحب والحياة، والسعادة والناس تعيش حياة تعيسة، مع عودة الأمور كسابق عهدها لن أتردد في الغناء.
■ منذ متى لم تسافر إلى بلدك؟
- قمت بزيارة لعائلتى، منذ شهرين، وشاهدت تأثرًا واضحًا على بلدى، وبالفعل قدمت أغنيتين رصدت فيهما هذه الحالة وهى الشعب السورى واحد، وأغنية أخرى بعنوان أرض الياسمين تتحدث عن الشعب وتدعو إلى اللحمة الوطنية وتنبذ الفرقة والتشرد، وعدم وجود حياة.
■ ماذا عن حفلاتك في الفترة المقبلة؟
- أحضر لحفل في عمان، وبيروت والإسكندرية، وبعد فترة بسيطة سوف أحيى حفلا في الكويت إن شاء الله.
■ إذا عرض عليك تجسيد شخصية الراحل عبدالوهاب وسيرته هل توافق؟
ـ يسعدنى بالطبع أن أقدمها، لأننى هنا لا أمثل، فتلك حياتى وكأننى أجسد حياتى، لأننى عايش مع عبدالوهاب و«شاربة نقطة نقطة»، عندما يعرض على ذلك لن أتردد في قبوله.