x

علاء الديب ليس فى الشعر أسلاك شائكة علاء الديب السبت 31-10-2015 21:22


أعتقد أن الوقت مناسب لمحاولة النظر فى المنجز الشعرى والثقافى للشاعر الكبير رفعت سلام.

صدر أخيراً ديوان رفعت سلام عن الهيئة العامة للكتاب وبالطبع لم يكتب عليه أنه الأعمال الكاملة، فما زال الشاعر الكبير فى قمة العطاء.

هو من مواليد 16 نوفمبر 1951 بلده الأصلى «منية شبين - دقهلية» ورغم رحلة المدينة الطويلة والاغتراب الطويل فى الجزائر «مديراً لوكالة الشرق الأوسط» ورحلات الروح التى قادته إلى مختلف الأنحاء والأجواء فماتزال الأسرة الريفية ومنية شبين جزءاً أساسياً من عمله ومن حياته.

يقول فى أول قصيد «فاطمة» فى ديوان «إلى النهار الماضى» 1998:

«لا تعرف النوم، ولا يعرفها السهر

تمشى الفصول فى أقدامها

ويورق الحجر

مرج زعفران فى امرأة

وامرأة من الصحو الجميل المنهمر

أنسل منها إليها.. بيننا خيط دم وياسمين.

لا يعرفه الزمن ولا عوامل التعرية، أنا الولد الصغير لا أبلغ حافتها، جناحاى بلا ريش يرفرفان إليها، أيتها الباذخة لم تولد من رحم، سرب أساطير غائرة، غيمة تهطل المن والسلوى على الأقربين».

يكتب الشاعر شعره الخاص الذى لا يقف عند نوع أو تقسيم، فعلى الرغم من أنه دائماً ما يقال إنه ينتمى إلى جيل السبعينيات فإن الدواوين التى أمامنا: ذلك الصرح الشعرى الباذخ ينطلق بعيداً فى محاولة فريدة لتقديم مشروع شعرى كبير: كأنه يريد أن يقبض على إيقاعات وموسيقى الوجود، ويعيد تنظيمها فى روح قصيد بلا نهاية.

كم تمنيت أمام دواوين الشاعر الكبير أن أكون ناقداً شعرياً متخصصاً حتى أستطيع أن أغوص فى تجربة الشاعر الواسعة، وأن أعيد تحليل رحلته الطويلة من القصيد العمودى إلى قصيدة التفعيلة، ثم عبوره إلى الأنواع المختلفة لقصيدة النثر، وصولاً إلى «صوته الشعرى الفريد الذى لا يشبه سوى ذاته»، ولكننى اكتفيت بنظرة المتذوق الذى يحب الشعر ويقدر وجوده.

يقول سلام فى ديوانه الأول «وردة الفوضى الجميلة 1987» عندما كان صلاح عبدالصبور حاضراً فى روح الشعر، يقول فى قصيدة «نظرة»

أغفو.

والزرقة وطن لا يبلغه الحلم

لا شىء.

لا غيم أو صوت، أو نسمة ريح

تتوارى الأشياء.

شاب الذكرى والأحلام من الذاكرة إلى الماء.

ثم يقول فى هامش قصيدة «مراودة» فى ديوان إشراقات رفعت سلام:

باح بى وقتى

وأسلمنى

فأغفت وردة النسيان فى بدنى

لا ألغاز معقودة على رأسى

ولا امرأة من الأمطار والليمون

ترقب مقدمى فى المفترق

فى ديوان «حجر يطفو على الماء»، أغرق صفحاته برسم وتخطيطات صاحبت القصائد، أما فى آخر الدواوين «هكذا تكلم الكركدن» الذى صدر 2012، وكان الشاعر قد فرغ منه قبل الثورة نراه يقول:

لا رثاء.

فرار سيد وذهاب وراء

صرخة نائمة على سماء

وفضاء فضاء

بصر بلا بصيرة

وبصيرة عماء

■ ■ ■

سلام قامة كبيرة ليس فى الشعر فقط، ولكن فى الترجمة أيضاً، أصدر الأعمال الكاملة لكل من رامبو وبودلير وكافافيس، كما راجع أهم كتاب فى قصيدة النثر من تأليف سوزان برنار وترجمة راوية صادق.

تحية تقدير ومحبة متأخرة لمناضل ثقافى وشعرى كبير، واحد من الذين يريدون تحرير روح الشعر العربى.

ديوان رفعت سلام - «جزآن» الهيئة المصرية للكتاب 2014.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية