الأخطر والأبشع من المستنقع الذى غرقت فيه الإسكندرية، مطلع الأسبوع الحالى، الذى عشنا فى الفضائيات والصحف والمواقع الإليكترونية على تداول أخباره وصوره وفيديوهاته وتصريحاته وإقالاته واجتماعات مجلس الوزراء وغيرها من التحابيش والسلطات التى تواكب كل كارثة نمر بها، ونخرج فى انتظار الكارثة التى تليها، لنواصل حلقات الندب واللطم على خدود المذيعين والمحللين، الأخطر هو مستنقع الانحطاط الأخلاقى والسلوكى الذى نراه على الفضائيات ونقرأه على المواقع الصفراء والحمراء والبيضاء، الكبيرة والصغيرة، حيث باتت الشتيمة والسب والطعن فى ذمم الناس وإهانتهم والتشهير بهم مشهداً عادياً يظهر فى التليفزيون، ولا يتأفف منه المذيع أو الصحفى أو الناقد أو الإعلامى، باعتبار أن الإعلام يعبر عن الواقع، وما يسمح به تجاوزاً فى الغرف المغلقة، أو بين المتعاركين فى الشوارع، يجب نقله على الهواء حتى نعمق سلول السفاهة والسفالة وقلة الأدب والانحطاط، ونرسى قواعد مجتمع الجديد، (لو لم أكن سفيها لوددت أن أكون سافلاً)، مجتمع القوى فيه هو من يملك قاموساً متطوراً وحديثاً من الألفاظ النابية وطلاقة فى خروجها من لسانه كطلقات المدفع الرشاش.
لذا ليس مستغرباً فى مجتمع هذه صورة إعلامه وأخلاقيات القائمين عليه وميثاق عملهم، وتلك هى المادة والرسالة التى يقدمها لشعبه، أن أجد صورة لحركة من المفترض إن صحت أنها قبيحة وبذيئة بين حسام غالى وإيفونا، تنشر على أحد المواقع الكبرى، فالصورة كانت صادمة ليس فى الفعل الظاهر بها لأنه قد يحتمل تفسيرات أخرى غير التى ظهرت عليها، لكن الصدمة كانت فى نشرها على موقع ذائع الصيت، من المفترض أن له كودا أخلاقيا وصحفيا يحجب عن المتلقى مثل هذه الصور التى لن تفيد رسالته الإعلامية والصحفية، بل يشيع نشرها بين الناس مثل هذه التصرفات القبيحة والذميمة، فما بالك إذا كانت الصورة للاعبين كبار فى ناد كبير بنى جزءا كبيرا من تاريخه على المبادئ والقيم، وما بالك إذا كانت الصورة لا تعبر عن الحقيقة أو أنها حركة عادية غير مقصودة تصادف أن التقطت من التليفزيون فى هذا التوقيت الذى يعطى المعنى المسىء.
أقصد أنه سواء كانت الصورة تعبر عن هذا الفعل المشين أو لم تعبر، فإن نشرها أمر غريب على الصحافة والإعلام، وفيه تحطيم لقواعد مهنية وأخلاقية واجتماعية وأدبية كانت تحول دون نشرها على قطاع عريض من الناس.
هذا هو المستنقع الحقيقى الذى غرقنا فيه، إعلام لا يقدر مسؤوليته، ويقدم للناس أسوأ الأمثلة وأبشع الصور والحركات، وينتصر على شاشاته لأصحاب الصوت العالى والسفهاء والمنافقين والمزورين. إعلام لو استمر دون ضوابط من الدولة التى رفعت يدها عن إعمال القانون طالما أن السفهاء يأتون على هواها، والإعلام يغيب الناس ويصرفهم عن إعمال عقولهم، فإننا غارقون لا محالة. انتبهوا فالسفينة إذا غرقت ستغرق جميعاً: حكاماً ومحكومين.
■ ■ ■
لا شك أن مباراة السوبر التى أقيمت فى دولة الإمارات الشقيقة، وفاز فيها الأهلى على الزمالك، كانت مبهرة فى التنظيم والتصوير والتأمين، وأثبت الأشقاء الإماراتيون أنهم تجاوزوا شقيقتهم الكبرى بعقود من الزمن، وهو أمر بقدر ما يسعدنى على هذا التفوق المستحق، بقدر ما يؤلمنى ويحزننى على حال مسؤولينا الذين قزمونا وفضحوا أنفسهم، قزمونا لأننا ظهرنا عاجزين عن تنظيم مباراة بهذه الجودة وتلك الصورة، وفضحوا أنفسهم ببلادتهم وكسلهم وفشلهم وعجزهم وضآلتهم، ولم يعودوا من هناك ليبحثوا كيف وصلت الإمارات لهذا المستوى، بينما نحن غارقون فى خناقات وعراك لا يقدم أو يؤخر، وأتوجه هنا بالسؤال للسيد وزير الشباب والرياضة، وهنا لا أطلب منه استراتيجية أو خططا مستقبلية، بل أسأله متى يمكن لنا أن ننظم مباراة على هذه الصورة من الدقة فى التنظيم والتأمين والجودة؟ فقط أريده أن يحدد لنا موعدا حتى ولو بعد عشر سنوات، المهم أن يعرض علينا الخطة وجدول التنفيذ. بالمناسبة فنحن قادرون فى ظل ظروفنا أن ننظم مثلها وأفضل، إذا توفرت لدينا الإرادة، لكن إرادة مين فى ظل السفاهة والسفالة التى يعيشها الوسط الرياضى؟.
■ ■ ■
اختلف الشريكان فظهرت الحقيقة (على وزن المثل الشعبى القائل اختلف اللصان فظهر المسروق) حيث أعلنت «بروموميديا» على لسان رئيسها فى أحد البرامج الفضائية التى ظهر فيها يدافع عن صفقته الضخمة، أنها غير مسؤولة عن تسديد الحقوق المالية للأندية بعد شرائها حقوق إذاعة الدورى مقابل ٢١٥ مليون جنيه، وأن المسؤول عن تأخر صرف المستحقات هو شركة «بريزينتش»، وما يهمنى هو إعلان المبلغ على الرأى العام ليعلم الجميع كيف أن الأندية باعت حقوق البث بثمن بخس، ١١٥ مليون جنيه، واللوم هنا ليس على شركة السمسرة التى ستكسب هذا المبلغ الضخم، بل على مسؤولى الأندية الذين تشتتوا وانقسموا وفرطوا فى ١٠٠ مليون جنيه كانت ستدخل أنديتهم لو أحسنوا إدارة مفاوضاتهم، وهى قضية فتحها سيكشف الفساد الإدارى الكبير داخل هذه الأندية.
■ ■ ■
أتوقع أن يكون هذا الدورى مختلفا وله مذاق لم نره من فترة، فلأول مرة يظهر هذا الكم من النجوم الكبار واللامعين فى تدريب الأندية فإلى جانب البرتغاليين فيريرا وجوزيه بيسيرو، فى الزمالك والأهلى، وهما من المدربين البارزين هناك حسن شحاتة (المقاولون) وشوقى غريب (الإنتاج الحربى)، وحمادة صدقى (وادى دجلة)، والثلاثة حققوا للمنتخب الوطنى أعظم إنجازاته فى السنوات العشر الأخيرة وإلى جانبهم حسام حسن (المصرى)، وأحمد حسام ميدو (الإسماعيلى) وهانى رمزى (إنبى) وأحمد حسن (بتروجيت)، والأربعة من الأسماء الثقيلة والمهمة فى الكرة المصرية، فنحن لن نتابع لاعبين فى الملعب، بل سنترقب ماذا يفعل هؤلاء من على الدكة، فالجالسون على الدكة نجوميتهم أكبر من أغلب اللاعبين فى الملعب، من هنا يأتى الاختلاف عن أى موسم سابق المهم إلا تتعجل إدارات الأندية فى إقالة أحد وأن تعطيهم الفرصة كاملة.
■ ■ ■
لا أحد يختلف على أن الكابتن فتحى مبروك من المدربين المخلصين والأوفياء، ويستعين به الأهلى وقت الأزمات، ودائماً ما يؤدى دوره، ثم يعود إلى موقعه فى هدوء، لكنه هذه المرة خرج عن السياق الذى عهدناه عنه، وبدأ يتحدث كثيراً، ويكشف أسرار ناديه، معتقداً أنه بذلك يدافع عن نفسه، رغم أن الإعلام كان رحيماً به، ولم يعلق له المشانق على خسارة بطولتى الكأس والكونفيدرالية الأفريقية، أو على حالة الانقسام والتسيب التى كان عليها الفريق وقت ولايته، بل توجهت السهام للإدارة التى رفعت عنه العبء، فوجدها هو الآخر فرصة ليعلق شماعة الخطأ على الإدارة التى اتهمها بأنها لم توفر الغطاء الإعلامى والحماية للفريق، ثم سار فى ركب الكارهين والحاقدين والمتربصين لهدم الأهلى، بادعاء أن مستشار رئيس النادى وقف فى الحملة ضده وهو كلام خائب جملة وتفصيلاً، وليست له علاقة بالواقع أو المنطق، لأنه لو كان مستشار الرئيس (إذا كان هناك مستشار من الأساس) لا يريدك، فلماذا جئت؟ ولماذا تم تجديد الثقة فيك رغم خسارتك الكأس؟ ثم هل المستشار أو الإعلام غير المقتنع بأسلوبك التدريبى القديم كان يشارك فى وضع التشكيل أم أنه شارك فى اللعب مع الفريق المنافس لتخسر ٤-٣ بعد أن كنت متقدما بهدفين فى مباراة الدور قبل النهائى بالكونفدرالية؟ وهل الإعلام هو الذى قسم الفريق إلى لاعبين قدامى وشباب وجدد؟ ثم ما هذا الضعف والهوان للمدرب أو الفريق الذى يهزمه مقال، ويهز استقراره نشر خبر؟.
أما القول إن مجلس الإدارة أهانك لأنه لم يبلغك بإقالتك قبل إبلاغ الإعلام، فهذا الأمر يحدث مع جميع المدربين فى الأهلى ومصر والعالم، وهل من المفترض أن يستشيرك المجلس فى قرار إقالتك؟ أو أن يخفى عن الإعلام القرار حتى يعلمك؟ هو فيه إيه؟ لماذا لا يريد أبناء الأهلى أن يصونوه ويصمتوا حتى يستكمل عافيته؟ ولماذا هذه الذاتية والروح الانتقامية فى وقت يحتاج الأهلى فيه للحنو عليه من أهله وأبنائه؟.