لماذا الاكتئاب العام؟ لسنا وحدنا الذين نعيش فى ضيق وغم ونكد. نحن بالتأكيد أحسن حالا من معظم الدول العربية من حولنا! العالم كله ملىء بالأزمات والمصاعب والعقبات. المهم أن نعرف أن هذه الأزمات لن تدوم وأننا قادرون على أن نتغلب عليها! والحل الأكيد بالنسبة لنا هو أن يتغير المزاج العام، بعدها سوف نبتسم جميعا ونفرح ونستعد للاحتفال بالبدء فى مفاعل الضبعة النووى ويتم تشغيله فى وقت قياسى إن شاء الله.. ثم سوف نجد العاصمة الجديدة على وشك الانتهاء. فحذار من الحزن والإحباط، لأنه مرض مميت يوصل إلى اليأس والقنوط. يجب أن نبدأ بالاعتراف بالخطأ ولا نعلقه على شماعة الآخر، وهذه أول خطوة على طريق الصواب.
خطأ فادح.. أن نضلل أنفسنا بأن الإخوان المسلمين كانوا وراء امتناع المصريين عن المشاركة فى انتخابات البرلمان، لأن الواقع يؤكد أنهم لم يعودوا مؤثرين أو فعالين كما كانوا من قبل. يجب أن نواجه الحقيقة ولا نهرب من واقع أن معظم الشعب قرر عدم التصويت. وبعد الاعتراف بهذه الظاهرة السلبية، يجب بحث أسبابها دون مغالطة أو قلب الموازين!
أرى أن السبب الرئيسى هو أن البسطاء من جموع الشعب- وهم الغالبية العظمى- كانت تنتظر انفراجة لأحوالهم المعيشية، ولكنها لم تحدث. الأبناء مازالوا بلا عمل ولا سكن ولا مستقبل. الحكومات مستمرة فى تعذيب الفقراء بنيران الغلاء، وضعف الخدمات. لم تصل إليهم ثمار المشروعات الضخمة.
هؤلاء الناس لا يفكرون فى البرلمان ولا فى الديمقراطية ولا فى حقوق الإنسان. هم مشغولون بأكل العيش. تفكيرهم ينحصر فيما سوف يوفرونه فى يومهم لإطعام وعلاج وتعليم الأبناء!
كانوا يحلمون بمجتمع يوفر لهم حياة كريمة ومستقبل واعد. فوجدوا أنفسهم كما هم، ولم يصلوا إلى شىء. مازالوا يعيشون على هامش الحياة! المشروعات الكبرى ضمانات للمستقبل ولكن المحتاج لا يهمه المستقبل لأنه لا يجد قوت يومه. كان من الطبيعى أن يمتنعوا عن المشاركة فى الانتخابات لأنها لا تعنى لهم شيئا!
لو كنت من الحكومة وأنصارها لاستمعت لهؤلاء الناس وحاولت أن أفهم كيف يفكرون وأحلل كلامهم، بدلا من اللجوء إلى لغة التبرير. المواطن لا يشعر بأى شىء تغير. فالوجوه القديمة موجودة فى الانتخابات البرلمانية، والشباب دخل السجون والمعتقلات!
ليس مهما أن نعتقد أننا على صواب ولكن المهم أن يصدق المواطن والمجتمع أننا كذلك. المهم أن نتعلم من دروس الماضى حتى لا نخسر الحاضر والمستقبل. مهمة القائمين على الدولة أن توفر السعادة والراحة للشعب كل الشعب. ليس مهمتها أن تشقيه وتعذبه وتنكد عليه الحياة!