طبقا للخبر المنشور بالصحف احتلت مصر المركز قبل الأخير فى جودة التعليم، طبقًا لأحدث تقرير صادر عن التنافسية العالمية (GCI) لعام 2015، والذى يصدر سنويًا عن المنتدى الاقتصادى العالمى من إجمالى 140 دولة على مستوى العالم، من اللافت للنظر أن الدولة الوحيدة التى سبقتها مصر فى جودة التعليم هى (غينيا) حيث جاء الترتيب (مصر 139 وغينيا 140) فى نفس الوقت احتلت دولة قطر المركز الرابع!، والإمارات المركز العاشر وماليزيا الـ 13 بينما حلت أمريكا فى المركز 18، وجدير بالذكر أن دولة (بتسوانا) سبقت مصر، وجاءت فى المركز 103 وكذلك (أوغندا) المركز 105 وأيضا (بنجلاديش) 106.
فى نفس الوقت الذى تم فيه تداول الخبر كتب عالم الفضاء المصرى الشهير عصام حجى على صفحته قائلا: (أعزائى الطلبة، حبكم ورغبتكم باللقاء تعدت التوقعات ولم تجد إدارة جامعة الإسكندرية المساحة الكافية لاحتضان حماسكم وحضوركم، وقررت إلغاء المحاضرة قبل موعدها بيوم واحد وأنا فى طريقى للإسكندرية لدواعٍ أمنية. أود أن أشكر المنظمين والأعداد الكبيرة التى سجلت لحضور الندوة وتحية تقدير لقيادات الجامعة على سعيها الحثيث للحفاظ على أمن الوطن من خلال منع محاضرة عن اكتشاف كوكب المريخ).
ضع الخبرين بجوار بعضهما لتدرك حجم المأساة، عالم الفضاء المصرى الشاب تُلغى محاضرته التى كان سيقابل فيها طلاب الهندسة والعلوم، ليحدثهم عن أحدث ما وصلت إليه (ناسا) فى محاولات اكتشاف كوكب المريخ والتعرف على طبيعته، والسبب دواعٍ أمنية غير مفهومة رغم أن المحاضرة كانت ستعقد بمدرج داخل الجامعة.
تصنيف مصر الأخير، فى جودة التعليم رسالة إحباط ونذير شؤم للمستقبل، لأن التعليم هو مفتاح المستقبل، وإذا لم نتنبه لوضعنا الكارثى فلن نخطو للأمام قيد أنملة، مع احترامنا لدول عربية سبقتنا ودول أخرى لم نتخيل أن تحتل مراكز تسبقنا فى جودة التعليم، نسأل أنفسنا ماذا الذى يمنع مصر من الخروج من كبوتها التعليمية؟
من عشرات السنين ونحن نسمع عن مشاريع تطوير منظومة التعليم فى مصر والارتقاء بالمناهج وأركان العملية التعليمية وتمر السنوات ولا نزداد إلا انحدارا وتخبطا وسقوطا فى تيه العشوائية والاجتهادات الفردية.
من يتابع تجارب الدول التى تجاوزت الماضى ولحقت بركب التقدم سيجد أن التعليم كان الأساس، وكل ما فعلته هذه الدول هى أنها تعلمت ممن سبقوها ونقلت تجاربهم وصقلتها بخصوصية مجتمعها ووضعت كل ذلك فى منظومة قابلة للتطبيق وقابلة للقياس والتقويم، كل من يتابع تجربة دولة (سنغافورة) و(ماليزيا) سيجد إلهاما يبعث فيه الأمل بإمكانية صحوة مصر ولحاقها بهؤلاء الناجحين.
كل الأحاديث عن عقبات الميزانية وضعف الإمكانيات يجب تنحيته فوسائل الاتصال الحديث حولت التعليم لرحلة لها ألف طريق يمكن اختياره، نريد مؤتمرا قوميا جيد التنظيم يضع خطة استراتيجية قومية تشمل كل مراحل التعليم المختلفة لمدة عشر سنوات يتم الالتزام بتطبيقها دون النظر لتغير الحكومات.
ماليزيا جعلت ميزانية التعليم عام 2000 حوالى 23.8% من ميزانيتها وها هى اليوم تجنى الحصاد، مصر لا تستحق أن تبقى فى ذيل الأمم فماذا نحن فاعلون؟