فكرت كثيراً فى الخالق جل وعلا.. فكرت فى حكمته فى خلقه؟ لماذا يخلق بعضنا شديد العقل ذا مراس وحكمة وعقل يسع كل شىء؟ ويخلق بعضنا من نفس الحمأ المسنون، ولكن يحمل وجهاً شديد البراءة مبتسماً دوماً لا يسبر غور الحياة أو ربما يسبرها بأسلوب لا ندركه!!!
خلقهم بخلقة مبتسمة ملائكية السلوك ترتمى فى الأحضان ملاذاً من لا شىء مجرد الحميمية وإذا تأثروا يبكون.. وإذا فازوا فى المباريات يملأون الدنيا صياحاً وسعادة، وإذا أخفقوا تحس من مظهرهم أن هذه هى نهاية العالم!! إحباط ويأس ويرتمون فى ذات الأحضان حزناً، التى يرتمون فيها فرحاً.. وجوه خالية من الذكاء أو اللؤم والخداع!! ملائكة لا خطايا لهم وإنما يخطئ عليهم وتترك الخطايا آثارها أطفالاًً وقوداً لأفران الشوارع!!
يأكلون بشراهة كأن الامتلاء المادى سوف يعوضهم الخواء المعنوى!! ليس لهم مطالب ويسعدون بكل ما يعطى لهم.. أتعجب للخالق العظيم فى خلقه وله فى ذلك حكم.. أستغفر الله العظيم لم أتأمل فى الماضى هذه الحكم فى خلقه لهؤلاء وأنا منشغلة فى دعمهم والوصول إلى تفكيرهم.. ولكن الآن بعد التجارب الكثيرة والتعامل الدائم مع هؤلاء الملائكة علمت بعضاً من أسرار وأسباب خلقهم هكذا لا حول لهم ولا قوة.
فطنت إلى أننا نُمْتَحن فيهم ليس أفراداً ولكن الدولة كلها.. لقد أخرجتهم الدولة من حساباتها وخرجوا خالين الوفاض من كل الجهات سواء دستورياً أو قانونياً أو على استحياء فى خطة تنمية البشر. وكأن الدولة تنظر إليهم على أنهم سقط متاع لا نفع منهم ولا ضرر وهم يعيشون حتى يلاقوا ربهم من خلال يأس الأهالى وابتسامات رضا ربانى من وجوههم الخالية من أى تعبير بالضيق، لأنهم لا يصلون لمعنى الضيق!!
فكرت فى ذكاء الدولة تجاههم فإن الدولة الحزب تعلم جيداً أن هؤلاء الملايين الخمسة من المعوقين عقلياً لا صوت لهم فى الانتخابات رغم أن الموتى على القوائم!! لهذا فهم لن يشعروا برد الجميل عند ترشيح أعضاء الحزب فى دوائرهم.. وأنهم ليسوا مؤثرين.. إننا دائماً نضرب فى الأرض مرحاً ولا نعلم أننا لن نبلغ الجبال طولاً!!
إننا لا نفكر أن ميزان السماء العادل خلق هؤلاء ليذكرنا بنقص من الثمرات العقلية وليذكرنا بأننا كان من الممكن أن نتبادل المواقع معهم فلابد أن نبلغهم شيئاً من نعم الله علينا وأهمها نعمة العقل!!
أن نفكر لهم.. وكيف يخرجون من نفق الضبابية والجهامة تجاه رحابة الحياة..
طالبت أكثر من مرة الرئيس مبارك بأن يكافئهم على حصولهم على 58 ميدالية ما بين ذهبية وفضية و برونزية فى أوليمبياد المعاقين العربى «الأوليمبياد الخاص» ومثل مصر 73 لاعباً ولاعبة فى ألعاب كرة القدم والريشة الطائرة والسباحة وكرة السلة وتنس الطاولة ورفع الأثقال وألعاب القوى والبوتش.. ثمانى ألعاب وليس كرة القدم فقط، 8 ألعاب فازوا فيها بقدرات خارقة منهم ومن المدربين وبفرحة بإنجاز أى إنجاز يحدث، فرحة للأسرة التى تبتلع الحسرة بعدم استكمال زينة الحياة.. العقول هى زينة الحياة..
هؤلاء الذين لم يصلوا إلى احتقان يجعلهم يتظاهرون مثل عمال المحلة أو أصحاب المعاشات المظلومين أو موظفى الضرائب العقارية أو الباحثين عن المياه فى البرلس أو قبط مصر فى الصعيد.. إنهم لا يعقلون حتى يضربوا.
إنهم لا يعرفون حقوقهم المهدرة وآدميتهم المنقوصة بفعل قوانين غبية غاشمة.. إن القوانين التى تضمن حقوق الأسوياء كان لابد أن تضمن حقوقهم من باب أولى لأنهم لا يطلبون.
إن الآباء والأمهات يعيشون بقلق الرحيل ولو أن الأعمار بيد الله ولكنهم يخافون الرحيل وترك الأبناء فى مهب الريح وفى ضياع قانونى فى دولة تلد القانون تلو الآخر، يحفظ حقوق النظام فى البقاء ونمو التسلط والسيطرة على خلق الله.
هل هذه القوانين.. هذه الترسانة الهائلة من القوانين، التى أطالب بفتات منها لذوى الاحتياجات الخاصة منذ عشرين عاماً مثل:
- حقهم فى معاش الأم والأب بعد الوفاة واستمرار صرف المعاش إلى أن يتوفاهم الله، لأنهم يكبرون ويتساقطون وهم لا يعقلون!!
- بركوب الدرجة الأولى حرصاً على مشاعرهم مجاناً فى المواصلات.
- صدور قرار من الرئيس مبارك بمعاش لذوى الاحتياجات الخاصة مثل معاش مبارك للمحتاجين.
- وطالبت بأن يكون من حق الأم أو الأب الصرف من مدخراتهما عليهم، لأن قانون التوفير لا يسمح بالصرف إلا لصاحب الصك نفسه. قالت السيدة مايسة سعد الدين، الرئيسة السابقة لقسم الأطفال فى شركة صوت القاهرة: إنها وضعت باسم ابنها مبلغاً من المال وأنه مرض وأرادت أن تسحب لعلاجه، فلم تستطع لأن وصايتها عليه سقطت ببلوغه السن.
- هل لا تخاف الدولة منهم لأنهم لن يُضْرِبوا فَيُضْرَبوا؟