x

القرد والقرداتي (حواديت العباسيين-7)

الأحد 25-10-2015 23:33 | كتب: |

(1)

هل سمعتم النائب البرلماني الجديد الدكتور عبدالرحيم على، وهو يتحدث باللغة العباسية في منبر إعلامي علني، عن زميله الدكتور عمرو الشوبكي؟

(2)
الدكتوران من الباحثين المعروفين في شؤون الجماعات الإسلامية، الدكتور الشوبكي أنجز في باريس رسالة دكتوراة عن الإخوان، وعمل باحثا في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام، والدكتور عبدالرحيم جاء من المجهول، فقد كان صحفيا يساريا في جريدة الأهالي على ما أذكر، واهتم بشؤون الحركات الإسلامية بطريقة غامضة، وشق طريقه بمساعدة مصادر خاصة، شاع بين العوام أنها من سلالة العباسيين القدماء.

(3)
راحت أيام وجاءت أيام، وحصل عبدالرحيم على الدكتوراة بنفس الطريقة الغامضة، (لا يهم فالبلد كلها صارت دكاترة إذ فجأتن!)، وبعد ثورة يناير كان لابد للباحث المختص بشؤون الحركات الإسلامية أن يقوم بدوره «الوطني» حسب المنهج العباسي الذي استحق عليه درجة الدكتوراة، فظهر في أحد البرامج التليفزيونية حاملا أوراقا وملفات، وأخذ يزعق ضد الرئيس الإخواني الذي أغضب مصر كلها، كانت أوراقا شائعة تختلط فيها الحقائق المبسطة التي يعرفها الناس بالهذيان العباسي المعلب بمعرفة معامل الأجهزة في «بير السلم».

(فاصل فانتازي)
في تلك الليلة الضبابية العاصفة التي تعرضت فيها ثورة يناير للاغتصاب، اختلط العاطل بالمناضل، والعميل بالنبيل، وتسلل فلول العباسيين إلى الميادين رافعين شعارات الثورة المغدورة التي انقلب عليها شركاؤها، ومع الوقت وارتفاع درجة حرارة الثورة ضد الإخوان، وانخفاض درجة التحفظ على الفلول تضخمت أوراق «الشيوعي الضال»، وراجت بضاعته، فافتتح له أميره دكانا صغيرا للفضائح أطلق عليه اسم «الصندوق الأسود» تيمنا ببشارة السيد عمر بن سليمان الذي تمتم بالاسم مهددا ومتوعدا، قبل ارتقائه لمدارج الغموض!

كانت هناك مشاكل كثيرة تعترض ظهور «تاجر الفضائح» على الشاشة، مثل تآكل الحروف في مخارج ألفاظه، ومستوى هندامه، وأشياء أخرى لا داعي لها، لكن العباسيين لديهم «فريق» يستطيع الاهتمام بتلميع العميل وتقديمه مهما كانت حالته بائسة (والعميل هنا تعني الزبون أما إذا أردت أن تفهمها بطريقة أخرى فهذا يرجع إلى ذكائك)

وبعد ثورة 30 يونيو اختلف بعض أمراء العباسيين على الغنائم، وسعى كل «فريق» لحشد الأعوان، وارتفع سعر الغلمان، وفي ظل هذا الرواج سافر «أمين الصندوق الأسود» إلى الإمارات الشقيقة في دورة تدريبية لتعلم «ربط الكرافتة» من «الفريق»، وعاد بعد الزيارة المباركة ليتوسع في «الدكاكين»، وعلى طريقة «الزيني بركات» صار ملء السمع والبصر.

(4)
كان من السهل على الدكتور عبدالرحيم على أن يفكر في خوض الانتخابات البرلمانية، فقد صار مشهورا، ومحبوبا، حتى أنه نشر بكل فخر في «بوابته» خبرا تحت عنوان: «سكان الزرائب يرحبون بعبدالرحيم علي». وتشاء الظروف أن تلتقي رغبة الدكتور مع (الإرادة العباسية)، فيتنافس الخبيران في الشؤون الإسلامية على والشوبكي، وتشاء الظروف أو (الإرادة العباسية) أيضا أن يفوز «الدكتور العمولة» من أول تكة، وأن يبقى «الدكتور النخبوي» للإعادة، فإذا بصاحب صندوق العجائب يشارك بلا سبب طبيعي (فقد نجح وخلاص) في مداخلة لتأييد مرشح منافس لزميله الخبير، ومن المفارقات العباسية الظريفة أن على كان قد أكد على الملأ أنه لن ينسق مع ذلك المرشح مهما حدث، لأنه مرشح الحزب الذي أسسه عدوه اللدود رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس، وإذ فجأتن أيضا تنطلق «أسطوانة» بقوة 12 ميجا هيرتز تتضمن تحريضا للناخبين ضد الشوبكي، كما تتضمن سبابا وهجوما بكلمات صريحة من طراز: تافه.. وضيع.. منحط.

(5)

ضحك المذيع العباسي مع ارتعاشة نشوة يشعر بها عادة كلما سمع هذه الألفاظ، وأشار إلى امتيازات الحصانة، ولم يعترض على اللغة المستخدمة، فهي من الألفاظ المتداولة والمألوفة في دواوين العباسيين، خاصة وأن الفقرة التليفزيونية كانت مخصصة لتبرير تسريب يتضمن نفس اللغة القذرة المدججة بالشتائم من المرشح الذي انتقل «علي» من رفضه إلى تأييده ودعمه!

(6)
* ليه؟
- ليه إيه؟
* ليه انتقل من الرفض والعداء للتأييد؟
- مالكش دعوة، هذه عادات العباسيين، والأمر دائما لا يحسمه الفرد العباسي، لكن الأمر ما يأمر به الأمير، فلا تركز كثيرا مع تصريحات الأتباع، ما هم إلا عبيد للفرمانات والتعليمات والسيديهات والتليفونات، حتى أن الأقدار(والإرادة العباسية) تساعدهم في ذلك، فالمرشح الذي تجاوز الخطوط الحمراء في مهاجمة ساويرس وحزبه، شاءت الأقدار أن يكون رمزه «الهاتف المحمول»، ورقمه الانتخابي «12»!..... (تكبير، ولا تخرج قبل أن تقول: سبحان مدبر التدابير)

(7)
* ماذا يعني كل هذا الكلام، في الوقت الذي وعدتكم فيه بالكتابة عن «سلاح البدور» في دولة العباسيين؟
- يعني أن الملحمة طويلة، وأن السيرة متداخلة، وأن البصاصين يملأون أرجاء المدينة، فلا تتعجلوا، سنلاعبهم، ونجاذبهم، ونكشف الأقنعة عن وجوههم القبيحة، ولايغرنكم تصنيع الألقاب، ولا تركيب الباروكات، ولا تنزعجوا من استخدام لغة السفلة في الحوار السياسي، ولا تيأسوا من قدرتنا على وضع كل قرد في قفصه، لن نستمر في الحياة داخل «غابة العباسيين»، ولن نقبل بتأسيس «جبلاية» بدلا من دولة عصرية تخضع لدستور وقوانين، فقد انتهى زمان القرد والقرداتي.

غدا نواصل «حواديت العباسيين»

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية