x

اللاجئون في ألمانيا.. «لقمة سائغة للسلفيين» (تقرير)

الجمعة 23-10-2015 20:55 | كتب: دويتشه فيله |
صورة أرشيفية صورة أرشيفية تصوير : وكالات

مع تزايد أعداد اللاجئين القادمين إلى ألمانيا، تخشى السلطات الألمانية من تزايد أعداد المتطرفين الإسلاميين في أراضيها، خاصة وأن تقارير صحفية واستخباراتية تبين تواصل جمعيات سلفية متشددة مع اللاجئين السوريين والعراقيين، ما يهدد باستقطابهم.

ونشرت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» الألمانية في عددها الصادر الخميس (22 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) أن جمعيات إسلامية سلفية تنشط في جمع التبرعات للاجئين، إذ رصدت الصحيفة الألمانية إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى التبرع للاجئين، في حين أعلنت إحدى الجمعيات السلفية عن تلقيها أحد عشر طناً من المساعدات من مواطنين عرب وألمان.

وحذرت التقارير الصحفية الألمانية من حملة كبيرة في الأوساط السلفية للاهتمام باللاجئين، إذ يريد السلفيون أن يمنعوا بقدر الإمكان اعتناق بعض اللاجئين المسلمين ديناً آخر، ففكرة أن يصبحوا مسيحيين تقلقهم. ويسعى السلفيون عبر المساعدات الإنسانية المفترضة إلى إيجاد صلة ارتباط باللاجئين، فتجدهم يقفون حاملين المواد الغذائية والملابس عند محطات القطار، تماماً كباقي المتطوعين الآخرين. كما تتم مناقشة مقترحات أخرى في الأوساط السلفية لتحقيق هذا الهدف، كأن تستضيف بعض الأسر لاجئين في بيوتها، مثل الأطفال السوريين الذين جاؤوا دون عائلاتهم. كما يسعى السلفيون لاستغلال ظروف اللاجئين في مهمتهم الدعوية.

ويؤكد الباحث في الجماعات الإسلامية، حامد عبدالصمد، في حوار مع DW عربية، أن «المتطرفين وبعض الجماعات السلفية المتشددة ترى في القادمين الجدد من اللاجئين فرصة لتعزيز أعدادها»، مضيفاً أن «هذه الجماعات تستغل جهل اللاجئين بالمجتمع الألماني وحاجتهم إلى المساعدة، فتقوم بالتقرب إليهم وإعطائهم النصائح المفيدة في حياتهم اليومية والهدايا البسيطة، لتوطيد العلاقات معهم وجذبهم وإقناعهم بالانضمام لهم».

وكانت مجلة «دير شبيغل» الألمانية قد نشرت تقريراً في سبتمبر/ أيلول الماضي تحدثت فيه عن رصد هيئة حماية الدستور الألمانية (الاستخبارات الداخلية) لجماعات سلفية ومتطرفين في مقاطعة بافاريا تنشط في استقطاب اللاجئين من سوريا والعراق، وذلك من خلال اتباع أساليب تتمثل بأنهم يريدون مساعدتهم. كما نشرت صحيفة «دي فيلت» الألمانية تقريراً إخبارياً قالت فيه إن السوريين الفارين من الحرب الأهلية يشكلون هدفاً رئيسياً بعد وصولهم إلى ألمانيا للحركة السلفية، التي تضم مُسلمين أصوليين.

وأشارت الصحيفة إلى نصيحة أحد الزعماء السلفيين ويُدعى بيير فوغل، الملقب بأبي حمزة، والذي يقدم قائمة من التوصيات لأتباع هذه الحركة يحدد فيها الأساليب الأكثر فعالية للاقتراب من اللاجئين وتجنيدهم. وينصح فوغل في القائمة أتباعه بتحديد أماكن كل مخيمات اللاجئين المحيطة بهم وزيارتها في مجموعات. كما يزعم فوغل أنه يعرف كيفية الظفر بقلوب اللاجئين فيقول: «اجلبوا لهم الهدايا»، ويقترح أيضاً «توفير المساعدة للعمال في مخيمات اللاّجئين، أو مقابلة اللاجئين في المساجد القريبة».

من ناحيته، يرى رئيس المركز الأوروبي العربي لدراسات مكافحة الإرهاب، جاسم محمد، أن خطر السلفية على ألمانيا كبير، معتبراً ألمانيا «أرضاً خصبة لتجنيد الأعضاء الجدد، كونها المكان المفضل للعديد من اللاجئين القادمين». وبحسب محمد، فإن العديد من الجماعات الجهادية نشر رسائل تهديد للحكومة الألمانية باللغة الألمانية، وهو ما يدلل على مدى تغلغل العنصر الألماني في هذه الحركات المتطرفة. ويتابع بالقول: «ما يثير القلق هو أنه بالرغم من كل الإجراءات التي قامت بها الحكومة الألمانية، فإن أعداد الجهاديين بازدياد وفقاً لتقارير حكومية».

وكانت هيئة حماية الدستور الألمانية قد نشرت إحصائية في النصف الأول من العام الحالي تفيد بتزايد أعداد المتشددين الإسلاميين في ألمانيا، وذكرت البيانات أن حوالي 7300 سلفي يعيشون في ألمانيا، وهو ما يعتبر تضخماً كبيراً في أعدادهم مقارنة بالسنوات الماضية.

هذا ويرى حامد عبدالصمد أن الإشكالية تتمثل في كون القادمين من سوريا والعراق من جميع شرائح المجتمع، فخطر القنابل والقذائف هو على الجميع، ما يرغم الكثير على الفرار. ويضيف عبدالصمد أن القادمين يحملون أفكاراً مختلفة، فمن الطبيعي أن يكونوا مختلفين سياسياً، فتجد منهم المعتدل وتجد منهم أيضاً المتطرف. لكن تأثير الجماعات السلفية على اللاجئين «كبير، كونهم يتبعون أسلوباً جماعياً مدروساً وغير مباشر»، بحسب حامد عبدالصمد، ما يجعلهم ينتقون من يريدون. ويبدأ هؤلاء بتصوير المجتمع الألماني بأنه «كافر» وغيرها من الصفات من أجل خلق حالة من العزلة بين اللاجئ والمجتمع.

أما الخبير جاسم محمد، فيؤكد أن حالة «الضياع» التي يعيشها اللاجئ فور قدومه تجعله فريسة لخطر الحركات السلفية، مضيفاً أن إجراءات تحديد وضعه تأخذ وقتاً طويلاً يكون خلالها اللاجئ في حالة «يرثى لها»، ولا يعرف ماذا يفعل. وهنا تتقدم إليه الجماعات «لاصطياده».

ويقترح محمد إشراك المراكز الإسلامية المعتدلة في عملية احتواء اللاجئ وتقديم الدعم له، معتبراً أن «الكثيرين قادمون من مناطق حرب، وبينهم أطفال ومراهقون وقد تكون لديهم مفاهيم مغلوطة بسبب الأجواء الذين عايشوها». والحل، برأيه، يكمن بالتحدث لهم بلغتهم وإفهامهم طبيعة المجتمع الذي هم فيه وأهمية الاعتدال في الدين وعدم التطرف. ويتابع: «هذا الأمر سيساعدهم على تحصينهم في وجه الأفكار المتطرفة، بالإضافة إلى أنه سيغلق الباب أمام الحركات المتطرفة، وهو باب النصح والإرشاد».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية