حزنت لقرار شبكة قنوات النهار بإغلاق قناة النهار الرياضية.. فمن المؤكد أنه ليس جميلا أن تختفى أو تنسحب أى شاشة أو صحيفة أو مجلة رياضية أو أى موقع إلكترونى يتابع الرياضة وأخبارها وحكاياتها.. وعلى الرغم من أن إدارة شبكة قنوات النهار أعلنت أنها تغلق قناتها الرياضية، بعد أن باتت إذاعة مباريات دورى كرة القدم حقا حصريا تملكه فقط شاشتا «الحياة» و«تِن»، وبالتالى اضطرت النهار الرياضية لإغلاق شاشتها والانسحاب من الميديا الرياضية.. أظن أن هذا القرار ليس القرار الصائب والحكيم فى مثل هذا التوقيت والمناخ الحالى لبلادنا.. فنحن مجتمع بدأ يفقد الشغف والثقة والاهتمام والاحترام لبرامج السياسة وأصحابها وضيوفها وقضاياها ويفتح أبوابه عن آخرها للرياضة وبرامج المسابقات والمنوعات.. وسواء كان ذلك يحدث نتيجة ضيق الناس وإحساسهم بالملل من السياسة وبرامجها بعد أربع سنوات عاصفة حافلة بالثورات والتقلبات والصراخ والدم.. أو لأن أصحاب برامج التوك شو لم يهتم معظمهم بالمحافظة على مصداقيتهم واحترام الناس لهم، ولم يكترث بعضهم بضرورة تغيير الشكل والأداء والفكر والمنهج قبل أن يدرك الملل عقول المشاهدين.. أو لأن هناك توجها عاما وربما بعض الأوامر والتعليمات بالكف عن طرح القضايا السياسية والاقتصادية والإنسانية الشائكة والاهتمام أكثر بالرياضة والمنوعات والكوميديا.. فإن النتيجة الواحدة مهما اختلفت أسبابها هى أن مصر تتأهب من جديد لاستعادة زمن قديم كانت الرياضة فيه هى نجم شباك الميديا كلها.. وسنرجع للزمن الذى كان فيه الحدث الرياضى هو الذى يقلب الدنيا والشاشة الرياضية هى التى تحتكر المشاهدة والإعلانات، وستنجح خطط تحويل مزاج عموم الناس من السياسة إلى الرياضة.. وستعود الديمقراطية هى انتخابات الأندية والفساد هو ما يجرى داخل الأندية والاتحادات، وقضايانا الشائكة هى صراعات حقيقية أو مختلَقة بين الأهلى والزمالك، ومتى تعود الجماهير للمدرجات وأحاديث كأس العالم وبطولة الأمم الأفريقية.. وقد بدأ البعض بالفعل ينتبهون لهذا التحول ويستجيبون له، بينما لايزال الآخرون ينتظرون انتهاء الانتخابات البرلمانية حتى يغلقوا ملفاتهم السياسية ويفتشوا عن ملفات وقضايا أخرى.. وقد يبقى شوبير ومدحت شلبى والغندور وزاهر وكريم وشلتوت وكل نجوم الميديا الرياضية ينافسون بعضهم البعض دون أن ينتبهوا إلى الطوفان المقبل.. فمحمود طاهر فى أوج أزمته كان ضيفا على لميس الحديدى، ومانويل جوزيه اختار الحديث لجماهير الأهلى مع إسعاد يونس، وحسام غالى وعماد متعب، بعد مشهد مباراة السوبر فى الإمارات، ذهبا إلى منى الشاذلى، ولم يعد الناس يتبادلون أى مشاهد لعمرو أديب إلا تلك التى يتحدث فيها عن الزمالك وكرة القدم.. ومن الخطأ أن يبقى أهل الرياضة ومسؤولو شبكة النهار وأى شاشات أخرى يتخيلون أنه لا رياضة بدون إذاعة مباريات كرة.. فهى قناعة مصرية قديمة وخاطئة.. فالمباريات مهمة جدا، لكن ستبقى قضايا الكرة أهم وأكثر جاذبية، وستصبح حديث كل الناس فور انتهاء انتخابات البرلمان.. ولهذا حزنت لقرار شبكة النهار بالانسحاب من الرياضة فى الوقت الغلط.