«تتسم البدايات غالباً بصعوبتها، ومن المهم دائمًا أن نحقق الفوز حتى نضمن انطلاقة قوية ونكتسب المزيد من الثقة» كلمات قالها جيزوالدو فيريرا، المدير الفني لنادي الزمالك، الأربعاء، في المؤتمر الصحفي للمباراة، وهي بالفعل تُلخص بشكل كبير أحداثها.
دخل فريق الزمالك، الذي يعرفه الجميع وتابعه جيدًا في مسابقات كأس مصر والكونفدرالية الأفريقية والسوبر المصري، التي خاضها في الفترة ما بين بطولتي الدوري الموسم الماضي والحالي، في مواجهة دجلة المختفي عن الأنظار منذ نهاية الموسم الماضي، ولاشك أنك حينما تواجه خصمًا تعرفه جيدًا، فإن مهمتك ستكون أكثر سهولة منها حين تواجه فريقًا لا تعرف عنه شيئًا.
ومن هنا جاء حديث «فيريرا» عن صعوبة المباراة، إلى جانب تعرض الفريق لضغوط نتجت عن أهمية تحقيق انطلاقة قوية تمنح الفريق دافعًا للأمام، وكانت سرّ الرغبة القوية والشحن المعنوي الكبير الذي بدا على لاعبي الزمالك في بداية المباراة، فقبل الحديث عن أمور خططية لا تتغير كثيرًا مع المدرب «فيريرا»، كان من المهم أن نربط معطيات اللقاء ببدايته الساخنة من جانب الزمالك، الذي استطاع إحراز هدف مبكر، ولو أحسن اللاعبون في ما بعدُ التصرف بالكرة ولعبوا الكرة السهلة، لاستطاع الزمالك إنهاء اللقاء بنتيجة كبيرة في الدقائق الأولى.
وبالعودة للحديث عن الجوانب الخططية، فقد بدأ «فيريرا» اللقاء بنظريته المعتادة 4-3-3 بالتشكيل التالي:
رباعي دفاع متأخر شهد ظهور ضيف جديد، هو اللاعب شريف علاء في مركز الظهير الأيسر، وبالرغم من أن اللاعب، القادم من المقاولون العرب، لم يستطع أن يثبت جدارته بهذا المكان، إلا أنه قدم شيئًا جديدًا لم نعده من لاعبي الزمالك مع «فيريرا» من قبل، وهو الضغط المتقدم الذي تسبب بشكل مباشر في الهدف الأول للزمالك، بعد أن قام بالضغط على لاعب دجلة واستخلص الكرة لأيمن حفني، الذي تكفل بالمهمة ومرر كرة ساحرة لـ«كهربا»، الذي لعبها من لمسة واحده داخل المرمى.
ثلاثي وسط Flat يتوسطه طارق حامد بين معروف، يوسف لاعب الوسط المساند ناحية اليسار، وعمر جابر، لاعب الوسط المساند ناحية اليمين.
ثلاثي في الهجوم، باسم مرسى يتوسط «كهربا»، الجناح الأيسر المُكلف بالتحول كرأس حربه وهمي، كما حدث في مشهد الهدف الأول على سبيل المثال، وأيمن حفني، الجناح الأيمن المكلف بالدور المركب حين يتحول إلى قلب الملعب لصناعة اللعب كما حدث في مشهد الهدف الأول كذلك، وهو الهدف الذي برع فيه كل من «حفني» و«كهربا» في أدوراهما المركبة.
استحوذ الزمالك تمامًا على النصف الأول من الشوط الأول، وكان بمقدور اللاعبين تحقيق نتيجة تاريخية، ولكن ما حدث أن كل لاعب بالزمالك تفنن في أن يصعب الأمور على نفسه عند استلامه الكرة، فعاد دجلة للقاء في النصف الثاني من الشوط الأول واستحوذ تمامًا على الكرة وبدأ في شن الهجمات عن طريق الجبهة اليمنى للفريق الأصفر مستغلاً دخول شريف علاء كثيرًا بلا داعٍ إلى منطقة الجزاء وترْكه مساحة كبيرة بين منطقة الجزاء وخط التماس، استغلها لاعبو دجلة بكل سهولة في ظل عدم تغطية «معروف» دفاعيًا وعدم قيام «كهربا» بدوره الدفاعي.
وكان تألق «الشناوي» وحده السبب الرئيسي في خروج الزمالك متقدمًا في النتيجة في الشوط الأول، قبل أن يتبرع حمادة صدقي بإراحة دفاع الزمالك من خلال إبعاد ستانلي عن الناحية اليمنى، فأصبحت مهمة لاعبي الزمالك الدفاعية أسهل واستعاد الزمالك السيطرة على الأمور، والحقيقة أن إبعاد ستانلي عن الناحية اليمنى لم يكن الهدية الوحيدة لـ«صدقي»، فإشراك محمود علاء، قلب الدفاع، من البداية كظهير أيمن، وهو لاعب بطيء جدًا، كان سببًا رئيسيًا في تفوق الزمالك الكاسح في بداية اللقاء، قبل أن يتدارك المساعد الثالث في جهاز حسن شحاتة خطأه بعد ذلك.
قام «فيريرا» مع بداية الشوط الثاني بإشراك مصطفى فتحي كجناح أيمن على حساب أيمن حفني، الذي اختفى تمامًا بعد صناعة الهدف الأول، فحوّل مصطفى فتحي أغلب اللعب إلى وسط ملعب دجلة بسرعته ومهاراته الفائقة، التي أجبرت لاعبي دجلة على الارتداد للخلف، وكاد «مصطفى» أن يعزز تقدم الزمالك بنفسه، قبل أن تمر كرته إلى جوار القائم الأيسر لمرمى عصام الحضري، وكررها بصناعة مميزة مرتين واحده أهدرها «معروف»، والثانية لم يتحرك إليها باسم مرسى، وثالثة سددها «باسم» وأنقذها الحضري.
ودفع الإجهاد البدني الذي يعاني منه لاعبو الزمالك، نتيجة تلاحم الموسمين، «فيريرا» لاستبدال «كهربا» بمحمد سالم، ولم يخيب المهاجم الشاب آمال مدربه، واستطاع أن يحرز الهدف الثاني من متابعة رائعة على القائم القريب غابت عن مهاجمي الزمالك لسنوات، ولم يفعلها سوى البوركينابي عبدالله سيسيه، المعار لاتحاد الشرطة.
وقد ظهرت في مشهد الهدف الثاني مهارة فائقة من المدافع أحمد دويدار، الذي راوغ ستانلي بطريقة مميزة ومرر كرة جميلة اقتنصها «سالم»، قبل أن تصل إليها يد «الحضري» لإبعادها.
من الطبيعي في كرة القدم أن يرواغ المهاجمُ المدافع المكلف برقابته، أما أن يحدث العكس ويراواغ المدافعُ نفس المهاجم ويقوم بصناعة هدف، فهذا ليس عاديًا ولكن الزمالك يحتفظ بأسراره الخاصة في كرة القدم عبر التاريخ، وأسراره كلها ليست عادية !
أما التغيير الثالث لـ«فيريرا» فجاء اضطراريًا من خلال إشراك حمادة طلبة في مركز قلب الدفاع على حساب محمد كوفي، الذي تعرض لشد في العضلة الخلفية، بحسب التشخيص الأولي.
في النهاية، فاز الزمالك بعد أن قدم مباراة جيدة كادت أن تصل إلى درجة الامتياز لولا بعض الأخطاء، التي كادت أن تُعيد دجلة للمباراة من جديد، ولكن إذا أراد الفريق الحفاظ على لقبه، فعلى اللاعبين أن يتدراكوا أخطاءهم وعلى المدرب أيضًا أن يراجع بعض أفكاره، سواء على مستوى اختيار العناصر أو على المستوى الخططى.