ما بين مؤيد ومعارض اختلف الجميع حول الدكتور محمد البرادعى بوصفه مرشحا محتملا للرئاسة وليس كعالم وخبير فى القانون ورئيس سابق لهيئة الطاقة الذرية.. أحداث ساخنة يشهدها المجتمع المصرى حول البرادعى، فالبعض يتوقعه مرشحا والبعض الآخر يتمناه رئيسا، وعلى الجانب الآخر البعض يؤيده كعالم ولكن يعارضه كسياسى، ويستبعد أن يصل إلى الحكم.
بين الرأيين كاميرات الفضائيات الخاصة لا تتوقف عن مطاردته فى كل مكان يذهب إليه: «البرادعى فى وقفة تضامنية مع خالد سعيد».. «البرادعى يصلى الجمعة فى مسجد الحسين».. «البرادعى يبدأ جولاته فى المحافظات».
حالة الحراك السياسى التى صاحبت ظهور البرادعى، تفاعلت معها جميع الوسائل الإعلامية سواء سلبا أو إيجابا فيما عدا التليفزيون المصرى وقنواته، فقد ابتعد عن الحدث تماما، وكأنه غير موجود، وفى الوقت الذى تحول فيه البرادعى إلى محور حديث كل برامج «التوك شو» على الفضائيات الخاصة، وجدت نظيرتها التى تذاع على التليفزيون المصرى مَخرجا لعدم تناوله على شاشتها شكلا وموضوعا، وبينما تساءل الجميع عن تجاهل التليفزيون لظهوره، حسم أنس الفقى وزير الإعلام ذلك الجدل بتأكيده فى حواره مع برنامج «مصر النهارده» أن البرادعى ظاهرة إعلامية صنعها الإعلام الخاص، وأن التليفزيون سيحاول استضافته لو قدم جديدا فى الحياة السياسية.
وقبل حديث الوزير عن البرادعى سبق وحذف التليفزيون المصرى من حوار الرئيس حسنى مبارك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقد مع مستشارة المانيا انجيلا ميركل فى برلين، كلمته عن البرادعى عندما قال: «نحن لا نحتاج بطلا قوميا من هنا أو هناك.. عايز يرشح نفسه من خلال حزب يتفضل.. عايز يرشح نفسه كمستقل يتفضل.. مفيش عندنا قيود فى هذا المجال، طالما أنه التزم بالدستور»، وبينما أذاعت قناة «العربية» كلمته نصا، حذفها التليفزيون، ليتورط فى تعمد تجاهل البرادعى.
عبداللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار، اتفق مع الوزير فى أن البرادعى لم يضف للحياة السياسية، وأضاف أن برامج قطاع الأخبار لن تستضيفه إلا كعالم فى الطاقة الذرية، إلى أن يقدم ما هو جديد أو يطرح نفسه من خلال حزب ليكون وجوده شرعياً. هناك اتفاق ضمنى بين برامج التليفزيون المصرى على عدم استضافة البرادعى، فلم تصدر تعليمات رسمية بعدم استضافته، ولكن البعض مقتنع بأنه لن يمنح الفرصة لأى شخص ليتحدث عن مصر وهو لا يعرفها، ومنهم أحمد طه المشرف على برنامج «مصر النهارده»، الذى أكد أن البرنامج لم يستضف البرادعى، لأنه شخص غير مقنع، وقال إن البرنامج لو قدم حلقة عن الطاقة الذرية سيكون البرادعى على قائمة ضيوفها، لأنه لا خلاف حول مكانته العلمية فى مجال الطاقة الذرية، والدليل على ذلك استضافة محمود سعد له فى برنامج «البيت بيتك» فهذا هو المجال الذى يفهم فيه..
وتساءل: كيف أمنحه فرصة الحديث عن مستقبل مصر فى تليفزيون الدولة وهو لا يعرف مصر نفسها. ما قاله أنس الفقى وعلى الدين هلال وفتحى سرور من تصريحات حول البرادعى، استخلص منها الدكتور حسن نافعة منسق عام «الجمعية الوطنية للتغيير» أن هناك حملة شرسة ضد البرادعى، خاصة بعد انتشار فكر التغيير الذى يتبناه والتفاف الناس حوله ووصول التوقيعات إلى نصف مليون، مؤكدا أنهم استخدموا مدفعية ثقيلة ضده، نافيا أن يكون البرادعى ظاهرة إعلامية،
وقال: «من حق البرادعى أن يظهر على تليفزيون الدولة فهو لا يمانع ولكن مسؤولى ماسبيرو لم يقتربوا منه، رغم أنه كان حريصا من البداية أن ينطلق من تليفزيون الدولة، ولكن وزير الإعلام رفض ذلك، ولم يمنع ظهوره على التليفزيون فقط، بل بدأ حاليا فى الضغط على الإعلام الخاص لعدم ظهور البرادعى. وأضاف: الفضائيات الخاصة لم تمنح الفرصة للبرادعى، عكس «الجزيرة» التى استضافته فرحب بها، لأنها تُشاهد فى جميع أنحاء الوطن العربى وفى الخارج أيضا، وكانت فرصة ليتحدث فيها البرادعى عن فكره.
وأكد نافعة أن التليفزيون لم يمنع البرادعى فقط بل كل أعضاء الجمعية الوطنية للتغيير، وقال: حتى أنا منعوا ظهورى رغم أننى كنت ضيفا دائما فى برنامج «صباح الخير يا مصر». «ده تليفزيون دولة ومن حق الشعب يعرف كل اللى بيحصل فى البلد».. كلمات انتقد بها جورج إسحق مسؤول لجنة المحافظات فى «الجمعية الوطنية للتغيير» عدم ظهور البرادعى على التليفزيون المصرى، وقال: قرار منعه يدل على أن أصحاب هذا القرار موظفون وليسوا رجال إعلام، وقد استفزنى كلام أسامة الشيخ حول البرادعى حينما قال: مين البرادعى عشان أجيبه على التليفزيون المصرى؟ وتساءل جورج: ما موقف التليفزيون من البرادعى عندما يعلو ويعلو فى الحياة السياسية؟.. وهل سيستمر فى تجاهله؟..
منتقدا القائمة السوداء التى يضع فيها التليفزيون أسماء الممنوعين من الظهور. وقال: لا يهمنا التليفزيون فكل هدفنا لقاء الشعب المصرى مباشرة ولا نعتمد على الخطب التى ليس لها أى تأثير. الدكتور حسن مكاوى رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون فى كلية الإعلام سابقا، قال إن التليفزيون المصرى ملك الجميع، فهو يعبر عن كل ما يدور فى المجتمع، فمن حق جميع الأحزاب الظهور عليه والبرادعى شخصية عامة ومرموقة وظهوره فى التليفزيون فى الوقت الحالى أمر مهم جدا ومفيد للدولة وإيجابى.