بغض النظر عن كلام الإخوان، نحتاج لإعادة نظر فى حياتنا السياسية.. وبغض النظر عما تنشره صحف الغرب، نحتاج لإعادة نظر فى قانون الانتخاب.. ما قاله الأشرار قاله الأنصار أيضاً.. وما نشرته صحف الغرب نشرته صحف مصر قبلها.. لا هى مؤامرة ولا محاولات يائسة ولا فاشلة، كما قال المتحدث الرسمى للخارجية.. منه لله اللى عمل القانون.. الله لا يسامحه.. للأسف تحولت الانتخابات إلى لوغاريتمات!
وبغض النظر عن خطأ تفسير ما جرى بأنه تصويت على شخص الرئيس، مطلوب من السيسى التحرك فوراً لرأب الصدع.. مطلوب منه بذل جهد أكبر، لاحتواء مشكلات تبدو صغيرة.. للأسف ليست صغيرة.. معظم النار من مستصغر الشرر.. هذا العزوف الكبير يحتاج إلى عمل كبير، للاقتراب من الشباب.. لا ينبغى أن ندفن رؤوسنا فى الرمال.. التحول الديمقراطى لا ينبغى أن يتجاهل 65% من شعب مصر(!)
وبغض النظر عن التفسير الإخوانى الفظيع، هناك تفسيرات مقبولة، أطلقها أنصار السيسى أنفسهم.. بعضها يتعلق بقانون الانتخاب، وهو أسوأ قانون ممكن يتم الانتخاب على أساسه.. وبعضها يتعلق بالأحزاب المصرية بعد الثورة.. وبعضها يتعلق بعودة رجال مبارك للصورة.. بحيث يمكن التنبؤ بشكل البرلمان القادم، ومعرفة رؤساء اللجان النوعية، ومعرفة رئيس البرلمان نفسه.. وهى كارثة فوق الاحتمال!
وبغض النظر عن الردود الدبلوماسية، نعترف بأن الإقبال الذى حدث غير مقبول بعد ثورة.. وهو يعكس تراجع الإحساس بالأمل.. كما يعبر عن انتكاسة حقيقية، إذا قورن الإقبال بالاستفتاء على الدستور أو انتخابات الرئاسة.. دعونا نعترف: هناك «حاجة غلط».. فهل تستوعب الرئاسة هذه الأخطاء؟.. هل هناك نيّة لإعادة الأشياء إلى نصابها من أول إقرار التشريعات، وتقديم وجوه جديدة لصدارة المشهد؟!
بغض النظر عن الشماتة والتريقة والتنكيت والتبكيت، نريد وقفة جادة نحو مستقبل مصر.. ما علينا ممن يسعون لجرنا للوراء.. ما علينا ممن يريدون إرهاق البلاد بالشائعات.. بغض النظر عن كل هذا عندنا مشكلة فعلاً.. لابد أن نتحرك.. هذه «صيحة» ممن يحبون مصر، ولا يتحملون شوكة فى ظهرها.. كانت عندنا فرصة لتصويت جديد على ثورة 30 يونيو.. كانت عندنا فرصة لتقديم صورة جديدة لمصر الجديدة!
وبغض النظر عن احتمالات وجود شباب فى البرلمان القادم، بعضهم فى قائمة حب مصر، أو مستقبل وطن، فإن هؤلاء شباب اختارتهم القوائم المؤيدة من الدولة، وليست القوائم المؤيدة من الشعب.. نريد انتخابات حقيقية.. نريد قانون انتخابات يفهمه الناخب العادى، وليس المتخصص فى العلوم السياسية.. نريد فرزاً من القاعدة، وليس فرزاً من القمة.. نريد برلماناً يعبر عن مصر الجديدة، لا برلماناً تصنعه السلطة (!)
أخيراً، بغض النظر عن كل ما سبق، هناك أيضاً مَن لم يُصوّتوا من أنصار السيسى.. السبب أنهم لا يعرفون المرشحين، ولا يعرفون البرامج، ولا ينتخبون قوائم حزبية.. المشهد ناتج عن بعض ارتباك، وبعض غضب.. مع ذلك لو كان الاستفتاء على شخص الرئيس، فلن يقل عن انتخابات الرئاسة كثيراً!