x

محمود عمارة عزوف المغتربين وغضبهم المشروع محمود عمارة الأحد 18-10-2015 21:17


أكتُب هذا المقال، قبل بدء عملية «تصويت المصريين بالخارج»، وأعلم النتيجة مُسبقا، وهى «عزوفهم وعدم مُشاركتهم.. رغم أننا أعددنا لهم 139 لجنة انتخابية فى 122 دولة حول العالم.. يا ترى اتكلِّفوا كام مليون $؟

السؤال: ما أسباب عزوفهم وغضبهم؟

أولاً: «إدينى عقلك» وركِّز معايا حتى نهاية المقال، لأن ما جرى شىء لا يصدقه عقل.. إزاى؟

الدولة قالت: يجب تمثيل المغتربين فى مجلس النواب، لخلق حلقة وصل بينهم وبين الوطن الأم، ولكى يُعبّروا عن مقترحاتهم وأفكارهم، ونستفيد من خبراتهم ومدخراتهم.. وللوصول إلى الجيل الثانى، لصناعة «لوبى» مصرى، يُصبح امتداداً جغرافيا لنا فى العواصم العالمية!!

السؤال: ماذا فعلنا لتحقيق هذه الأهداف النبيلة؟

«أجهضناها».. «أفشلناها».. فرَّغناها من أى مضمون، بل أغضبناهم وفقدنا ثقتهم.. إزاى؟

أصدرنا قانون الانتخابات يقول إيه؟

سيادتك (يا مُغترب فى كندا) تيجى تترشح على قائمة غرب الدلتا.. واللى هينتخبك: أهالى مرسى مطروح، «وأولاد على».. وبعد ما تنجح فى القايمة إبقى روح مَثِّل المصريين فى تورنتو!!.. يعنى «غِشّ اللى انتخبوك»، وما يهمكش اللى هتمثِّلهم (ولا تعبَّرهم) لأنهم لا فضل لهم فى انتخابك!!

وانت يا بتاع باريس.. تترشَّح على قايمة الجيزة.. واللى هينتخبك أهالى الواحات البحرية.. وبعدما تنجح بأصواتهم، سيبك منهم وروح مثِّل الجالية المصرية فى فرنسا «وغش الاتنين، اللى انتخبوك واللى هتمثِّلهم!!».

السؤال: مَن هذا «الجهبذ».. الترزى الذى فصّل هذا القانون.. الذى أجهض الفكرة النبيلة التى كُنت أول مَن تقدم بها لوزير الهجرة، ألبرت برسوم سلامة، 1984 (عندما كُنت رئيساً للجالية بفرنسا)، وكرَّرتها على الرئيس مبارك بمكتبه بقصر عابدين، أمام السيد عمرو موسى، وزير الخارجية، 1992، واقترحت عليه:

1. إما تعيين واحد عن كل قارة، ممثلا بمجلس الشعب.

2. أو عمل دوائر انتخابية لكل قارة، يترشَّح فيها مَن يرغب من المُقيمين هُناك، وتنتخب الجاليات مَن تراه جديراً بتمثيلهم، (وهو المعمول به بكل دول العالم)!!

لكن تقول لمين؟ وتفَهِّم مين؟

ما بيفهموش.. اتعوِّدوا على اللف والدوران.. وفيهم «جهابذة» مُتخصصون فى إجهاض أى فُرصة تُساهم فى رفعة شأن هذا الوطن!!

ولهذا لن تجد أحداً أمام القنصليات (فى أوروبا والأمريكتين)، للمشاركة بالتصويت على هذه «المهزلة»، سوى عُمال السفارات والسائقين، وعدد من «الخرفان» الراغبين فى إفساد وتصوير المشهد!!

السؤال: لماذا هُم غاضبون ومستاؤون؟

1- لأن كل مَن تقدَّم للترشيح باسم المصريين بالخارج هو «غشَّاش».. يغشّ من سينتخبه، ولا يُمثِّل سوى نفسه أمام الجاليات، (والغش فى بلاد برَّة جريمة لا تُغتفر)!

2- «الشتيمة» والسب وقلة الأدب من بعض مُقدمى البرامج (الأمنجية).. لكل مَن يحمل جنسية تانية من المهاجرين، واتهامهم بأنهم «جواسيس»، ويجب منعهم من حضور جلسات لجنة الأمن القومى، (خوفا على أسرار البلد)!! مُدلِّسين- مُتجاهلين أن المهاجر من 30 سنة ترك الجمل بما حمل لأمثالهم، ولأصحاب القنوات الذين يعملون فى خدمتهم، وكلاهما فاااااسد!!

لهذا امتنع كل مَن يحمل جنسية تانية من العلماء والخبراء الذين كانوا «ثراء» وإضافة للمجلس!!

والحل:

نبدأ من أول وجديد، رغم أننا «صعَّبنا» المهمة على أنفسنا.. ويبقى على وزارة الخارجية التواصل ومحاولة الاعتذار لهم (بشياكة) ووعدهم بإصلاح ما أفسدناه!!

ومهمة وزيرة الهجرة الجديدة.. أن تُعدّ من الآن «خطة» عن كيفية إعادة الثقة مع أبناء مصر بالخارج، الذين أثبتوا دائما أنهم عُشّاق لهذا الوطن، بدليل أنهم بعد ثورة 25 يناير، حوّلوا 22 مليار دولار لمصر، فى الوقت الذى «هَرَّب» مَن هُم فى الداخل 13 مليار $ للخارج!!

الخلاصة: هؤلاء المغتربون الذين عانق حلمهم السماء بعد الثورتين ونزل على «فاشوش».. (ورغم كل الإهانات)، كُلَّما التقينا بهم فى بلاد المهجر، لا حديث لهم سوى: عن كيف يُشاركون بخبراتهم ومدخراتهم فى بناء وطنهم الأم مصر.. وسؤالهم الدائم: يروحوا لمين؟

لهذا أكُرِّر اقتراحى المعمول به فى المغرب وفرنسا وبوركينا فاسو:

«مكتب لاستقبال العائدين».. الراغبين فى الاستثمار على أرض المحروسة!!

تعالى نشوف ماذا فعلوا فى المغرب: افتتحوا من 10 سنوات «شباك واحد، وموظف وحيد».. سمُّوه «السُّلطة الجهوية».. المستثمر يُقدِّم الأوراق المطلوبة «المكتوبة على الشباك».. والموظف الواحد يتعامل معاه.. وخلال 60 يوماً يُعطيه «الموافقة».. إن عجز هذا الموظف لأى سبب يبعت «الملف» للوالى (المحافظ).. والوالى لازم يوافق خلال 30 يوماً.. وإلَّا تُصبح الموافقة «أتوماتيكية» بعد الـ90 يوماً!!.. واستمرار «الوالى» والياً على الولاية (المحافظة) يتوقَّف على: حجم الاستثمارات التى جذبها لمحافظته.. وعدد «فُرص العمل» التى خلقها للمحافظة.. (وفى ذلك فليتنافس المتنافسون).. واللى مش عاجبه.. يروَّح، بالإقالة أو الاستقالة!!

وكمان فى القنصلية المغربية بباريس.. تجد «موظفا» تابعا للشباك الواحد.. يعرض على المغاربة فى فرنسا المشروعات والفُرص المتاحة، المغترب المغربى يختار ويُسدِّد القيمة والرسوم بفروع البنك المغربى المنتشرة فى فرنسا.. والتحويلات باليورو صباحاً ومساءً!! وبهذه التسهيلات المُغرية، تجد بعض المصريين فى أوروبا المتزوجين من مغربيات ذهبوا بمدخراتهم وخبراتهم وافتتحوا مشروعات بمراكش والدار البيضاء وأغادير!!

وإحنا قاعدين نعمل مؤتمرات اقتصادية «نوصَّف فيها مشاكلنا».. وكأننا بعد 60 سنة من التشخيص، لسَّه مش عارفين مشاكلنا؟ ومش فاهمين إن الحالة المصرية لا تحتاج إلى أطباء باطنة يحسِّسوا ويشخَّصوا.. ولكنها تحتاج إلى «جرَّاحين.. يقطعوا العرق ويسَيَّحوا دمُّه».. قبل أن يتبخَّر الحلم!!

ونستكمل الإثنين القادم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية