يعلم الجميع من هو الهولندي يوهان كرويف والدور الذي لعبه في تاريخ برشلونة، سواء كلاعب أو مدير فني أرسى فلسفة معينة داخل جدران النادي لا تزال مستمرة حتى الآن، ولكن هناك واقعة مثيرة شهدتها الليجا عام 1974، كان هو بطلها، بجانب الرئيس الحالي للاتحاد الإسباني لكرة القدم، أنخل ماريا فيار، وتعد غير معروفة بالنسبة للكثيرين.
للاطلاع على ما حدث يجب السفر بآلة الزمن الكروية داخل منحنيات الليجا، والعودة لموسم «1973-1974»، الذي كان الأول له بين صفوف البرسا ويتذكره عشاق النادي الكتالوني من الإسبان جيدًا، لأنه أنهى صيامًا استمر 14 عامًا عن التتويج بلقب الدوري الإسباني، وتضمن فوزًا تاريخيًا على الريـال في معقله بخماسية نظيفة.
قبل قص تلك الواقعة، يجب معرفة هوية اللاعب الذي كان عليه «كرويف»، فبخلاف مهاراته الكثيرة وصورة «الحكيم» التي يظهر عليها الآن، فإنه كان فوق المستطيل الأخضر نجمًا متعجرفًا بعض الشيء ويميل لاستفزاز خصومه لفظيًا.
هناك في الأراضي الباسكية، كان برشلونة، في 24 مارس 1974، يواجه على ملعب «سان ماميس» أثلتيك بلباو، الذي توج مؤخرًا بكأس السوبر الإسباني على حساب النادي الكتالوني، وكان يلعب في ضمن صفوفه الرئيس الحالي للاتحاد المحلي للعبة أنخل ماريا فيار.
يعرف الجميع أن النادي الباسكي، حفاظًا على هويته، لا يقبل بأي لاعبين لا ينتمون لهذا الإقليم، فيما أن السلطات الإسبانية، قبل ذلك الموسم تحديدًا، كانت قد ألغت قرارها بمنع احتراف اللاعبين الأجانب بالأندية الموجودة داخل البلاد، وكان برشلونة أول من سارع بتطبيق القرار بجلب «كرويف» و«سوتيل»، وهو الأمر الذي لم يرق لـ«أسود بلباو» كثيرًا.
كان «كرويف» في أعين جماهير «سان ماميس» أكبر مثال على أكثر شيء لا يرغبون فيه: «اللاعب القادم من الخارج مقابل أموال كثيرة»، مع العلم بأننا هنا نتحدث عن فترة بعيدة نسبيًا في الزمن وهي عام 1974.
وجرت المباراة وسط أجواء مشحونة، حيث كانت مهمة «فيار» في تلك المباراة تتمثل في مراقبة «كرويف» حينما يؤخر مركزه لوسط الملعب لبدء الهجمة من الخلف، لذا كانت المناوشات بينهما كثيرة، حتى الدقيقة 36، حينها احتسبت ركنية لصالح برشلونة، إلا أن «كرويف» توجه لـ«فيار» وقال له شيئًا ما، فما كان من الأخير إلا أن صفعه تحت وقع الانفعال ثم توجه بعدما أدرك فعلته خارج الملعب حتى دون أن يرى البطاقة الحمراء، التي أشهرها الحكم سوتو مونتيسينوس له.
راق هذا التصرف لجماهير «سان ماميس» كثيرًا، التي حيت «فيار» على فعلته بالتصفيق، ولكن هذا الواقعة كان لها صدى كبير داخل كل إسبانيا، لأن المباراة، التي انتهت بالتعادل السلبي، كانت تبث مباشرة على التلفاز.
وقعت على «فيار» عقوبة الايقاف أربع مباريات، فيما أن اللاعب ظل يتجنب الصحافة بصورة كبيرة رافضًا الإدلاء بأي تصريحات، بل وبدلًا من المبيت في منزله القريب من «سان ماميس» أقام عند أحد أقاربه في ليزيما، وتولى شقيقه مهمة الحديث للصحافة، حيث قال: «(كرويف) كان يسبه طوال المباراة، لقد كان يسعى وراء هذا، كان يسعى وراء رده»، ثم كثر اللاعب بعد ذلك حاجز الصمت بعدها بعدة أيام في تصريحات قال فيها: «أرغب في نسيان كل شيء، العقوبة تبدو بالنسبة لي مبالغة ولكن بصفتي رياضيًا أقبلها، فلا داعي لأن أقول المزيد بخصوص (كرويف) اللاعب صاحب الشهرة».
وكانت هذه التصريحات حينها سببًا في زيادة التعاطف مع «فيار» في مختلف أنحاء إسبانيا، إلا مدينة برشلونة بالطبع، التي لم تقبل بالطبع أن يهان نجمها بهذه الطريقة.