«العرض يجب أن يستمر.. إنها عبارة شهيرة يعرفها الجميع ويشيع استخدامها في مدينة لاس فيجاس الأمريكية، التي بالفعل لا تتوقف فيها العروض مهما حدث من أجل إرضاء الجمهور، حيث كانت هذه الشخصية هي التي تقمصها الاتحاد الإسباني في 1987 بعد مصرع أحد حكامه.
تعود الواقعة إلى 25 فبراير 1987، فهو اليوم الذي كان سيشهد مواجهة ريـال مدريد وأوساسونا، على ملعب «السادار»، في ذهاب ربع نهائي كأس الملك، حيث وقع الاختيار على الحكم المثير للجدل إيميليو كارلوس جوروسيتا لإدارة المباراة.
تسبب هذا الاختيار في شحن الأجواء بعض الشيء، لأن سمعة «جوروسيتا» لم تكن جيدة بسبب بعض قراراته وتصرفاته المثيرة للجدل، ومن ضمنها على سبيل المثال احتساب ركلة جزاء مشبوهة لصالح ريـال مدريد على ملعب «كامب نو».
لم يمهل القدر «جوروسيتا» فرصة لدخول أرض الملعب حتى لارتكاب قرارات صائبة أو خاطئة، حيث إنه قبل المباراة تعرض لحادث حينما كان يتوجه بسيارته بصحبة الحكمين المساعدين لملعب «السادار» لإدارة المباراة.
وقع الحادث حينما اصطدمت السيارة بشاحنة كانت متوقفة على الطريق السريع، وهو ما أدى لوفاة «جوروسيتا» والحكم المساعد إدواردو فيدال، فيما تعرض الراكب الثالث، وهو أنطونيو كوفيس، لإصابات خطيرة تعافى منها لاحقًا.
الحديث هنا عن فترة قريبة في الزمن كانت الإذاعات والقنوات التليفزيونية متاحة للأغلبية، لذا فإن خبر وفاة «جوروسيتا» انتشر وبات معروفًا لدى الجميع، ولكن كانت المفاجأة أن الاتحاد الإسباني لم يقرر إلغاء المباراة على الرغم من أن جثامين حكامه لم تكن دخلت بعد في برودة الموت.
كان القرار الذي اتخذه الاتحاد الإسباني هو استدعاء الحكم دوناتو بيس بيريز لإدارة اللقاء، حيث كان يسكن على بعد ساعتين فقط من الملعب، حيث قرر رئيس لجنة الحكام حينها، خوسيه بلازا، إسناد المهمة له.
بدأت المباراة في أجواء باردة وغريبة من قبل الجماهير واللاعبين والحكام، ولكنها ما لبثت أن اتخذت منحنى ساخنًا، حيث تمكن ريـال مدريد من الفوز بهدفين لواحد، تبعه انتصار الإياب بأربعة أهداف لواحد، قبل أن يخرج في نصف النهائي على يد أتلتيكو مدريد.
لم تنته قصة الحكم «جوروسيتا» عند هذا الحد، حيث إنه، وبعد 10 سنوات من رحيله والإصرار على إقامة المباراة التي كان سيديرها في نفس يوم وفاته، ظهر اسمه مجددًا، بعدما اعترف رئيس أندرلخت البلجيكي، كونستانت فاندين ستوك، بأنه دفع له رشوة.
واعترف «ستوك»، في الرابع من أغسطس عام 1997، بأنه دفع مليون فرنك بلجيكي للحكم الإسباني لكي يساعده في إقصاء نوتنجهام الإنجليزي من كأس الاتحاد الأوروبي عام 1984، حيث كان أندرلخت خسر في مباراة الذهاب بهدفين، ولكنه إيابًا، وتحت إدارة «جوروسيتا» للقاء، تمكن من العودة والفوز بثلاثية نظيفة تضمنت احتساب ركلة جزاء مشكوك في صحتها والكثير من القرارات المثيرة للجدل.