x

عبد الناصر سلامة تعسيلة رئيس البرلمان عبد الناصر سلامة الجمعة 16-10-2015 21:47


أعتقد أن اختيار رئيس للبرلمان من الآن هو أمر غير مقبول، وأن يقع الاختيار على شخص سوف يقضى معظم الوقت نائما حين انعقاد الجلسات هو أمر لا يليق، فما بالنا إذا نام وفتح فمه كما هو معتاد، بالتأكيد هو اختيار خاطئ، ما الأمر إذن إذا كان هو بطبيعته لا يهش ولا ينش، الاختيار إذن فاشل، هل لأنه رجل طيب ويسمع الكلام فهذا يكفيه، أى أن كل مقومات اختياره إنه مش هنا؟!

تسريبات كثيرة الآن حول وجود لجنة تختار رئيسا للبرلمان الذى لم تُجْرَ انتخاباته حتى الآن، وبالتالى تشكيل لجان المجلس، واختيار رؤسائها، ثم يخرج علينا أحد المقربين ليتحدث عن أن هناك سبع مواد فى الدستور سوف يتم تغييرها فورا بمجرد انعقاد المجلس، وأن الهدف هو تعديل وتوسيع صلاحيات الرئيس، كما أن القوانين الصادرة خلال العامين الماضيين، والتى يصل عددها إلى نحو سبعمائة، سوف تتم الموافقة عليها فورا دون مناقشات، وذلك لأن الدستور يمنح المجلس مهلة خمسة عشر يوما لإقرارها، ومن هنا فإن المناقشات لن تسعف المجلس فى تحقيق ذلك، وتصريحات أخرى بأن البرلمان لابد أن يوافق على اسم رئيس الوزراء الذى يرشحه رئيس الجمهورية، حتى لا يضطر الرئيس إلى حل المجلس، طبقا للدستور.

كل هذا وغيره يجعل المواطن يظن أننا أمام انتخابات نتائجها معلومة سلفا، أى أنها انتخابات صورية، هذه التسريبات ليست فى صالح الاستقرار أبدا، بمعنى أصح هذه الممارسات- وليست التسريبات- لا يجوز بأى حال أن تصدر عن أشخاص يتحملون مسؤولية وطن، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا كل هذه النفقات، ميزانية الدولة سوف تتحمل وحدها نحو مليارى جنيه، بخلاف ما ينفقه المرشحون، والذى يزيد على ذلك الرقم بالتأكيد، ناهيك عن المشاكل والمعارك الدموية فى معظم المحافظات؟!

كان من الممكن أن ينص الدستور على مجلس بالتعيين لمدة أربع سنوات مقبلة، أو كان من الممكن المماطلة فترة أطول حتى لا تُجرى الانتخابات إذا كانت التقارير ترى أن نتائجها لن تكون على هوى القيادة السياسية، كان من الممكن البحث عن أى مخرج لهذه الأزمة إلا أن تُجرى انتخابات شكلية، لا التسريبات السرية، ولا التصريحات العلنية تبشر بانتخابات على مستوى الأحداث التى شهدتها البلاد على مدى خمس سنوات مضت، ولا على مستوى تاريخ البلاد على كل المستويات، البرلمانية والثقافية منها بصفة خاصة.

معظم الأسماء التى تضمها القوائم الانتخابية لا تبشر بأى مستقبل برلمانى جيد، وبصفة خاصة القائمة المميزة، القائمة السوبر، قائمة البانجو والتانجو، قائمة النفاق والرياء، وهى القائمة التى تسببت فى الدعوات المتزايدة إلى المقاطعة، لا يجب أبدا أن يمثلنا نواب بالبرلمان على غير رغبتنا، لا يجب أبدا إرغامنا على أن نظل نرى هذه الوجوه عدة سنوات أخرى، بخلاف السنوات السابقة التى فرضتهم علينا خلالها برامج التوك شو القميئة.

أعتقد أن الأوضاع إذا سارت بهذا الشكل المسرب فهو تعجيل بنهاية النظام ككل، هى بداية النهاية بالفعل، ولنا فى انتخابات 2010 العبرة، وما تلاها من أحداث 25 يناير، كما أعتقد فى الوقت نفسه أن الوقت مازال مناسبا لتدارك الموقف، والنزول على إرادة الناس، وعلى اختياراتهم، وفى النهاية سوف يكون كل الأعضاء مصريين، وطنيين، كل هدفهم صالح الوطن، ولن تكون المعارضة داخل البرلمان معوقا أبدا أمام مسارات الإصلاح، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية.

بل على العكس من ذلك، إذا كان التصفيق والموافقة هما سمتا المجلس المقبل، فإن المعارضة سوف تنتقل بسرعة فائقة إلى الشارع، التقصير من البرلمان سوف تعوضه المؤتمرات خارجه، القرارات الخطأ سوف تكون بالتوازى مع الاحتجاجات الشعبية، سوف تكون المعارضة حينذاك للحكومة والبرلمان فى آن واحد، قد لا تستمر معارضة سلمية أبدا وسط تفاقم الأوضاع فى هذا الشأن أو ذاك، سوف يشعر المواطن حينئذ أن كل آماله فى الإصلاح قد ذهبت سُدًى، أن كل الدماء التى سالت فى الشوارع والميادين قد ذهبت هدرا.

أتصور أن أعضاء برلمان يشكلون تمثيلا حقيقيا للشارع هو مكسب للنظام الحاكم قبل أى شىء آخر، وأن معارضة حقيقية داخل البرلمان يراها ويشعر بها المواطن أفضل كثيرا للنظام من انتقالها مرتجلة إلى الشارع بكل ما يحمل من آلام وأوجاع، وأن إثراء العملية الديمقراطية بالرأى والرأى الآخر هو أمر فى غاية الأهمية لوطن يئن من الأزمات على كافة الأصعدة، أما إذا كان رئيس المجلس نائما، وبالدف ضاربا، فشيمة الأعضاء كلهم النعس، وسيكون شعارنا: التعسيلة حق لكل مواطن، لنعود إذن إلى نقطة الصفر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية