x

لينين الرملي الثورة والذكرى لينين الرملي الأربعاء 14-10-2015 21:43


قامت ثورة 25 يناير وشاهدت كل حوادثها التى تكررت كثيرا. ومن بين أحداثها مشهد لن يغيب عن ذاكرتى بسهولة. مجموعة من الشباب يتظاهرون من أعماقهم هاتفين بقوة (يسقط يسقط حكم العسكر). حسبتهم من الإخوان. ولكنهم كانوا يحملون لافتات كبيرة عليها صورة الزعيم جمال عبدالناصر! والذى حلت ذكراه منذ أيام. أما الأكثر غرابة فأنهم كانوا يرفعون صوره فى زيه العسكرى الذى سرعان ما خلعه عندما نصّب نفسه زعيما بعد طرده اللواء محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر والسودان.

هى صورة تلخص تلك الحقبة على ما فيها من تناقض مضحك إلى أقصى حد. فهل يعلم هؤلاء الشبان ما حدث قبل ذلك؟ عندما زج عبدالناصر بالرئيس اللواء نجيب واكتفى بالقول إنه تم إعفاؤه من الحكم ولم يذكر السبب ولا أين ذهب وانقطعت أخباره تماما عن الناس حتى مات، أى بعد أن مات الزعيم مبكرا، بينما عاش نجيب ولحق بعصر السادات حتى أخرجه السادات، وكان محبوسا طيلة الوقت مع مجموعة كلاب متوحشة. وحدث أن مات نجل نجيب وكان يعمل على تاكسى فأذاع راديو إسرائيل أن محمد نجيب قد مات. إما بالخطأ أو بالقصد لتذكر الناس بسيرة نجيب. ومع ذلك لم ينشر عندنا نبأ وفاة ابنه أو حتى خبر تعزية فيه!.

أما سبب إعفاء الرئيس الأسبق فقد جاء بعد رشوة اثنين من العمال ليحرقا بعض الترمايات ويهتفا تسقط الديمقراطية. وكان نجيب يخطط لعودة الجيش إلى مواقعه تمهيدا لعودة الحياة الليبرالية. وقد شاهدت فى التليفزيون السادات فيما بعد وهو يقول إنه كان ضد ترك الحكم ومعه غالبية من العسكر، بينما رفض عبدالناصر ذلك. ولكن الأغلبية اختارت البقاء فى أماكنها وكان هذا متفقا عليه بالطبع. بدليل أنهم اختاروا ناصر لتولى الحكم وهو عكس ما ادعاه.

هل الشبان الذين تظاهروا فى 25 يناير يهتفون (يسقط يسقط حكم العسكر) كانوا ضد الزعيم، أم كانوا فى غيبوبة ولم يقرأوا شيئا عن تاريخهم القريب؟ فحتى آباؤهم لم يقرأوا شيئا أو سكتوا، فقد صودرت الصحف والمطبوعات وبالطبع الإذاعة وكل من كان يمكن أن يفتح فمه. حقا بعضهم تكلم، لكن زُج بهم فى المعتقلات، بينما خلع الرئيس زيه العسكرى ولبس الحلة العادية بعد قليل.

مرة أخرى.. ماذا كان يقصد الشبان عندما هتفوا بسقوط العسكر وهم يحملون صورة الزعيم فى زيه العسكرى؟ بالطبع لم يكن قصدهم قادة الجيش وقت ثورة 25 يناير، والذين أفسحوا الطريق لحكم مدنى لمدة عام لتسيير الأعمال وبعدها بدأت الانتخابات (وليس الاستفتاء) كما كانت أيام ناصر، ثم السادات، وبعده مبارك حتى نزل فى حقبته الأخيرة لدخول الانتخابات لأول مرة، ولكنه عن طريق التزوير كما حدث فى كل هذه العهود بلا استثناء.

ومادمنا نتكلم عن الاستثناء علينا أن نتذكر المعركة التى بادر الإخوان بإعلان نجاحهم فيها فجرا وقبل إعلان النتيجة الرسمية، وهددوا بالويل والثبور لو جاءت بغير ذلك، وبالفعل غيرت القوة التى راحت لحراسة الفائز- وهو الفريق شفيق- مسارها وتحولت إلى مرسى العياط خوفا من الإخوان، وتم التكتم على النتيجة الحقيقية رغم ثبوت الغش فيها.

مرة ثانية وثالثة ورابعة: لماذا اختار الشباب صورة ناصر بزيه العسكرى تحديداً دون بقية صورة، أم هل رددوا الهتاف خلف بعضهم دون فهم أو تعقل أو معرفة؟

ليس عيبا أن يتولى أى عسكرى الحكم، فهو من حقه كغيره من المواطنين، لكن بنفس الشروط، وعندما يختاره الناس بالأغلبية المطلقة. والمثال أمامنا وهو السيسى، أول رئيس يختاره الشعب المصرى، فلم يحدث من قبل لأنه انتُخب بإجماع كاسح وتحت رقابة المجتمع الدولى كله. والخلاصة أن على الشباب أن يقرأوا ما فاتهم من تاريخهم لكن بعيدا عن التاريخ المزيف لسنوات طويلة.

آخر السطور

هل نسمح للمنتقبات بالتدريس فى المدارس والجامعات، والناجحات من المنتقبات فى الانتخابات البرلمانية؟

الإخوان والسلفيون والداعشيون وأمثالهم يطالبون بذلك، ولكن إذا كان دستورنا من أول مبادئه المساواة، فالحق نفسه يجب أن يسمح به لرجالنا بالنقاب، وهو ما يفعله الإرهابيون الذين يقتلوننا ويهربون، فلا نعرف وجوههم السمحة!. أليس هذا أيضا من حق كل الرجال كما هو حق للإرهابيين؟! سؤال منطقى وبسيط: هل نحن نعيش فى القرون الوسطى؟

نعم.. نحن لم نخرج منها بعد، وعلى المتضرر أن يثبت العكس.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية