يبدأ المواطنون المصريون المقيمون فى خارج البلاد يوم السبت القادم التصويت على مدى يومين لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية. وليست هذه هى المرة الأولى التى يدلى فيها هؤلاء المواطنون بأصواتهم فى استحقاقات انتخابية وسياسية تخص بلدهم على الرغم من إقامتهم خارجه، فمنذ صدور حكم القضاء الإدارى فى أكتوبر 2011 بأحقيتهم فى التصويت، شارك هؤلاء فى انتخابات مجلس الشعب 2011، ومجلس الشورى 2012، ورئاسة الجمهورية 2012، والاستفتاء على الدستور 2012، والاستفتاء على دستور 2014، والانتخابات الرئاسية 2014. ويضاف إلى تصويت المصريين بالخارج فى انتخابات مجلس النواب القادمة أنهم للمرة الأولى وبحكم الدستور سيكونون أيضاً مرشحين فيها، سواء على المقاعد الفردية أو بثمانية مقاعد إجبارية فى القوائم الانتخابية.
والملاحظة الرئيسية التى تتعلق بتصويت المصريين فى الخارج فى الانتخابات والاستفتاءات السابق ذكرها وصولاً إلى الانتخابات القادمة، هى أنه لم يستقر نظام واحد فى طريقة تصويتهم، وحتى حقهم الحالى فى الترشح، فهو أيضاً سيكون- وبحكم الدستور- للانتخابات البرلمانية الحالية فقط وبعدها سيترك تنظيمه للقانون كما يضعه المشرع. فحتى ثورة 30 يونيو كانت مشاركة المصريين بالخارج فى التصويت تستلزم أولاً ممن يريد أن يسجل اسمه قبلها فى السفارات والقنصليات المصرية أو لدى اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات والاستفتاءات، بحيث يقتصر التصويت على من سجلوا أنفسهم قبله، ولم يتجاوز عدد الذين سجلوا أنفسهم للتصويت 600 ألف مصرى لم يصوت منهم فعلياً سوى أقل من 300 ألف مواطن. أما بعد 30 يونيو 2013 وفى الاستفتاء على دستور 2014 وانتخابات الرئاسة فى نفس العام، فقد ألغى شرط التسجيل المسبق للتصويت وفتح الباب لكل من تتوافر فيه شروط القيد فى قاعدة الناخبين للتصويت فى الخارج، وبلغ العدد أكثر قليلاً من 300 ألف مصرى.
والحقيقة أن الإشكالية الكبرى التى ستواجه المصريين بالخارج بعد انتهاء انتخابات مجلس النواب القادمة هى الطريقة التى سيتم بها تنظيم حقوقهم وأوضاعهم فى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فى التشريعات التى سيصدرها مجلس النواب الجديد. ولكى يمكن التوصل لتنظيم دقيق وواقعى لمشاركة المصريين بالخارج تصويتاً وترشيحاً فى الاستحقاقات الانتخابية المختلفة القادمة، فإن الأمر يستلزم قبل كل شىء التحديد التقريبى للعدد الحقيقى لمن يملك منهم حق التصويت، والأهم للراغبين فيه. فالمشكلة الحقيقية ليست هى معرفة عدد المصريين المقيمين فى الخارج، الذى تتراوح فيه الاجتهادات شديدة التفاوت، بل هى معرفة العدد التقريبى لمن يرغب منهم فى المشاركة التصويتية، وهو ما سوف تترتب عليه كافة الحقوق الانتخابية لهم وأيضاً طريقة تنظيمها.
من هنا فإننا نتوجه للسيد المستشار رئيس اللجنة العليا للانتخابات وأعضائها المحترمين بأن يصدروا قراراً بفتح باب القيد فى سجلات يمكن تسميتها «سجلات الراغبين فى المشاركة الانتخابية» من المصريين المقيمين بالخارج لمدة شهرين متواصلين يبدآن من الأول من يناير القادم، على أن تضع اللجنة عدة وسائل ميسرة ومؤمنة مباشرة وإلكترونية لكى يقيد المصريون الراغبون فى ممارسة هذا الحق أنفسهم فى هذه السجلات. ومن الضرورى لتحقيق الغرض من هذا الإجراء أن يسبقه ويرافقه حملة ترويج وتعريف واسعة به فى أوساط الجاليات المصرية بالخارج، حتى يتمكن الراغبون منهم من قيد أنفسهم فى السجلات المشار إليها.
إن توافر الرقم التقريبى بعد انتهاء فترة القيد للمصريين المقيمين بالخارج الراغبين فى ممارسة حقهم فى المشاركة الانتخابية، سوف يمثل القاعدة الأهم لرسم وصياغة طرق ووسائل هذه المشاركة بالترشح والتصويت فى التشريعات الانتخابية التى سوف يضعها مجلس النواب، وسيكون بالإضافة لمعلومات وعناصر أخرى يمكن الحديث عنها فور توافر هذا الرقم، هو السبيل الوحيد لتحقيق مشاركة حقيقية وعادلة للمصريين بالخارج فى الاستحقاقات الانتخابية والسياسية التى تجرى فى بلدهم.