تصاعد الموقف السياسى فى غزة فرض نفسه حتى على أجواء الترفيه فى هوليوود، متمثلاً فى الكثير من الجدل والانتقادات مع عرض فيلم «التحدى» أو «The Defiance» أبطاله من اليهود المقاومين للنازية خلال الحرب العالمية الثانية، فقد قفزت الرؤى والتقييمات السياسية لا الفنية إلى ساحة المناقشات حول الفيلم وما يحمله من مضامين، فى الوقت الذى يزداد فيه العدوان على غزة وارتفاع أعداد الضحايا الفلسطينيين لما يزيد على ألف.
وكان من اللافت للانتباه تحول هذه النقاشات حول الفيلم على موقع صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الإلكترونى إلى اتهامات واضحة وصريحة لمخرج لفيلم «إدوارد زويك» بمعاداة السامية خلال الفيلم رغم أنه يعلى من قيمة المقاومة لدى أربعة أشقاء يهود أثناء الحرب العالمية الثانية، ويبرز مقاومتهم للنازية فى بولندا، كمحاولة للوقوف أمام الانتقادات التى واجهت الفيلم وأن توقيت عرضه لا يتناسب مع ما تقوم به إسرائيل حالياً.
الفيلم مأخوذ عن رواية بالاسم نفسه «التحدى: بيالسكى بارتيانز» للكاتب «نيتشاما تيك» الذى ذكر أنه استوحى كتابته من أحداث حقيقية وقعت بالفعل قبل ما يزيد على 70 عاماً، حيث نجح 4 أشقاء يهود بولنديين فى التصدى للجيش النازى، بل تهريب عدد من مواطنيهم، من خلال الالتحاق بالجيش الروسى، ونجحوا فى تهريب وإنقاذ 1200 يهودى.
وذكر «إريك جولدشتاين» الكاتب بصحيفة «لوس أنجلوس تايمز» فى مقاله أن «زويك» قابل أثناء إعداده للفيلم «ديبى سلوشل» وهى من تيار اليمين المسيحى المعروفة بمواقفها المعارضة للإسلام وصاحبة مدونة شهيرة معادية بشكل كامل لما تنتجه هوليوود من أعمال، والتى ذكرت فى مدونتها: «هوليوود تكره رؤية اليهود أحياء وتفضل رؤيتهم أمواتاً، وهى تهوى الهولوكوست وتقديم أفلام عنها، وتكره إسرائيل»!،
وحتى فى تقديمها لفيلم عن اليهود وما تعرضوا له اختارت توقيتاً سيئا يصرف نظر الجمهور عن الفيلم نظراً لتصاعد الأحداث فى الشرق الأوسط. وادعت «ديبى» أن اليهود هم ضحايا النازية الجدد فى الشرق الأوسط، وأنهم يحاربون أعداء مثل الذين يحاربهم أبطال الفيلم.. من ناحيته ذكر «زويك» أن هوليوود لم تقدم فيلماً واحداً تعادى خلاله السامية، وطالب «ديبى» بإثبات ما تدعى بتقديم دليل واحد على ما تقول.
وحول عدم تقديمه فيلما عما يحدث حالياً فى الشرق الأوسط قال «زويك»: المسألة معقدة جداً ومليئة بالتفاصيل التى لا يمكن أن أرويها فى فيلم مدته ساعتان.. وربط كاتب المقالة ما يطلبه البعض حالياً من تكثيف الأعمال الهوليوودية عن إسرائيل وتاريخ اليهود، بما كان مطلوباً قبل سنوات قليلة من تقديم أفلام عن الحرب الأمريكية على الإرهاب،
وأثار المقال وما ورد به ردود فعل كبيرة، فقد هاجم أحد القراء ـ فى تعليق له ـ هوليوود وما تقدمه من سينما تقوم على أركان ثلاثة الفن والترفيه والبيزنس لخدمة وللدعاية للمجتمع الإسرائيلى وخدمته، بحيث لا يمر عام إلا ويقدم فيلم عن الهولوكوست أو أى مما يثير التعاطف مع اليهود وتاريخهم، ف
ى الوقت الذى لا يتبنى فيه أى عمل هوليوودى وجهة نظر واضحة حول القضية الفلسطينية، أو يعرضها من الأساس، فى حين ذكر آخر أن أى عمل مؤيد لإسرائيل لا يكون محببا فى شباك التذاكر العالمى خاصة وسط تصاعد أعمال العنف ضد الفلسطينيين، إلا أن هناك عدم ارتياح أو ما يشبه التخوف بين الليبراليين فى هوليوود من المخاطرة بمهنتهم من خلال تقديم عمل ضد القضية الفلسطينية، حتى لا يتأثر عملهم باتهامات معاداة السامية، وهو الأمر نفسه الذى يتوازى مع التخوف من أن يعرب صناع السينما يهوديو الأصل عن يهوديتهم بشكل صريح عبر أفلامهم..
وهاجم أحد زوار الموقع محاولات المخرج لإثناء زملائه عن تقديم عمل عن القضية الفلسطينية بحجة أن ساعتين ـ مدة الفيلم الروائى ـ لن تكفيا لتناولها، مؤكداً أن هوليوود تفتقد للشجاعة للوقوف أمام اللوبى اليهودى فى المدينة، والذى يعوق تقديم فيلم عن القضية الفلسطينية رغم ثراء ما يمكن أن يقدم عنها ويسعى للتقيد بما تعلنه الأمم المتحدة من تصريحات رسمية..
واتهم أحد الزوار هوليوود بأنها تحاول كسب التعاطف نحو اليهود من خلال الفيلم فى الوقت الذى تقتل فيه إسرائيل عشرات الفلسطينيين يومياً منذ بدء قصف غزة، كنوع خبيث من رد الفعل نحو ما يحدث من أوضاع متدهورة للفلسطينيين، وطالب آخر إسرائيل بأن تكف عن التعامل والترويج لأنها دولة يهودية، وأن تكف عن مذابح غزة وتشريد الفلسطينيين وهدم منازلهم.
يذكر أن الفيلم بطولة «دانييل كريج» و «ليف شريبر» و «جيمى بل» و «جورج ماكاى»، وكتب له السيناريو المخرج «إدوارد زويك» وقد بدأه منذ عام 1999 فور شرائه حقوق تحويل الرواية إلى عمل سينمائى، وتم تصوير الفيلم فى ليتوانيا فى سبتمبر 2007 ولمدة 3 أشهر قبل أن يتفرغ بطله «دانييل كريج» لتصوير فيلم «كم من العزاء» أحدث أجزاء سلسلة «جيمس بوند». وقد تكلف الفيلم 50 مليون دولار، ولم تتجاوز إيراداته حتى الآن 7 ملايين دولار.