جمعنى لقاء مع الدكتور الهلالى الشربينى، وزير التربية والتعليم، فوجدت أنه مشغول بإعادة اسم الوزارة إلى مدارسها، ثم إنه جاد فى ذلك.
أما اسم الوزارة فهو «التربية والتعليم» لا التعليم فقط، لأنه قد جاء علينا وقت كنا فيه، خلال سنوات عدة مضت، نستسهل اختصار الاسم، فنقول كلما جاءت للوزارة سيرة إنها وزارة التعليم.. وكان هذا فى حد ذاته خطأ كبيراً، لأننا تصورنا أنه من الممكن أن يكون فى مدارسنا تعليم دون أن تسبقه تربية!
وأنت إذا مررت أمام مبنى الوزارة، فى المنطقة القريبة من حى المنيرة، فى وسط البلد، فسوف تلمح اسم الوزارة منقوشاً بالخط العريض الكبير على صدر المبنى، وسوف يتسرب إليك إحساس عميق، وأنت تتطلع إلى الاسم واضحاً وبارزاً من مكانك فى وسط الشارع، أن الذى أمر بكتابته بهذا الخط، وبهذا الوضوح، كان وكأنه يقصد أن يلفت انتباه كل العابرين أمام الوزارة أنها معنية بالتربية وبالتعليم معاً، غير أنها ستكون معنية بالتربية أولاً، لأنك لا تستطيع أن تقيم بيتاً من طابقين، فتبدأ بالطابق الثانى.. لا يمكن، ولا تستطيع!
لقد كان لى فى التعليم، على مدى سنوات مضت، كلام كثير، ولو جمعته ذات يوم فسوف يملأ عشرة كتب على الأقل، وسوف يكون لى فيه كلام آخر أكثر، بإذن الله، غير أنى أريد هنا أن أشير إلى أن شيئاً محدداً سوف يبعث فى نفسك بعضاً من الطمأنينة إذا استمعت إلى الوزير الجديد، كما استمعت أنا إليه.
أما هذا الشىء فهو أنه لا يريد أن ينسب جهد غيره إلى نفسه، وكان أقرب مثال على ذلك حكاية الدرجات العشر التى تقرر أن تطبقها المدارس ابتداءً من هذا العام، بواقع سبع درجات للحضور، وثلاث للالتزام.
لقد طلبت من الدكتور الهلالى أن يتمسك بفكرة هذه الدرجات العشر، وأن يزيدها إلى الضعف، أو ثلاثة أضعاف، إذا استطاع، لأننا نريدها رادعة لكل تلميذ منفلت، فى أى مدرسة، ولأننا نريد لوزارة «التربية» و«التعليم» أن تكون اسماً على مسمى حقاً، ولأن ما تنشره الصحف، كل صباح، من وقائع مؤسفة فى مدرسة هنا، وأخرى هناك، يقول إننا لسنا أمام مدارس بأى معنى، وإن نقطة البدء أن تعيد الاحترام، والهيبة، والانضباط، إلى كل مدرسة، وإلا فلا تعليم يمكن أن نتحدث عنه، بعد ذلك.
هو قال إن فكرة الدرجات العشر ليست فكرته، وإنه جاء فوجدها، وأراد أن يبعث فيها الحياة، فاتخذ قراره الذى تسانده فيه الدولة كلها، ولابد أن نسانده نحن أيضاً.. كل واحد فى مكانه.. لعل التربية بمعنى الانضباط والالتزام تعود كما يجب، وعندها سوف يكون لنا عن التعليم حديث طويل!