لم يعد هناك وجود للرؤية السياسية فى مصر الآن. ولم يعد فيها مكان للمنطق ولا مساحة للعقل. ربما كان ذلك واضحاً فيما يتعلق بنظرتنا لبعض مشاكلنا وقضايانا الداخلية. ولكنه بان بشكل أوضح فيما يتعلق ببعض قضايانا الخارجية.
فمن ذا الذى يقول بأن فرض ضرائب عقارية على الفنادق والشواطئ والمصانع التابعة لجهات معينة شأن بقية المنشآت المماثلة التابعة لجهات مدنية أخرى يلحق الضرر بالأمن القومى.
بينما استمرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا لا يمثل أى قدر من الضرر بالأمن القومى المصرى؟ ومن ذا الذى يقول بأن أمن الخليج له الأولوية على أمن سوريا فى استراتيجية الأمن القومى المصرى؟ ومن ذا الذى يصدق بأننا مازلنا نحتفظ بعلاقات دبلوماسية مع كل من قطر وتركيا، رغم سياستهما المعادية لمصر. فى وقت لاتزال فيه علاقتنا الدبلوماسية مع سوريا مقطوعة؟ هل أضرت سوريا بمصر كما أضرتها قطر وتركيا؟ هل تآمرت سوريا على مصر وتحالفت مع الإرهابيين كما تحالفت قطر وتركيا أم أن سوريا لاتزال تحارب نفس الإرهابيين الذين يهددون أمن مصر القومى. فمن الأولى إذن باستمرار العلاقات ومن الأولى بقطعها؟
لقد قطعت مصر علاقتها الدبلوماسية مع سوريا فى عهد مرسى وحكم الإخوان. خدمة لسياسة هؤلاء وتحقيقاً لمصالحهم. فهل من المنطق أن يستمر ذلك فى ظل منظور سياسى مناقب لسياسة مرسى والإخوان؟ وهل من المنطق أو المعقول أن نعيد السفير الإسرائيلى إلى مصر بينما السفير السورى فى القاهرة لايزال غائبا عنها؟ وإذا قد قطعنا علاقتنا الدبلوماسية بإيران إرضاء لدول الخليج. فلماذا لا نعيد هذه العلاقات أسوة بهم، أم أننا أصبحنا ملكيين أكثر من الملك؟ هل عداء إيران لنا أصبح أكثر من عدائها للخليج؟ رغم تهديدات إيران الحقيقى لهؤلاء إلا أنهم لايزالون يحتفظون بعلاقات كاملة معها. بينما تظل علاقتنا نحن بإيران مقطوعة رغم أن عداء إيران لنا مجرد وهم واختلاق!
وإذا كانت روسيا تغامر بسمعتها العسكرية فى حرب الإرهاب الدائرة فى سوريا الآن حفاظاً على مصالحها. أليس لنا مصلحة فى سوريا تقتضى حتى ولو وجود سفير لنا هناك يعوض غيابنا العسكرى بحضور سياسى أو دبلوماسى! لماذا نشارك فى الحرب ضد الحوثيين فى اليمن ولا نشارك فى الحرب ضد الإرهابيين فى سوريا، رغم أنهم مجرد جناح للإرهابيين عندنا؟
بل لماذا نذهب لمحاربة ما نسميه إرهاباً فى اليمن ولا نذهب لمحاربة إرهاب حقيقى يتهددنا فى ليبيا؟ أرأيتم كيف غاب العقل والمنطق فى كل تلك الممارسات والمواقف، وهو انعكاس لحالة التخبط والارتباك السائدة لدينا فى مصر الآن. فهل من مخرج لنا مما نحن فيه الآن من عبث لغياب الرؤية والرشد؟!