تصاعدت حدة التوتر فى القدس المحتلة والضفة الغربية ورام الله وغزة، وداخل مناطق الخط الأخضر، أمس، حيث سقط المزيد من الشهداء والجرحى، ليرتفع عدد الضحايا الفلسطينيين منذ اندلاع المواجهات مطلع الشهر الجارى إلى ١٩ شهيداً، فضلاً عن أكثر من ألف جريح و650 معتقلاً، فى أجواء وصفتها حركة «حماس» وسياسيون ومحللون فلسطينيون بأنها «انتفاضة جديدة» أو «انتفاضة السكاكين» و«انتفاضة الطعنات»، بينما اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلى، موشيه يعالون، أن السلطة الفلسطينية «لم تعد شريكة لإحلال السلام».
واتسعت رقعة الاحتجاجات، أمس، فى العديد من القرى والمدن الفلسطينية، ومن بينها مقر السلطة الفلسطينية فى رام الله، إذ أقدمت سلطات الاحتلال على إطلاق الغاز والرصاص على محتجين فلسطينيين شمال المدينة واقتحمتها لعدة أمتار، واندلعت مواجهات عنيفة بين قوات الاحتلال، وعشرات الشبان الفلسطينيين فى بلدة كفر عقب شمال القدس المحتلة، فيما أصيب عشرات الفلسطينيين فى عدة مناطق.
وفى الخليل، هاجمت مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين منازل الفلسطينيين القريبة من مستوطنة «كريات أربع» شرق المدينة الخليل.
وامتدت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال داخل الخط الأخضر فى أراضى 48. وذكرت مصادر عبرية أن مواجهات اندلعت فى مدينة أم الفحم والناصرة وسخنين ووادى عارة ورهط داخل الخط الأخضر. وأشارت إلى أن العشرات من الشبان أحرقوا إطارات السيارات ورشقوا عناصر الشرطة الإسرائيلية بالحجارة. وأوضحت أنه تم اعتقال 6 شبان بذريعة إلقاء زجاجات حارقة على الطريق الرئيسى لبلدة الطيبة داخل الخط الأخضر. وعم الغضب مدينة الناصرة، بعد إطلاق الرصاص على شابة فلسطينية، فى المحطة المركزية فى العفولة، بعد تعرضها لإطلاق رصاص من قبل شرطة وجنود الاحتلال، بدعوى محاولتها طعن جندى.
وأعلنت الشرطة الإسرائيلية، أمس، أن فلسطينياً أقدم على طعن 3 شرطيين إسرائيليين وأصابهم فى القدس الشرقية، قبل أن يقتله جنود الاحتلال.
واستشهد، صباح أمس، شاب فلسطينى، بعد إطلاق شرطة الاحتلال الإسرائيلى النار عليه، إثر طعنه إسرائيليين اثنين، فى منطقة المصرارة فى القدس المحتلة، بحسب ما أعلنت شرطة الاحتلال.
وهرعت قوات الاحتلال إلى المنطقة المجاورة لباب العامود، وأغلقتها بالكامل، بينما تركت الشاب ينزف حتى الموت، فى حين قامت بنقل الإسرائيليين الجرحى إلى المستشفى. وفور استشهاد الفتى، خرج فلسطينيون فى احتجاجات فى المصرارة، لكن شرطة الاحتلال واجهتهم بقنابل الغاز المسيلة للدموع.
وهذا هو الفلسطينى الثالث الذى يُقتل فى القدس برصاص الاحتلال فى أقل من 24 ساعة، وقالت مصادر محلية فى مخيم شعفاط، شمالى القدس، إن أحمد صلاح (20 عاما) توفى صباح أمس، متأثراً بجروح أصيب بها، مساء أمس الأول، برصاص الاحتلال. وتم تشييع جثمان الشهيد، الذى ينتمى لحركة «حماس»، فى مقبرة المخيم.
وفى غزة، استشهد فتيان فلسطينيان، وأصيب آخرون خلال احتجاجات، كما توفى فلسطينى صباح أمس، متأثراً برصاص أصيب به خلال مواجهات على الحدود الفاصلة بين القطاع وإسرائيل، ليرتفع بذلك عدد الشهداء إلى 7 فى هذه المواجهات التى جرت خلال مسيرة خرجت فى اتجاه الشريط الحدودى قرب موقع ناحل عوز بشرق غزة، أمس الأول، وجُرح فيها أيضا 145 شخصاً، حسب مصادر طبية فى القطاع.
وجرت مواجهات غزة بعد أن وصف نائب رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، فى خطبة صلاة الجمعة الهجمات الفلسطينية والمواجهات فى الضفة الغربية المحتلة بـ«الانتفاضة»، ودعا إلى «تعميق الانتفاضة وتصاعدها»، معتبراً أنها «الطريق الوحيد نحو التحرير»، فى حين اتهم كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، الحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتانياهو، بارتكاب «مجزرة بشعة» و«حرب شاملة» بحق أبناء الشعب الفلسطينى، مطالبا مجلس الأمن بإنشاء «نظام حماية دولية خاص بالشعب الفلسطينى»، وأعلن عريقات، أمس، أن وفداً من اللجنة الرباعية الدولية سيصل إلى رام الله، للقاء الرئيس الفلسطينى محمود عباس، الأربعاء المقبل، لبحث التصعيد الإسرائيلى فى الأراضى الفلسطينية.
ومن ناحيتها، أعلنت مصادر طبية فلسطينية، أمس، ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين برصاص إسرائيلى منذ مطلع الشهر الجارى إلى ١٩ شخصا. وحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فإن أكثر من ألف فلسطينى أصيبوا بجروح منذ مطلع أكتوبر، بينهم العشرات بالرصاص الحى فى الضفة الغربية وقطاع غزة، فضلاً عن المئات من حالات الاختناق بالغاز التى عولجت ميدانيا، بينما اعتقل الجيش الإسرائيلى خلال الأيام الـ10 الماضية حوالى 650 فلسطينياً، أكثرهم فى القدس وضواحيها، وفقا لـ«هيئة شؤون الأسرى والمحررين» التابعة لـ«منظمة التحرير الفلسطينية»، التى أشارت إلى أن أغلب المعتقلين من الشبان والأطفال.
وبعدما سقط صاروخ من غزة على جنوبى إسرائيل، صباح أمس، دون وقوع إصابات، نشر الجيش الإسرائيلى، منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ فى منطقة بئر السبع، جنوبى إسرائيل، «تحسبا لاحتمال إطلاق فلسطينيين القذائف الصاروخية من جهة قطاع غزة»، وفقًا للإذاعة الإسرائيلية.
من جهته، قال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح»، عباس زكى، إن حركته «مع انتفاضة شعبية منظمة، تربك إسرائيل، وتشل أمنها واقتصادها»، لافتاً إلى أن «خيار الكفاح المسلح لن يسقط»، فيما دعا المتحدث باسم «فتح» فى أوروبا، جمال نزال، إلى تدخل أوروبى للضغط على حكومة إسرائيل لوقف «مناخ الإرهاب الجنونى». وفى حين حمّلت حكومة الوفاق الوطنى الفلسطينى حكومة الاحتلال الإسرائيلى المسؤولية الكاملة عن «الجرائم والانتهاكات» بحق الشعب الفلسطينى، دعا المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، المنظمة الدولية إلى التدخل العاجل لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وفى المقابل، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلى أن السلطة الفلسطينية «لم تعد شريكة لإحلال السلام»، وقال إن «الوضع سيبقى وضع اللا حرب واللا سلم».
وبدورها، وصفت وزارة الخارجية الأمريكية عمليات الطعن التى نفذها أخيراً فلسطينيون فى إسرائيل والأراضى الفلسطينية بأنها هجمات «إرهابية»، لكنها امتنعت عن استخدام المصطلح نفسه لتوصيف عملية طعن نفذها، أمس الأول، شاب يهودى إسرائيلى ضد فلسطينيين وعرب إسرائيليين. وأكدت أن واشنطن «تدين بأشد العبارات» موجة العنف الراهنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وتطالب بـ«وقفها» و«عودة الهدوء»، فى حين اتهم مجلس النواب الأردنى إسرائيل بممارسة «إرهاب دولة» ضد الشعب الفلسطينى.
وإذا كان تزايد العنف أعاد إلى الواجهة الحديث عن احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة، فإن الأمر بالنسبة إلى عدد من المحللين لم يبلغ هذه المرحلة بعد، لكنهم فى الوقت نفسهم يحذرون من احتمال وقوع حادث كبير قد يؤدى إلى «انفجار برميل البارود».