x

علي السمان لا تنسوا.. ما وراء نصر أكتوبر علي السمان الجمعة 09-10-2015 20:48


فى تاريخ الشعوب هناك معارك وهزائم وانتصارات هى جزء من ذاكراتنا، ولكن هذا التاريخ تمر أعوام وأعوام ويبقى دائما جزء لا تسجله الذاكرة عن خلفيات الهزائم والانتصارات.

وكلما مر الوقت نسجل جزءا إضافيا من تاريخنا إلى رصيد التوثيق، والتوثيق لشبابنا ومثقفينا جزء أساسى من تكملة علمنا بتاريخنا.

من منا يذكر مظاهرات واحتجاجات الطلبة مطالبين بسرعة الدخول فى معركة التحرير، وكيف أن قائد معركة الحرب والسلام الرئيس السادات لم يقلق لهذه المظاهرات والاحتجاجات التى تعنى أنه لن يتعجل بالحرب، وجزء من أسرار الإعداد للمعركة «أن يجهل العدو أن الحرب قادمة فيتعجل باستعداداته ويستبق المعركة...»، والسادات وضعه كهدف استراتيجى أمامه أن تجهل إسرائيل تاريخ المعركة وأننا مستعدون.

لقد عينت بقرار من الرئيس السادات فى أغسطس 73 مستشارا للإعلام الخارجى فى نفس المرحلة التى عين فيها العملاق السفير حافظ إسماعيل مستشارا للأمن القومى، وكان قبلها سفيرا بباريس، كما عين السفير المتميز أشرف غربال مستشارا إعلاميا للرئيس بعد مرحلة ناجحة كسفير لمصر بواشنطن سمحت له بعلاقات متينة مع قيادات أمريكية فى مواقع قوية. وكان هذا الثلاثى محل ثقة الرئيس السادات. وفى 4/5 أكتوبر أعدت مجموعة الرئاسة بيانا لم يعلم به أحد لينشر يوم المعركة عن أن إسرائيل بادرت بهجوم على مصر حتى يكون تحركنا بالحرب هو بمثابة دفاع عن النفس أمام الرأى العام الدولى، وحدد لنا الرئيس عددا محدودا من القيادات من بينهما محمود رياض، وزير الخارجية، وقتها، وممدوح سالم، وزير الداخلية، والأستاذ حسنين هيكل، وقام أشرف غربال وشخصى بتسليم البيان لهذه القيادات وانتظرت فى عربة الرئاسة أمام مبنى الأهرام عودة أشرف غربال، ثم ذهبنا إلى مستشار الأمن القومى حافظ إسماعيل فى بيته فى عمارة ليبون وأطلعناه على اتصالاتنا، وفاجأنى العزيز السفير حافظ إسماعيل بأن أبلغنى توجيها من السيد الرئيس بأن أغادر مصر اليوم الثانى 6 أكتوبر إلى باريس.

وكانت تعليمات قد صدرت بغلق مطار القاهرة مساء 5 أكتوبر، وذلك أول تنبيه يصل لإسرائيل عن احتمالات تحرك من جانب مصر.

وفهمت أن وزير الداخلية ممدوح سالم سيتولى تسهيل مهمة سفرى إلى فرنسا عن طريق ليبيا مع مندوب صحبنى من منزلى الثامنة صباحا يوم 6 أكتوبر، وفوجئت به يصحبنى إلى المطار بدلا من الطريق إلى ليبيا، واكتفى بأن قال لى هذه هى التعليمات التى لدى أن نذهب إلى المطار رغم أنه مغلق. ثم جاءت المفاجأة الأخيرة وأنا فى مكتب التسهيلات العسكرية فى المطار أن أسمع أن المطار تم فتحه وغادرت التاسعة والنصف على طائرة إير فرانس إلى باريس، وبعد أكثر من ساعتين جاء قائد الطائرة وهمس فى أذنى أن الحرب بين مصر وإسرائيل قد بدأت، وحينما وصلت إلى باريس وجدت البعض من أعضاء السفارة ينتظرنى ليسمع منى ما وراء قرار المعركة.. ولذلك فضلت أن أستدعى معاونىّ إلى المطار وبدأت أول جلسة عمل معهم للاستعداد للتحرك الإعلامى.

ووقتها فهمت لماذا اختار الرئيس السادات تعبير «مستشار الإعلام الخارجى» لى لأنه كان فى ذهنه وتخطيطه أن أتعاون معه ومع معاونيه من أغسطس حتى أكتوبر بالقاهرة، وحينما نقترب من ساعة الحرب أتحرك إلى الخارج للاستعداد للحملة الإعلامية للرد على الجانب الإسرائيلى.

وبعد يومين دعانى التليفزيون الفرنسى للمشاركة مع كاتب إسرائيلى Friedlander فى استديو واحد فى برنامج للرد على أسئلة المشاهدين.

وكانت هذه أول مرة أجد نفسى أمام اختيار صعب أن أشارك فى برنامج مع شخصية إسرائيلية فى نفس الاستديو، وبعد تفكير وجدت نفسى أتحمل مسؤولية قرار منفرد بأن أذهب إلى التليفزيون وأن أواجه لأول مرة فى تاريخ الإعلام المصرى شخصية إسرائيلية للرد على وجهة نظره، فبعثت إلى الرئيس السادات قبل البرنامج بساعة ببرقية شفرية أفيد فيها بالقرار الذى اتخذته وتحملى المسؤولية.

وحاول المحيطون بالسيد الرئيس الحصول على رد منه ولم يعط لأحد ردا على تساؤلاتهم.

وشرح لى السيد الرئيس بعد عودتى لمصر بشهرين قائلا «طالما صارحتنى بأنك ستتحمل المسؤولية إذن لا تعليق لى إلا أن أنتظر نتيجة المواجهة، ولما قرأت التقارير بعدها فهمت أن البرنامج كان ناجحا لصالح الطرف المصرى»، كانت هذه هى شخصية الرئيس السادات الذى كان يؤيد من يتجرأ بتحمل المسؤولية فى مواجهة المواقف.

لا نستطيع أن نقول فى ختام هذا المقال إلا تحيه إجلال واحترام لقائد معركة الحرب والسلام والنصر، وأن نضيف قول الله تعالى: «وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ».

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية