x

سيلڤيا النقادى ... اقتلنى إذا كنت تستطيع سيلڤيا النقادى الجمعة 09-10-2015 20:48


تعريف الإرهاب فى معناه البسيط المتعارف عليه هو استخدام العنف والترهيب من أجل تحقيق أهداف سياسية بعينها، هكذا يعرف معنى الإرهاب من خلال لغته السهلة أما فى شكله.. فيمكنا القول إنه ارتبط فى العقود الماضية بأربطة رأس يحكمها العقال.. لحية كثيفة سوداء.. وجوه عبوسة.. سيوف وخناجر... «أوڤرولات» سوداء يلحقها لون برتقالى فى نهاية المطاف..!! هذا هو الشكل والمضمون الذى رسخه الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة فى عقول العالم بالرغم من وجود المئات من الجماعات الإرهابية المنتشرة فى جميع بقاع الدنيا من قديم الأزل.

ولكن هكذا أراد الغرب.. وهكذا سمحنا له، بل وقدمنا له رغبته على طبق من فضة، وهكذا ترعرعت وتغذت وغُسلت عقول كثيرة من الشباب العربى فى هذا الاتجاه... وهكذا بدأ استدراجهم واستقطابهم على هذا النحو، أو دعنا نقل من خلال هذا التعريف «أنت تطلق النيران من أجل تحقيق مطلب سياسى»!

كان من السهل استخدام هذا التعريف الدولى فى البداية.. وكان من السهل أيضاً استدراج أصحاب النفوس الضعيفة التى تشعر بالظلم والاضطهاد والإحباط فى بلادها.. وكان من السهل بالتأكيد استقطاب كل من يعانى من خلل عقلى أو أمراض نفسية من أجل تنفيذ مخططات لها أهداف تبعد تماماً عن مفهوم ونوايا المتورطين فيها ولكنهم فى النهاية أصبحوا كلهم يندرجون تحت مسمى الإرهابيين. وهم بالفعل كذلك - إلا فى الولايات المتحدة الأمريكية التى عادة تصنف مرتبكى حوادث القتل الجماعى المنتشرة هيسترياً فى جميع ولاياتها بذوى الأمراض النفسية أو الخلل العقلى... لم تطلق عليهم ولو مرة واحدة مسمى الإرهابيين!!.. لماذا؟؟ لأنهم كما تدعى لا يحملون أجندة سياسية أو بمعنى آخر لا يحملون لقبا إسلاميا.. وعلى حد قول أحد المعارضين لسياسة حمل السلاح إن لو أحد المسلمين اقترب نصف - أو حتى مرة واحدة فقط - من هذه الأحداث المتكررة لكان الإعلام الأمريكى كله بإبراز هذه الجرائم كقضية أمن قومى ولكانت صفة «الإرهاب» أطلقت بسهولة عليهم..!! ولكنها للأسف سياسة تكيل بأكثر من معيار، وتحمل صفاقة فى ازدواجيتها حيث يكفل التعديل الثانى من وثيقة الحقوق فى الدستور الأمريكى حرية حمل السلاح للمواطن وإطلاق النيران على من يهدده من طغاة أو مستبدين، حتى وإن كانوا من ممثلى الدولة من نواب منتخبين أو ضباط شرطة أو عسكريين. هكذا يحمى الدستور المواطن الأمريكى حامل السلاح بحجة السماح بهذا التوازن بين معانى الديمقراطية والحريات... هل كان هذا البند فى الدستور فى محله أو أنه أسىء استخدامه أو لم تحدد أو تقنن ضوابطه؟؟ ولماذا لا يطلق على مرتكبى هذه الحوادث لقب «إرهابى» وكأن الولايات المتحدة أعلى من أن يكون أحد أبنائها واحداً ضمن هؤلاء المضطربين الذين نشأوا على سياسية الازدواجية وترعرعوا على أن مفهوم تصدير القمح لا يختلف كثيراً عن تصدير الإرهاب وأن معايير التكافؤ ما زالت منقوصة، وأن سينما العنف وألعاب الدمار وصفات البطل كلها مغلوطة، وأن الحلم الأمريكى أصبح حلما على الورق وليس تجربة حياة.. أليس هذا كافياً أن يخلق إنساناً مضطرباً فى يده رخصة تسمح له بالقتل إذا ما رأى أن دولته بها من يحكمها من الطغاة أو المستبدين!!! أليس هذا هو السلاح الذى رُخص باسم الحريات وتخرج كل طلقة منه معبرة عن أن هناك خللا ما فى مجتمع يرفع شعار «الحرية للجميع»!!

إن حوادث القتل باستخدام الأسلحة النارية أصبحت نوعا من الثقافة الأمريكية، ولعل الحادث الأخير الذى وقع فى الأسبوع الماضى وراح ضحيته عشرة طلاب من مؤسسة واحدة جراء إطلاق النار من «مخبول» يبلغ من العمر ٢٦ عاماً أصبح أمراً مألوفاً.. صاحب ذلك حادث آخر مأساوى عندما أطلق طفل يبلغ من العمر ١١ عاماً الرصاص على جارته الصغيرة التى تبلغ من العمر ٨ سنوات فقط فى مشاجرة طفولية رفضت فيها الفتاة أن يلعب صديقها مع كلبها الصغير فأطلق النار عليها.. هكذا تُرسخ وتؤكد المفاهيم المطلقة التى تنقلها أكبر دولة فى العالم لأبنائها أولاً... وهكذا تؤكد أيديولوجيات لا تستند إلى حقيقة الواقع.. أيديولوجيات كاذبة تهدف إلى أغراض أخرى تستخدم وتصدر لآخرين، وكأنها كتاب مقدس، وكأنها رسول للكون والبشرية، ومثلما تثبت الأبحاث ويثبت العلم خطورة دواء أو عقار بعد سنوات طويلة من تناوله، تثبت الأيام والتجارب أن هناك مبادئ وسياسات ربما كانت خاطئة بل وخطيرة.. أما الأخطر من ذلك أنه تم استغلال معناها... أما الأخطر والأخطر من ذلك كله أنها انقلبت على صاحبها فهكذا يكون أحياناً عدل السماء حتى ولو كان ضحاياه أبرياء، ولكن فى ذلك حكمة ولينقلب السحر على الساحر.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية