رأت مجلة «فورين بوليسى» الأمريكية أن روسيا تُكرر أخطاءها أثناء فترة الحرب الباردة فى معركتها فى سوريا فى الوقت الراهن، مشيرة إلى أن تحركاتها تتشابه كثيراً مع تدخل مصر- بصفتها حليفاً للاتحاد السوفيتى السابق عام 1957- فى الشؤون السياسية المعقدة لسوريا، ما قاد الأمور فى سوريا إلى اتجاه سلبى.
وتساءلت المجلة، فى المقال الذى نشرته لأستاذ الدراسات التاريخية ديفيد ليسش، أمس الأول، عن الأسباب التى دفعت الرئيس الروسى فلاديمير بوتين إلى الاعتقاد أن الأمور فى الوقت الحالى فى سوريا ربما تسير على نحو مختلف. واعتبرت أن موسكو تسعى لحماية مصالحها الاستراتيجية وضمان دور محورى لها فى سوريا.
ووفقا للمجلة الأمريكية، فإن الروس عادوا إلى سوريا من بوابة اللاذقية، وأرسلوا عددا من المقاتلات الحربية إلى قاعدة عسكرية فى اللاذقية، ومنصات صواريخ لحماية تلك المقاتلات الجوية، وطائرات بدون طيار للمراقبة، ومروحيات للشحن، وشنوا الغارات، فضلاً عن وجود عدد من القوات البرية الروسية على الأراضى السورية. وأشارت المجلة إلى أن هذا الأمر لا يكتسب طابعاً رمزياً فقط، وأوضحت أن بوتين يوجه رسالة للدول التى تدعم المعارضة السورية بأنه لن يسمح بسقوط نظام الرئيس السورى بشار الأسد، وأنه على الدول المعنية أن تنتظر طويلاً قبل تحقق ذلك.
وحسب المجلة، فإن موسكو تحاكى فى الوقت الراهن ما فعلته مصر فى 1957، وذلك عبر أخذ زمام المبادرة، ونشر وحدات برية فى سوريا، ودعم نظام بشار الأسد، وضمان المصالح الاستراتيجية لروسيا بالشرق الأوسط. واعتبرت المجلة أن «الرئيس المصرى الراحل جمال عبدالناصر استوعب الدرس بأن تدخله فى سوريا كان كارثياً، فبعدما (أنقذ) سوريا من مؤامرة أمريكية، اضطر مجبراً للموافقة على نشأة الجمهورية العربية المتحدة، إلا أن هذا الاتحاد لم يصمد طويلاً، ما جعل بريق التيار الناصرى يخفت، وأدى إلى تعميق الخلافات بين البلدان العربية».
وأوضحت «فورين بوليسى» أن تدخل بوتين فى سوريا قد تكون نتائجه مشابهة للنصر باهظ الثمن الذى حققته مصر فى 1957، أو الامتداد المفاجئ للاتحاد السوفيتى لنشر النفوذ بالمنطقة أواخر خمسينيات القرن الماضى، والذى رافقه ارتفاع كبير فى المصاعب المرتبطة بالسياسة الخارجية للروس.
ورأت المجلة أنه لو عاد الزمن 50 عاماً للوراء، لكان المؤرخون سيعتبرون التدخل الروسى الحالى بسوريا نقطة بداية النهاية لبوتين، مثلما كان الحال فى عام 1957، الذى شهد بداية نهاية التيار الناصرى.