x

كرة القدم التي لا تعرفها.. عن ريـال مدريد الذي أفسد كرة القدم

الثلاثاء 06-10-2015 23:46 | كتب: لؤي فوزي, صلاح العربي |
صورة أرشيفية صورة أرشيفية تصوير : أ.ف.ب

تقول الأسطورة أن ريـال مدريد هو أكثر أندية العالم إنفاقًا على التعاقدات، بل ويتخطى الأمر ذلك لإتهامه بإفساد الكرة وإنفاق مبالغ خيالية على لاعبين لا يستحقونها، ما ساهم في إرتفاع أسعار اللاعبين ككل ومن ثم زاد الأمر صعوبة خاصة على الأندية الصغيرة، منبع تلك الأسطورة هو حقيقة أن إسبانيا مؤخرًا صارت الوجهة الأولى للتعاقدات القياسية مع عودة فلورنتينو بيريز لرئاسة الميرينجي، ولكن هل تلك الأسطورة صحيحة 100%؟


إذا كنت من المؤمنين بتلك النظرية فلتستعد للكثير من المفاجآت.

الحقيقة أنه في الإثنين وأربعين مرة التي سُجل فيها مقابل إنتقال قياسي للاعب منذ العام 1893 وحتى اليوم، احتلت الأندية الإيطالية الصدارة بـ18 مرة، النصف تقريبًا، تلاها أندية إنجلترا بـ14 مرة فالإسبانية بثماني مرات ومرة لكل من أندية الأرجنتين وإسكتلندا.

ومنذ إنطلاق الكرة الحديثة بشكلها الحالى وتدشين برشلونة لهذا العصر بجعل كرويف أغلى لاعب في العالم عام 1973 مقابل 922 ألف جنيه إسترليني، وحتى يومنا هذا، لم تتغير الخارطة كثيرًا، فظلت أندية إيطاليا في الصدارة بـ11 مرة، مقابل 8 للإسبان وواحدة للإنجليز كانت في إنتقال المهاجم الأسطوري آلان شيرر من بلاكبرن إلى نيوكاسل مقابل 15 مليون جنيه إسترليني عام 1996.

وعقب إنتقال كرويف سيل من التعاقدات القياسية في عصر الكرة الذهبي، بدأ بسافولدي مهاجم بولونيا الذي إنضم إلى نابولي مقابل مليون ومئتي ألف جنيه إسترليني، ثم باولو روسي من يوفنتوس لفيتشنزا مقابل 1.75 مليون جنيه إسترليني، ثم عاد برشلونة ليكسر الرقم مرة أخرى بجلبه مارادونا من البوكا مقابل ثلاثة ملايين جنيه إسترليني، ثم اشتراه نابولي مقابل 5 ملايين بعد سنتين، ثم توالت التعاقدات الإيطالية من خوليت للميلان مقابل 6 ملايين سنة 87 ثم باجيو لليوفي مقابل 8 مليون سنة 90، تلاهما بابان للميلان مقابل 10 مليون سنة 92 وفيالي لليوفى 12 مليون في نفس السنة ولم يقبل الميلان إلا أن يكسر رقم فياللي ويفسد عليه فرحته بتحوله ﻷغلى لاعب في العالم وتعاقد مع لنتيني في نفس العام مقابل 13 مليون، وإستمرت التعاقدات الإيطالية برونالدو الظاهرة وفييري حتى نهاية الألفية وكانت صفقة إنتقال كريسبو من بارما للاتسيو هي نهاية عهد إيطاليا بالأرقام القياسية العالمية، تخلل تلك الفترة إنتقال شيرر لنيوكاسل ودي نلسون لبيتيس، ثم إحتكر الريـال الصفقات القياسية منذ العام 2000 وحتى الآن، بدءا بلويس فيجو الذي كسر رقم كريسبو بمليون ونصف المليون، ثم زيدان بـ46 مليون فكاكا مقابل 56 مليون ثم رونالدو وبيل بـ80 و85 مليون جنيه إسترلينى على الترتيب.



وبحساب اليورو الذي أقر التعامل به في صفقتى فييري وكريسبو، فستجد أن تعاقدات الريـال الأخيرة لاتبدو بهذا السفه نسبيًا على الأقل، حينما تعلم أن كريستيان فييري إنتقل للإنتر بما يعادل 49 مليون يورو سنة 1999، وتبعه كريسبو بـ55 مليون يورو سنة 2000، بينما الرقم المسجل اليوم لصاحبه جاريث بيل وبعد 16 عام لا يتخطى الـ100 مليون يورو، خاصة إذا ما تذكرنا معًا بعض غرائب سوق الإنتقالات العالمي، مثل إنتقال المدافع الشاب قليل الخبرة ريو فرديناند لمانشستر يونايتد عام 2002 قادمًا من ليدز مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، وهو نفس الرقم الذي دفعه كل من الريـال ولاتسيو في نفس العام لجلب نجوم كبار بحجم رونالدو دى ليما الظاهرة وجازيكا مندييتا من الإنتر وفالنسيا على الترتيب، وظل به الإنجليزي الدولي أغلى مدافع في التاريخ لإثني عشرة عامًا حتى إنتقال تياجو سيلفا لباريس، أو قيام برشلونة بإستبدال إيتو بإبراهيموفيتش مقابل 40 مليون يورو ليصل إجمالى الصفقة لسبعين مليون يورو تقريبًا، أو إنتقال فيرون لمانشستر يونايتد عام 2001 مقابل 42 مليون يورو بينما ينتقل أجويرو للسيتى بعدها بعشر سنوات مقابل 45 مليون يورو.



وتستمر المفاجآت حينما ننظر لإجمالى ما أنفقته أغنى أندية العالم مؤخرًا، فمنذ مطلع الألفية وبزوغ ظاهرة شراء رجال الأعمال لأندية كرة القدم بدءًا برومان أبراموفيتش مالك تشيلسي في 2003، ومرورًا بمنصور بن زايد مالك مانشستر سيتي في 2008 وإنتهاءًا بناصر الخليفى مالك باريس سان جيرمان منذ 2011، تغيرت الأمور كثيرًا، ربما بقيت في الظل لأن صفقات تلك الأندية لم تحدث الدوي الذي أحدثته نظيرتها في الريـال، لكن الأرقام على عكس الدارج لا تكتسب أهميتها فقط من تسليط الضوء عليها.

وعلى الرغم من تصريحات الإستثنائى جوزيه مورينيو عن حجم إنفاق ناديه وسعى منافسيه لشراء اللقب على حد تعبيره، فإن الأرقام صادمة في أقل تقدير، فمنذ عام 2003 تصدر تشيلسي قائمة الأندية الأكثر إنفاقًا على التعاقدات في العالم بإجمالى بلغ 723 مليون يورو، وحل السيتي في المركز الثانى بـ707 مليون يورو، وكانت المفاجأة الكبرى أن الريـال صاحب التعاقدات القياسية جاء ثالثًا بـ697 مليون يورو، ثم إحتل برشلونة المركز الرابع بـ548 مليون يورو وبفارق 150 مليون يورو تقريبًا عن الريـال وهو أوسع فارق بين متتاليين في تلك القائمة، تلاه باريس ومانشستر يونايتد بـ511 و447 مليون يورو على الترتيب، والمدهش أن موقع تشيلسى في القائمة ينقلب 180 درجة إذا ما إستثنينا أول موسمين لمورينيو الذي حقق فيهما البرتغالي رقمًا قياسيًا منفقًا 324 مليون يورو بمعدل 162 مليون يورو في الموسم الواحد، فبتحليل إجماليالإنفاق في آخر عشر سنوات فقط منذ 2005، يصبح السيتي الأول بـ724 مليون يورو، والريـال ثانيًا بـ644 مليون يورو، ثم باريس 500 مليون يورو، برشلونة 452 مليون يورو، مانشستر يونايتد 399 مليون يورو، وأخيرًا تشلسى 398 مليون يورو، ولا يتبقى سوى أن تعلم أن كل الأرقام السابقة تمثل صافي الإنفاق على التعاقدات، أي بعد خصم مبالغ بيع الراحلين لأندية أخرى.



وربما لا يعلم الكثيرون أن قدرة فلورنتينو بيريز على إنفاق تلك المبالغ الطائلة ليست بلا حدود، فطبقًا لآخر إحصاء لديون الريـال للبنوك قرأه بيريز نفسه على الأعضاء في العام الماضي، بلغت ديون الملكي ما يتجاوز 650 مليون يورو بقليل، وهو رقم مرعب بالفعل خاصة إذا ما علمت أن كل من أندية باريس والسيتي وتشيلسي ليست مدينة إلا لملاكها، أي أنها عمليًا غير مدينة.

لكن قد لا تبدو الإحصائيات السابقة عادلة تمامًا، فمنصور بن زايد لم يتملك السيتى حتى 2008، وناصر الخليفى لم يضع يده على نادى العاصمة الفرنسى حتى عام 2011، ورغم أن تشيلسي تجاوزهما في الإنفاق الإجمالى إلا أن كل من أمراء الإمارات وقطر سجلا معدلات إنفاق أعلى في الموسم الواحد، فكان صافي ما أنفقه الخليفى لدعم تشكيلة فريقه سنويًا أكثر من 95 مليون يورو، أما منصور بن زايد فأنفق ما يعادل 84 مليون يورو سنويًا، وكان أبراموفيتش الأقل إنفاقًا على التعاقدات في الثلاثة عشرة عامًا التي قضاها مع تشلسى بمعدل سنوى بلغ 56 مليون يورو، رغم أنه يتفوق على الثنائى بإنفاق ما يقارب الإثنين مليار يورو إجمالًا على تشلسى في كل المجالات من قاعدة الناشئين وتطوير منشآت النادي ومرتبات إدارييه وطاقمه الفنى، وهو حجم دين تشيلسي الحالي للملياردير الروسي، الجدير بالذكر أن الريـال خارج القائمة السابقة من الأساس.

وسيتسائل البعض السؤال البديهى عند تلك النقطة، هل نجحت تلك المليارات التي ضخها الثلاثي في ضم أنديتهم لصفوف الكبار؟

بكل تأكيد أصبح ثلاثي المال من كبار أوروبا، ورغم فشل باريس والسيتي في تحقيق إنجاز يذكر على مستوى البطولات الأوروبية عكس تشيلسي الذي نجح في التتويج بدورى الأبطال واليوروبا ليج في عامين متتاليين، إلا أن كل منهم يمتلك تشكيلة تضم لاعبين رائعين تجعل من مواجهتهم عبئًا على باقي أندية أوروبا مهما تعاظم تاريخها، ولكن ماذا عما حققته تلك الأندية فعليًا في نفس الفترة؟ وكيف تكون المقارنة ممكنة بين أندية تلعب في دوريات متباينة من حيث القوة والتنافسية؟

بالتحليل السطحي للأرقام نجد أن برشلونة على رأس الأندية الستة بـ25 لقب منذ 2003، يليه تشلسى بـ13 لقب ثم الريـال ومانشستر بعشرة ألقاب لكل منهما، باريس بثمانية ألقاب وأخيرًا السيتي بأربعة ألقاب، وبتعقيد الحسبة وإدخال معادل الدوريات الأوروبية الـCoefficient، لن تتغير القائمة كثيرًا، وربما لن تتغير على الإطلاق، وحتى إذا تجاهلنا البطولات المحلية معتمدين على الأداء الأوروبي فقط لا غير بإعتبار إنه الجامع للأندية الستة فسيظل الترتيب على حاله، فقط علينا أن نذكر أن تلك القائمة لا تضم أندية أخرى حظيت بنجاحات ملفتة في نفس الفترة كالإنتر والبايرن ولكنها لم تمتلك الإستمرارية والأهم أنها لم تنفق ما يكفى للدخول في القائمة من الأصل، وعلينا التذكير أيضًا أنه رغم الصخب الإعلامى الهائل الذي يصنعه الريـال كل عام في سوق الإنتقالات إلا أنه لم يكن المسؤول الوحيد عن إنفجار أسعار اللاعبين بالشكل الذي نراه اليوم، وربما كان هذا الصخب الإعلامى لعنته التي ستظل تلاحقه للأبد، فالعالم قد تغير كثيرًا، والصحافة والإعلام لا يتوقفون عند التعاقدات المنطقية لأنها لا تصنع الأخبار، وسيتذكر الجميع جاريث بيل الذي كلف الريـال مئة مليون يورو لأن المئة مليون رقم مثير ومستفز، أما جلب إيسكو مقابل نفس الرقم الذي أنفقه بيتيس للتعاقد مع دى نلسون منذ 17 عامًا فلن يشغل بال الكثيرين.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية