x

«المصري اليوم» تنفرد بنشر أحدث كتاب إسرائيلي عن حرب أكتوبر (الحلقة الأولى)

«جهاد السادات» يكشف خطة إسقاط إسرائيل فى فخ أشرف مروان
الأربعاء 07-10-2015 11:03 | كتب: محمد البحيري |
الرئيس الراحل محمد أنور السادات الرئيس الراحل محمد أنور السادات تصوير : اخبار

تحل الذكرى الـ42 لانتصار أكتوبر العظيم في الوقت الذي تخوض فيه مصر عدة حروب متزامنة، حيث تحارب الإرهاب، وتحارب من أجل إنقاذ اقتصادها المتآكل على مدار السنوات الخمس الأخيرة، وتحارب من أجل استعادة مكانتها في منطقة تعج بالأحداث العاصفة والمنحنيات الحادة، وتحارب من أجل مستقبل أفضل في شتى مناحى الحياة. وتستلزم كل هذه الحروب استحضار روح «أكتوبر» لاكتساب دفعة معنوية وفكرية قوية تحقق النصر الحاسم والسريع لمصر على كافة الجبهات. لذلك تنفرد «المصرى اليوم» بعرض أحدث كتاب إسرائيلى صادر عن حرب أكتوبر، يتناول فيه عظمة مصر ودور الرئيس الراحل محمد أنور السادات في هذا الانتصار الذي ما زال يدوى في أرجاء إسرائيل منذ ذلك الحين.

يحمل الكتاب عنوان «جهاد السادات»، وهو من تأليف المؤرخ الإسرائيلى شمعون ميندس، الذي تنبع أهميته من أنه كان ضابطا بالاستخبارات العسكرية الإسرائيلية خلال الحرب.

أشرف مهران

وشمعون ميندس، من مواليد القدس عام 1934، مستشرق إسرائيلى تخرج في الجامعة العبرية، من قسم تاريخ الدول الإسلامية في العصر الحديث، تخصص في تاريخ الحركة القومية العربية، ويجيد اللغتين العربية والإنجليزية.

خدم في سلاح الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) خلال حرب أكتوبر 1973، وكان عضوا باللجنة المصرية الإسرائيلية العسكرية المشتركة لتنفيذ اتفاقية السلام، وكان مسؤولا عن الاتصال مع الجيش المصري.

كما سبق له أن عمل ضابط اتصال مع الجيش الأردني، وتولى قيادة حرس الحرم الإبراهيمى في مدينة الخليل. ويفخر ميندس بأن والدته كانت تتولى الإتفاق على الأسرة، وأنه كان يساعدها منذ كان صغيرا، حيث عمل مساعدا لبائع الآيس كريم، وفى أحيان أخرى قام ببيع الصحف في الشوارع.

ويقول المؤرخ الإسرائيلى إن هذا الكتاب نتاج بحث استغرق 7 سنوات، يكشف فيه الأسباب الحقيقية التي أدت إلى تفاجؤ الجيش الإسرائيلى بالهجوم المصرى في حرب أكتوبر 1973. وأكد أن المسؤولين عن هذا الفشل الإسرائيلى العظيم امتنعوا عن التحقيق في هذه الأسباب أو الكشف عنها، ليدللوا على صحة مقولة الروائى المسرحى اليونانى إسخيلوس، بنحو خمسمائة عام قبل الميلاد، بأن «فى الحرب، تكون الحقيقة هي أول الضحايا».

ويعترف ميندس بأن كتابه خضع لمراجعة الرقابة العسكرية الإسرائيلية قبل صدوره، من أجل السماح بنشره، كغيره من بقية الكتب الإسرائيلية، بعد التأكد من عدم تسريب أسرار عسكرية خطيرة تهدد أمن إسرائيل في صفحات الكتاب.

ويؤكد أن عظمة الرئيس محمد أنور السادات تكمن في أنه لم يهرب من حقيقة هزيمة الجيش المصرى في حرب يونيو 1967، بينما هرب قادة الجيش الإسرائيلى وزعماء إسرائيل من شدة الفشل الإسرائيلي، الذي كان بارزا قبل حرب أكتوبر وخلالها.

عبدالناصر يهنئ مروان بزفافه

ويصف المؤرخ الإسرائيلى حرب أكتوبر بأنها «حرب رجل واحد هو الرئيس المصرى محمد أنور السادات»، والذى قال عنه إنه لعب دور «من لا يهش ولا ينش» في عهد الرئيس جمال عبدالناصر. وأضاف: «على الرغم من إخلاصه المطلق لصديقه الرئيس، فإن عبدالناصر كان متشككا بشكل يائس في كل من حوله». ويؤكد ميندس أنه بعد وفاة عبدالناصر واصل السادات أداء دور «المسكين»، بل وزاد فيه، من أجل خداع إسرائيل وتضليلها. وقال إن السادات كان في حاجة إلى حرب كى يبنى زعامته في تاريخ مصر، واصفا ذلك بأنه «البعد الشخصي» في حرب أكتوبر.

ويكشف المؤرخ الإسرائيلى كيف نجح السادات في تجنيد الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كلها لصالحه من خلال أشرف مروان، الذي أصبح في حقيقة الأمور بمثابة جهاز «ريموت» يستخدمه السادات لتحريك إسرائيل كلها.

ويتهم ميندس قادة إسرائيل السياسيين والأمنيين آنذاك بأنهم كانوا يعانون من «تخلف عقلي» وفقر في الفكر والتفكير. ويقول: «فى اليوم الذي تم فيه الكشف عن هوية أشرف مروان باعتباره الجاسوس الذي كانت تعتمد عليه إسرائيل وقفت مذهولا ومصدوما: هل كنا عميانا إلى هذا الحد؟! فقد كان خطاب تعيين أشرف مروان مديرا لمكتب المعلومات للرئيس السادات يشير إلى تفويضه بصلاحيات واسعة للغاية، بل إن صلاحياته كانت كصلاحيات الرئيس نفسه». ويشير المؤلف إلى رد جمال أشرف مروان على سؤال حول سبب حصول والده على هذه الصلاحيات من السادات، حيث قال: «يبدو أن والدى فعل بعض الأمور المهمة لمصر، واللى مش عاوز يشوف الشمس في عز الظهر يبقى عمره ما هيشوفها».

ويقول ميندس إن الجاسوس إيلى كوهين الذي تم القبض عليه في سوريا كان أعظم جاسوس في تاريخ إسرائيل الحديث، متحسرا على أن القيادة الأمنية في إسرائيل لا تدرك ذلك بعد 40 عاما من إعدامه شنقا في دمشق. وأضاف أن «الخدعة العبقرية التي نفذها الرئيس المصرى محمد أنور السادات نسجت أساسا حول شخصية إيلى كوهين الإسرائيلي، فقد كان هذا هو مفهوم السادات الحقيقي، حيث أرسل أشرف مروان إلى الاستخبارات الإسرائيلية، مرتديا بدلة إيلى كوهين».

ويرى ميندس أن القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل تحمست لأشرف مروان بعد أن خدعهم السادات فتوهموا أن الموساد نجح أخيرا في استنساخ نجاح إيلى كوهين في ستينيات القرن العشرين، وأن يتغلغل في مركز الأعصاب السياسية والعسكرية لمصر، وتحديدا في مكتب الرئيس السادات و»المركز 10»، الذي هو مقر قيادة أركان الجيش المصري. ويقول ميندس: «لكن القيادة الإسرائيلية نسيت تفصيلة واحدة وصغيرة، وهى أن إيلى كوهين هذه المرة هو رجل مصري، وبلغة المصريين (إيلى كوهين فالصو)».

وخلال خدمته في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، كان شمعون ميندس مع أولئك القلائل الذين عرفوا بشأن الوجود الغامض لجاسوس رفيع المستوى، ينتظر الجميع كل ما ينطق به فمه، لمعرفة إجابة السؤال المحير آنذاك: هل هناك حرب أم لا؟. وقد أطلق الموساد عدة ألقاب لافتة على أشرف مروان، مثل «الأمير» و»صاحب النسب» و»المنبع» وأخيرا «الملاك».

أشرف مهران

ولم يكن المؤلف يعرف شيئا عن مروان، ولم يعرف اسمه الحقيقى إلا في عام 2007، في ذروة المشاجرة العلنية التي اندلعت بين رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق إيلى زعيرا، ومن كان خصمه وتولى تشغيل مروان وهو تسفاى زامير. وبحسب الكتاب «كانت إسرائيل مضطربة وحائرة بين أولئك الذين اعتقدوا أن الرجل كان جاسوسا لنا (لإسرائيل) بينما قال إيلى زعيرا إن مروان كان عميلا مزدوجا».

ويؤكد المؤلف أن الحقيقة باتت واضحة تماما الآن، حيث ثبت أن أشرف مروان كان عميلا للمخابرات المصرية، «وإن مهمته كانت تضليل إسرائيل، لأنه كان رجل السادات ولم يكن أبدا رجلنا». ويقول إن الخداع مزروع في الجينات الوراثية للمصريين، مدللا على ذلك بما ورد في التوراة، بسفر الملوك الثاني، الإصحاح 18، الفقرة 21، من وصف لمصر وأهلها بأنهم كـ»الْقَصَبَةِ الْمَرْضُوضَةِ الَّتِى إِذَا تَوَكَّأَ أَحَدٌ عَلَيْهَا، دَخَلَتْ فِى كَفِّهِ وَثَقَبَتْهَا! هكَذَا هُوَ فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ لِجَمِيعِ الْمُتَّكِلِينَ عَلَيْهِ». ويقول إن الخداع يعد أسلوب حياة في مصر، موضحا أنه يقول ذلك بناء على تطبيق قاعدة عالم ألمانى يدعى «هيردر» التي تقول إن طبيعة كل شعب تتحدد وفقا للغته، وتؤكد أن المصريين يعتمدون على المكائد والحيل كأسلوب حياة يضمن لهم البقاء على قيد الحياة.

ويصف المؤرخ الإسرائيلى أشرف مروان بأنه الرجل الذي أسقط إسرائيل في الفخ، منتقدا أوساط الاستخبارات الإسرائيلية التي ترفض حتى التفكير في هذا الاتجاه بسبب غرورها وعنجهيتها.

وقال إنه رغم مرور 4 عقود على الحرب ما زالت إسرائيل تجهل أسباب عجزها وفشلها الاستخباراتى قبل الحرب. ويضيف: «ما زلنا نبحث عن الوسائل الخاصة التي ستنير لنا الطريق من أجل العثور على شيء لم يكن موجودا أساسا هناك، في الوقت الذي يكمن فيه الحل في الذهاب بعيدا إلى ما وراء جبال الخيال لمن يتولون عملية البحث». ويشدد المؤرخ على أن أكبر خطأ ارتكبته إسرائيل هو اعتماده الكامل والمطلق على مصدر واحد فقط، وهو أشرف مروان، دون حتى أن يكلف الإسرائيليون أنفسهم بتحليل وتقييم تقاريره، لأنه نقل إلى تل أبيب مادة تم تحليلها وتقييمها على يد من أرسلوه، والذين عرفوا جيدا من خلال الدراسة والتأمل حقيقة الحافز النفسى الذي يقود التفكير الإسرائيلي. ويؤكد أن السادات زرع في عقول ضباطه وقياداته هذا المفهوم من خلال تأكيده على أن تهديدات إسرائيل مجرد إرهاب نفسي.

ويقول إن الفشل الأول للاستخبارات الإسرائيلية وقع خلال حرب الاستنزاف، وأدى إلى تنفيذ «عملية القوقاز»، التي تم خلالها إرسال قوات قتالية سوفيتية بكامل تجهيزاتها التسليحية للدفاع عن مصر عام 1970.

ويقول إنه استعان في كتابه بعسكرى إسرائيلى يدعى يوئيل بن بورات، الذي كان قائدا للوحدة 848، (التى تغير اسمها الآن إلى الوحدة 8200) وهى الوحدة المختصة برصد الإشارات الاستخباراتية وفك رموز الشيفرة، خلال حرب أكتوبر 1973. وينتقد ميندس عدم تقدير بورات في إسرائيل، وعدم حصوله على مكانته اللائقة، قائلا إنه «لو كان يخدم في الجيش المصرى لاختاره السادات فورا رئيسا للمخابرات المصرية». ويؤكد أن هذا هو سبب تفوق السادات على إسرائيل وقادتها، حيث كان دائما ناجحا في اختيار أفضل الأشخاص والعناصر، بينما ظل الإسرائيليون أسرى تقاليد قديمة وبالية.

ويضيف أن السادات نجح، دون أن يتكلف جنيها واحدا، في حشد أكبر قوتين في العالم، الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية، لخدمته ومساعدته عند اندلاع الحرب في أكتوبر 1973.

وأوضح أن السادات خدع السوفيت بأن جعلهم يسلحونه من أجل الحفاظ على قاعدتهم في مصر، بينما كان يغازل الأمريكيين من أجل الانضمام إلى معسكرهم بعد الحرب مقابل تلبية طلباته. ويشير إلى أن ذلك جاء متسقا مع رغبة الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون آنذاك، التي كان يلح فيها على وزير خارجيته هنرى كسينجر، والتى تتعلق بتنفيذ «صفقة تبادل» مع الاتحاد السوفيتي، يحصل فيها الأمريكيون على الشرق الأوسط مقابل التنازل عن فيتنام.

ويصف المؤرخ الإسرائيلى السادات بأنه إنسان متواضع للغاية، لكنه يرى نفسه زعيما في نفس المستوى الذي ينتمى إليه أمثال رئيس وزراء بريطانيا تشيرشل والفرنسى شارل ديجول في العصر الحديث.

وفى كتابه «دبلوماسية المفاجأة»، يصف البروفيسور ميخائيل هندل السادات بأنه زعيم موهوب يستوى في مكانته مع الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون والألمانى هتلر، إلا أن السادات كان يرى نفسه خليفة للمسلمين على هدى الخلفاء الراشدين الأربعة، وكان يقلد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في سلوكياته وكلماته وقراراته وأفعاله.

ويؤكد ميندس أن السادات كان يحب الإنسان والشعب والوطن، على نهج الخلفاء الراشدين. ويشير إلى أن ابنته (لم يذكر اسمها) حين أبلغته بسعادة بالغة أنها حصلت على منحة للدراسة في الخارج، قال لها السادات: «روحى يا بنتى رجعى المنحة دي، عشان ياخدها طالب محتاج، أنا هاتحمل كل مصاريف دراستك برة، وما حدش يصرف على بناتى ولا مليم».

وقال ميندس إن السادات ترك تراثه السياسى للمؤرخين حتى يحكموا بأنه كان الخليفة العصرى لمصر أو كان أول فرعون مسلم في التاريخ.

ويقول المؤلف إنه أطلق على الكتاب اسم «جهاد السادات» لأنه يوقن أن السادات كان يطبق كل تعاليم النبى محمد (عليه الصلاة والسلام) وخلفائه الراشدين في الفترة التي سبقت اندلاع حرب أكتوبر وخلالها أيضا عام 1973، وكانت عنصرا أساسيا في استراتيجيته المخابراتية التي وضعها تمهيدا لحرب أكتوبر. ويرى أن أعظم سر لهذه الحرب موجود في جملة قصيرة قالها السادات لقادة أركان جيشه في أغسطس 1971، وهي: «أنا باحذركم من أسلوب التفكير النمطى المعروف».

وقال إن السادات استخدم الدبلوماسية كى يحقق هدف مصر القومى عن طريق الحرب، من خلال اكتساب الوقت الذي يسمح له بإظهار إسرائيل أمام العالم كرافضة للسلام، الأمر الذي منح السادات شرعية دولية للخروج إلى الحرب، وفى نفس الوقت يقوم بتنويم الجيش الإسرائيلي، وإعداد جيشه لبدء الحرب في الموعد المريح له. وأكد أنه انتصر في 1973 لأنه تعلم جيدا أسباب الهزيمة في يونيو 1967، مشيرا إلى قول الرئيس الراحل في حديث مع الصحفى الراحلل موسى صبري: «من أسباب الهزيمة نعرف أسباب النصر». ويرى المؤلف أن السادات لم يتهرب من هزيمة 67 وإنما تبناها وجلس معها على مقعد واحد كى يدرسها ويتعلم منها.

وفى سياق شرح مطول لتاريخ الخدع العسكرية والاستخباراتية، يقول ميندس إن السادات أدار الصراع الاستخباراتى مع إسرائيل بأسلوب يتناقض تماما مع المنهج الاستخباراتى المحافظ، بواسطة رجله المخلص له الدكتور أشرف مروان، الذي كان من بين ألقابه «النبع» بسبب المعلومات الغزيرة التي كان يزود الموساد بها. وأوضح أن السادات استخدم قاعدة تفكير فلسفى من أجل خداع إسرائيل، فبينما كان يكشف لها كل أسراره تقريبا، مكنه هذا الكشف من الوصول إلى العقول وتنويم العقل الاستخباراتى الخاص بعملية البحث والتحليل في الاستخبارات الإسرائيلية، وصولا إلى توجيه التفكير الإسرائيلى حسبما أراد السادات. ويؤكد المؤلف أن السادات نجح بذلك في ربط الاستخبارات الإسرائيلية وتحويلها إلى كيان تابع للمخابرات المصرية، الأمر الذي مكن من أن يحتفظ لنفسه بحق استثنائى في امتلاك عنصر المفاجأة الخاص ببدء الحرب.

وأوضح أن من أبرز الأخطاء المنتشرة في عالم أجهزة الاستخبارات هو أن تقوم بتقييم العدو وتقدير قوته وفقا لمعاييرك أنت، مشيرا إلى أن السادات أعلن قبل الحرب استعداده للتضحية بمليون جندى من أجل إعادة سيناء لمصر، حيث اعتبر الإسرائيليون هذا الرقم كبيرا جدا ويعنى خسارة مصر للحرب، بينما لا يمثل هذا الرقم أهمية كبيرة بالنسبة لمصر من حيث تعداد السكان والهدف المقدس المنشود للمصريين. كما أرجع فشل الاستخبارات الإسرائيلية إلى أن القائمين على تقييم الوضع في الجبهة المصرية كانوا يجهلون الثقافة المصرية والثقافة العربية. وأضاف أنه كان ينبغى على قادة إسرائيل أن يتنبهوا إلى خدعة شن الحرب من خلال مناورة عسكرية، حيث سبق تنفيذها في مناورات حلف وارسو عام 1956 والتى انتهت بغزو سوفيتى للعاصمة المجرية بودابست، وتكررت أيضا في غزو العاصمة التشيكية براغ عام 1968. وقال إنه بدلا من انتباه الإسرائيليين إلى هذه السوابق السوفيتية وربطها بالعلاقات المصرية السوفيتية الوثيقة آنذاك، اختارت تل أبيب أن تعتمد على تفوقها بالنسبة للقوات، بدعوى أن ذلك سيردع المصريين ويمنعهم من الخروج للحرب.

ويصف الخدعة المصرية التي سبقت حرب أكتوبر بأنها أعظم عملية خداع عبقرى غير مسبوق في التاريخ العسكري. ويؤكد أن قول رئيس الموساد الإسرائيلى اليوم، بعد 42 عاما من الحرب، أن أشرف مروان كان أفضل جاسوس لإسرائيل على الإطلاق، يعد بمثابة مديح وإشادة مستحق للرئيس السادات، لافتا إلى أنه لا يوجد ما يبعث على الخجل في الاعتراف الإسرائيلى بذلك. وأوضح أن الخدع العسكرية المعهودة كانت تعتمد على التضليل، بينما تكمن عبقرية خطة الخداع المصرى في أنها قائمة على «التنويم والتخدير». وأعاد القول بأن استضافة القيادة السياسية والعسكرية الإسرائيلية في مركز الأعصاب الأمنى المصرى بدا وكأنه إنجاز إسرائيلى ضخم، ولكن تبين أنه أضخم إنجاز للسادات الذي زرع أشرف مروان متنكرا في زى إيلى كوهين الإسرائيلى في عقل القيادة الإسرائيلية. وأوضح أن لذلك السبب حصل مروان على نوط الامتياز ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى من السادات، تكريما له على «إنجازاته الرائعة من أجل مصر في أشد الأوقات حسما من حرب أكتوبر».

ويرى ميندس أن الرئيس المصرى ومروان ناضلا من أجل التاريخ، بينما ناضلت رئيسة الوزراء الإسرائيلية جولدا مائير ووزير دفاعها موشيه ديان، وإيلى زعيرا رئيس الاستخبارات العسكرية، وتسفاى زامير رئيس الموساد من أجل البقاء التاريخي.

وخصص المؤلف فصلا كاملا عن السادات وتاريخ حياته، فقال إنه مؤسس ورئيس تنظيم «الضباط الأحرار»، لكن جمال عبدالناصر، رفيق دربه منذ البداية، تولى رئاسة التنظيم بعد سجن أنور خلال الفترة من 1942 – 1944.

ويذهب المؤرخ الإسرائيلى إلى أن السادات كان أكثر وطنية من جمال عبدالناصر، وكان يضع خلاص مصر وإنقاذها نصب عينيه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية