يترقب عشاق الكرة في إسبانيا والعالم ما الذي ستسفر عنه الأيام المقبلة عقب فوز المؤيدين للاستقلال بالانتخابات البرلمانية في إقليم كتالونيا، حيث إن هذا الأمر يعني إمكانية المضي قدما في الاعداد لمسألة انفصال الإقليم الذي يتبعه نادي برشلونة عن إسبانيا.
تحمل مسألة الانفصال داخل طياتها الكثير من التعقيدات والتداخلات السياسية ولكن، اذا ما رجحت فرضية أن هذا الأمر قابل للحدوث فما هو مصير نادي برشلونة القطب الآخر لكرة القدم الإسبانية بجانب ريـال مدريد.
لا يسعى هذا التقرير لترجيح خيار فوق الآخر ولكنه يقدم كل البدائل التي ستكون متوفرة أمام هذه الاشكالية وتبعاتها المحتملة، حيث يظهر أولًا خيار اقامة بطولة مستقلة للدولة الوليدة هي الدوري الكتالوني.
يبدو هذا الخيار الأقل تعقيدًا ولكنه في نفس الوقت له سلبيات عديدة، حيث أن إقليم كتالونيا حاليا ممثل في الليجا بكل من برشلونة وإسبانيول وفي الدرجة الثانية (ليجا اديلانتي) بجيرونا وناستيك وياجوستيرا.
ويعد تواجد برشلونة في دوري يضم مثل هذه الفرق إهانة لتاريخ النادي الذي طالما قارع الكبار، فالفارق بدون أي مساحيق تجميل بين بطل أوروبا وإسبانيول وجيرونا وناستيك وياجوستيرا وأي أندية كتالونية صغرى تنضم للمسابقة سيكون خياليًا.
يظهر بهذه الطريقة الخيار الثاني الذي تفضله أغلبية كبرى من جماهير الليجا وهو بقاء برشلونة ضمن أندية الدوري الإسباني لكرة القدم، ولكن هذا الأمر لن يخلو من تعقيدات كبرى.
تنص لوائح الاتحاد الإسباني لكرة القدم، المسؤول عن تنظيم الليجا، على أن «الأندية التي ترغب في المشاركة بالمنافسات الرسمية يجب أن تكون مسجلة فيه فقط»، ولكن في حالة الاستقلال سيكون البرسا أمام خيار أخلاقي صعب.
تفتخر جماهيرالبرسا بأنه يعكس الهوية الكتالونية وكونه «أكثر من مجرد ناد»، بجانب تأييد عدد من رموزه ولاعبيه الحاليين والسابقين لمسألة الانفصال، ولكن اذا ما وقع الاستقلال هل سيسجل نفسه في الاتحاد الكتالوني الذي سيحمل حينها صفة دولية ليسقط بالتبعية تسجيله في نظيره الإسباني؟ أم أنه لن يقدم على هذه الخطوة ويظل محتفظًا بوضعه الحالي؟ وإذا ما لجأ للخيار الأخير فأين إذن هذه الهوية التي يدافع عنها بعد أن فضل كونه «إسبانيا»؟
وكان الرئيس السابق لبرشلونة ساندرو روسيل، قال حول هذه المسألة، إنه اذا ما حدث الاستقلال فإن برشلونة سيظل يلعب في الليجا ضاربًا مثلا بموناكو الذي يلعب في الدوري الفرنسي ولكن هنالك فارق كبير: موناكو مدينة تعامل قانونيا على أساس أنها دولة ولكنها ليست بلد وليس لديها منتخب قومي على سبيل المثال.
توجد حالة أخرى تظهر مدى صعوبة الأمر بالنسبة لبرشلونة اذا ما لجأ لخيار عدم تسجيل نفسه في الاتحاد الكتالوني لكرة القدم، الذي سيعمل على اعداد مسابقة مستقلة خاصة به ومنتخب قومي أيضًا داخل هذا الوضع الافتراضي، وهي تتعلق بفريق أندورا.
ويلعب فريق أندورا الذي ينتمي لدولة أوروبية صغيرة تحمل نفس الإسم في خامس درجات الدوري الإسباني المعروفة بإسم «بريميرا كاتالانا» لأنه مسجل في الاتحاد الإسباني بكرة القدم وغير مسجل في ذلك الخاص ببلاده.
ويوجد خيار آخر، ولكنه سيتطلب اجراء تعديلات في لوائح وقوانين الرياضة بشكل يسمح لبرشلونة أن يكون مسجلا في الاتحادين الإسباني والكتالوني لكرة القدم دون أن تسقط عضويته من ذلك الأول، ولكن الأمر سيكون صعبًا خاصة في بدايته اذا ما حدث الاستقلال لأن التوتر سيكون سيد الموقف.
طرحت بعض الاحتمالات الغريبة الأخرى من قبل بعض رموز برشلونة مثل الانضمام للدوري الفرنسي أو إنشاء مسابقة تعرف بإسم الدوري الإيبيري بل وحتى بطولة أوروبية بنظام الدوري.
تتمثل الثغرة الأولى في مقترح الانضمام للدوري الفرنسي في أن الأمر لن يكون بين يدي النادي الكتالوني بل مسئولي الكرة في فرنسا واذا ما حدث الأمر فإن البرسا ولاعبيه سيتوجب عليهم مواجهة ضرائب أكثر من تلك التي يدفعوها في إسبانيا لأن ضرائب الكرة الفرنسية مرتفعة وتتسبب في هجرة النجوم.
بالنسبة للمقترحين الآخرين وهما انشاء دوري إيبيري، بمشاركة فرق من شبه جزيرة إيبيريا، أو مسابقة أوروبية بنظام الدوري، فهما نوعا من الخيال الجامح حيث سيصعب تغيير نظام الكرة في كل أوروبا من أجل استقلال اقليم ومصلحة فريق بعينه.
لا ترتبط هذه الإشكالية فقط بالوضع المحلي بل أيضًا الأوروبي، لأنه اذا ما سجل برشلونة نفسه في الاتحاد الكتالوني سيرحل عن الليجا حال عدم حدوث تعديل اللوائح السابق ذكره، ولكن ماذا سيحدث لو لم يتمكن الاتحاد الكتالوني نفسه من تسجيل نفسه في الـ«يويفا» أو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم؟ هل سيكون دوري الأبطال بدون برشلونة؟
وماذا عن مسألة دخل النادي أيضا من حقوق البث في كل المسابقات سواء كانت محلية أو أوروبية اذا ما رحل البرسا عن الليجا؟ بكل تأكيد سيكون هناك انخفاض رهيب بها الأمر الذي سيؤثر على اقتصاد النادي وبالتبعية نجومه وانجازاته.
وسيكون الوضع في حالة الاستقلال أشبه بالمتاهة بالنسبة لبرشلونة وبقية أندية كتالونيا، حيث أن مصير النادي سيكون بيده وحده فقط اذا ما قرر اللعب في الدوري الكتالوني، أما أي خيار أخر فإن الأمور ستتعلق بما يراه ويفضله الآخرون.
بمعنى آخر أن احتمالية الذهاب نحو الـ«ليج آ» ستكون مرتبطة بقرار سيصدر من فرنسا وليس النادي الكتالوني، فيما أن مسألة تعديل اللوائح والقوانين ستكون في يد إسبانيا التي سيتوجب عليها حينها الاختيار بين التضحية ببرشلونة والكلاسيكو والسمعة الدولية لكرتها من ناحية أو توجيه دعم مالي معين من الدولة لخلق «غول» جديد هو أتلتيكو مدريد من الجانب الآخر.