تحت هذا العنوان كتب أحمد بهاء الدين فى عدد مجلة الهلال الصادر فى فبراير 1968 يقول:
هذه المكتبة ليست مكتبة أديب باحث.. إنها مكتبة فنان.. مكتبة لا تدل على أن صاحبها يهمه الاحتفاظ بها لنفسه أو لغيره، فأكثر الكتب فيها غير مجلدة ولا مرتبة، والمنظر العام للمكتبة أشبه بالمائدة التى فرغ الشخص من التهام طعامها، وتركها دون أن يرفع الأطباق عنها.. وسألت توفيق الحكيم عن السبب فى ذلك،
فقال: أنا لا أحاول الاحتفاظ بمكتبة مستوفاة مرتبة لأن هذا لا تتطلبه طبيعة عملى. إنه يتنقل بين مختلف أنواع المعرفة ليحصل منها على خلاصتها ويكون بها تفكيره الخاص.. ولكنه– ساعة الكتابة– لا يعود إلى المراجع ولا يعتمد على الكتب كمصادر لعمله الأدبى، فالكتب التى يقرؤها تمده بغذاء يتحول بعملية الهضم إلى عصير ثقافى خاص بصاحبه يساعده فى عملية الخلق الفنى الذى يظهر فى صورة قصص أو مسرحيات.. هذا هو دور الكتب فى حياته، فهى غذاء يهضم وليست مراجع يعود إليها ومن يطالبه بمكتبة منظمة واسعة، كمن يطالب النحلة بنماذج من الأزهار التى امتصت رحيقها!
ويمضى الحكيم فى حديثه: ولكن مهما كان شكل المكتبة الآن.. فأنا لا أتصور فنانا عظيماً، لم يستوعب من الكتب ما يملأ مكتبة ضخمة.. طبعاً، إن الفنان لا يخلق فنه من الهواء ولا يستطيع أن ينفصل عن منابع المعرفة، إن المؤلف الذى كتب عليه أن يظل صغيراً، هو الذى لا يقرأ إلا ما يتعلق بمهنته أو بمعرفته فقط أما الأدباء العظام فهم الذين يتكونون تكويناً عميقاً، ويقرأون كل شىء، ويحيطون بكل معرفة من منابعها الأولى، ويتابعون آخر تطورات العلم والفن والأدب والسياسة، إن الأديب العظيم هو مرآة لعقلية عصره كله.. فإذا حصر نفسه فى فرع واحد من فروع المعرفة، يصبح صاحب حرفة وليس أديباً عظيماً.