قليلة تلك هي الأندية التي تملك «تقاليد» تتجسد في «شخصية تاريخية» تمثل فريقها وإذا غابت تلك الشخصية، غاب الفريق؛ وأحد هذه الأندية بلا شك هو الزمالك.
الزمالك، هذا النادي العريق الذي تأسس في سنة 1911، لا يمكن له أن يعتلي منصات التتويج ويحقق الفوز على منافسيه، ومن بينهم الأهلي «الذي يملك هو الآخر تقاليده التي تميزه» إلا حينما يمتلك جيلًا من اللاعبين يستطيع أن يمثل شخصية الفريق التاريخية.
وقد عوّدنا الزمالك، الملقَّب بمدرسة الفن والهندسة، أنه إذا حضرت فنونه، حضرت بطولاته وإنجازاته؛ فكل الفرق التاريخية في الزمالك والتي حصدت العديد من البطولات، وآخرها جيل بداية الألفية الجديدة، كانت تعج بالنجوم أصحاب المهارات الكبيرة كحازم إمام «الإمبراطور» وخالد الغندور، الذي قدَّمه الثعلب الألماني أوتوفيستر، في دور مختلف وهو لاعب الجناح العكسي الذي يلعب على الناحية اليمنى بقدمه اليسرى، وقدَّم «بندق» موسمًا تاريخيًا استعاد الزمالك خلاله بطولة الدوري.
بالإضافة إلى لاعبين آخرين من نفس الفصيلة، مثل محمد أبوالعلا أفضل ارتكاز مساند حقيقي يملك قدرات دفاعية وهجومية متساوية في آخر 20 سنة لولا إصابته بوتر أكيليس، فأبوالعلا كان أحد القلائل الذين يتمتعون بمهارات عالية رغم كونه لاعب وسط مدافعًا.
إلى جانب الثنائي الصاعد وقتها جمال حمزة وشيكابالا ومعهما وليد صلاح عبداللطيف، وهو أيضًا أحد المهاجمين القلائل الذين يتمتعون بقدرات مهارية أغرت البرازيلي كابرال في الاعتماد عليه كصانع ألعاب في آخر بطولة دوري أبطال حقق الزمالك لقبها وكان وليد عبداللطيف مرشحًا إلى جانب المغربي هشام بوشروان للحصول على أفضل لاعب في البطولة.
هذا الجيل بلا شك كان محظوظًا، حيث كان يضم لاعب وسط مدافعًا هو الأفضل في مصر خلال آخر عقدين للزمالك؛ صفقة الزمالك التاريخية القادمة من المنصورة تامر عبدالحميد «ذو الـ 3 رئات» كما كان يلقب وقتها.
قدم تامر ستارًا دفاعيًا رائعًا لمجموعة اللاعبين أصحاب المهارات ومن خلفه مدافعين أقوياء كمدحت عبدالهادي وبشير التابعي والمدافع الأكثر ذكاءً في جيله وائل القباني، واستطاع هذا الجيل تحقيق كم هائل من البطولات للقلعة البيضاء، وكانت متنوعة ما بين الدوري والكأس والسوبر محليًا وأبطال الكئوس ودوري الأبطال والسوبر أفريقيًا، وعربيًا من خلال البطولة العربية الموحدة، وحقق هذا الجيل بطولة السوبر المصري السعودي الوحيدة لمصر بعد أن فشل كل من الأهلي والإسماعيلي أمام الأندية السعودية، وحقق الزمالك البطولة على حساب بطل السعودية وقتها اتحاد جدة.
والآن، وحينما امتلك الزمالك فريقًا يتطبع بطباع الزمالك التاريخية يملك لاعبين أصحاب شخصية قوية داخل الملعب وأصحاب مهارات عالية تُجسد حقيقة مدرسة الفن والهندسة، استعاد الزمالك الدوري وحافظ على الكأس وانتصر على غريمه التقليدي بعد غياب.
فلا شك أن الزمالك يملك الآن جيلًا بيده أن يصبح الأفضل في تاريخ النادي إذا ما استمر على نجاحاته وأيقن تمامًا أن ما تحقق ما هو إلا بداية لطريق طويل مليء بالبطولات.
فكل ما تطلبه جماهير الزمالك الآن من مجلس الإدارة الناجح جدًا بقيادة مرتضى منصور أن يحافظ على ما بناه وأن يواصل دعمه معنويًا ونفسيًا وماديًا لهذا الفريق.
والأهم هو أن يحافظ المجلس على استقرار الفريق من خلال دعم مدربه جوزفالدو فيريرا «الرجل المحنك» للبقاء على رأس الإدارة الفنية للفريق وعليه أن يطمح إلى ما هو أبعد من خلال تكليف الرجل بإعداد مشروع كروي كبير للزمالك حين يقرر التقاعد.
فقد أكد الرجل بدوره لعضو مجلس الإدارة الذي يعتبر الداعم الرئيسي لفيريرا في الزمالك، أحمد مرتضى منصور، رغبته في البقاء مع الزمالك حتى إعلانه اعتزال التدريب على أن يقوم بترشيح بديل مناسب للزمالك ممن تتلمذوا عليه يديه، فقد أخرج هذا الرجل لكرة القدم البرتغالية العديد من الأسماء الكبيرة كجوزيه مورينيو وأخيرًا مدرب فالنسيا الحالي نونو سانتي إسبيريتو أفضل مدربي الليجا في الموسم المنصرم، ولا يوجد أي مبرر مقنع لإهدار مثل هذه الفرصة .