كنت ضيفاً فى فضائية خاصة، وفجأة، انقطع حديثنا لأن بثاً مشتركاً سوف يذاع بينها وبين تليفزيون الحكومة، لمدة خمس دقائق!
كان ذلك مساء السبت قبل الماضى، وكان السبت هو اليوم السادس لبدء عملية «حق الشهيد» التى ينفذها الجيش فى منطقة شمال سيناء، وكان أن عرفنا، ونحن فى استديو الفضائية الخاصة، أن الجيش قد نفذ كذا، وأن حصيلة طوال اليوم هى كيت، وأن العملية مستمرة إلى حين تنظيف المنطقة من الإرهاب تماماً.
وقد أعجبنى جداً أن تذاع الدقائق الخمس بتلك الطريقة، من خلال بث مشترك بين تليفزيونين، ولا أعرف ما إذا كان بثاً ثنائياً فقط، أم أنه شمل سائر القنوات كلها، ولكن ما أعرفه أنه لابد أن يشملها كلها فى المرات القادمة، إذا لم يكن قد حدث فى اليوم السادس للعملية، وأن يكون الـ90 مليون مصرى، على دراية يومية تفصيلية بما تنجزه هذه العملية الكبيرة إذا كانت قد وصلت اليوم إلى صباحها الرابع عشر.
هذه عملية مقدسة، إذا صح وصفها هكذا، وهى لابد أن تحظى بمساندة كل مواطن محب لبلده، ولن يحدث هذا إلا إذا أشركنا فيها المواطنين جميعاً، وبشكل يومى، ليكون كل واحد فيهم عارفاً بحدود العملية التى ينفذها جيشنا العظيم، فى منطقة يراد لها أن تكون وكراً للإرهاب.. ولن تكون!
إننى لا أعرف من هو بالضبط الشخص الذى اختار للعملية هذا الاسم، ولكنى أريد أن أرسل له تحية خاصة، وأتمنى لو أن تحية مماثلة قد وصلته من كل مصرى، لأن «حق الشهيد» تظل، كعملية، اسماً على مسمى فعلاً، ولأن المتاجرين بحقوق الإنسان، داخل مصر وخارجها، كانوا دائماً، ولايزالون، يتكلمون عن حق الإرهابى الذى يسقط فى أى موقع، ولا تأتى أى سيرة، ولو عابرة، عن حق الجندى، أو الضابط الذى يسقط فى الوقت نفسه وفى الموقع ذاته، فضلاً عن المدنيين بالطبع، الذين قد يسقطون بالصدفة، وبلا ذنب.
كان الشهيد بلا حق معلن إلى أن جاءت عملية بهذا المسمى لتضمن له حقاً سوف تظل قواتنا المسلحة وراءه، حتى تعيده لصاحبه، وحين انضمت أسلحة جديدة فى جيشنا إلى العملية، منذ يومين، وفى مقدمتها الصاعقة، والبحرية، فإن هذا كان من دواعى التفاؤل مرتين: مرة لأن العملية مستمرة إلى أن تدفن إرهابيى سيناء جميعاً فى رمالها، ومرة لأنها تتسع، يوماً بعد يوم، ليبقى بعد ذلك أن يتوسع تليفزيون الدولة، ومعه الفضائيات كلها، فى إذاعتها، وإذاعة تفاصيلها، يومياً، لأنها ليست شأناً يخص الجيش وحده.. إنه يخصك، ويخصنى وبشكل مباشر، كما أن «حق الشهيد» لا يجوز أن تتوقف ولو دامت ألف يوم، لأن حقه لا يسقط بالتقادم.