العمل التطوعى أصل من أصول العلاقات الاجتماعية فى الإسلام. القرآن الكريم وضع القاعدة المتينة، والأساس الصلب فى العديد من الآيات، ومنها:
قوله تعالى: «وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى» {المائدة:2}.
وقوله عز وجل: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ» {التوبة: 71}.
والسنة النبوية حفلت بالأحاديث النبوية الشريفة، والمواقف التى تحث على التكافؤ والتعاون والتساند، ومن ذلك قول النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً» وقوله عليه الصلاة والسلام: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر».
والعمل التطوعى فى الإسلام، بما ذكرناه من الآيات القرآنية الكريمة، والسنة النبوية الشريفة، ينطلق من قاعدة إيمانية.
العمل التطوعى يمكن أن يكون فردياً، ويمكن أن يتخذ شكلاً جماعياً من خلال منظمات المجتمع المدنى.
والعمل التطوعى لا يقتصر على مجال واحد، بل يشمل جميع مجالات الحياة، ويغطى جميع الاحتياجات الاجتماعية من: خدمات صحية وتعليمية ومساعدات اجتماعية، ومساكن تزويج للشباب وإقامة مشروعات منتجة صغيرة لإعالة الأسر، ومحاربة الفقر.
هذا العمل التطوعى يساعد الدولة فى الوفاء بالتزاماتها نحو فئات المجتمع، خصوصاً الفقيرة والمهمشة منها، والتى لا تتسع لها ميزانية الدولة.. من هنا فإن واجب الدولة أن تيسر للأفراد والمنظمات المدنية القيام بهذا الواجب الدينى والدور الإنسانى الرائع، بعيداً عن التعقيدات البيروقراطية والمضايقات الأمنية والشكوك السياسية.
ومن واجب القائمين على هذه الجهود التطوعية أولاً، أن تتصف أعمالهم بأكبر درجة من النزاهة والشفافية، وأن تشمل كل أفراد المجتمع بلا تمييز بسبب الدين أوالمذهب أو الجنس أو العرق، وأن تكون معاملاتهم المالية شفافة حتى تتجنب الشبهات.
وإذا كان العمل التطوعى مطلوباً داخل كل مجتمع إسلامى على حدة، فمن الواجب عند تعرض أى مجتمع إسلامى لمحنة بسبب كارثة طبيعية، أن تهب كل المجتمعات الإسلامية لمناصرته ومساعدته بكل الأشكال، وفى كل المجالات.
واليوم، فإن الشعبين اللبنانى والفلسطينى يتعرضان لعدوان إسرائيلى «فاشى» وبشع، يستهدف تدمير البنية الأساسية، وتجويع الشعبين، وقتل روح المقاومة فيهما بتدمير منظمات المقاومة (حماس فى فلسطين وحزب الله فى لبنان)، وتدميرهما عسكرياً وملاحقتهما سياسياً، واعتبارهما منظمتين إرهابيتين، واقتناع الرأى العالمى بهذا المفهوم الخاطئ والمخلوط، من خلال الفكر الصهيونى الإرهابى.
لذلك فإن مساعدة الشعبين الفلسطينى واللبنانى بكل أشكال المساعدات المالية والعينية، صارت فرض عين على كل مسلم قادر ولديه قوت يومه، وواجب على أولى الأمر فى كل البلاد الإسلامية أن يحثوا المواطنين على التبرع، وإنشاء جمعيات مؤقتة أو دائمة للتضامن مع الشعبين، وتيسير وصول المعونات بجميع أشكالها إلى فلسطين ولبنان، والتشجيع على التبرعات وجمعها.
والنبى الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: «الله فى عون العبد مادام العبد فى عون أخيه»، ويقول عليه الصلاة والسلام: «مَْن فَرَّج عن أخيه كُرْبَة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة».
ويجب ألا يخيفنا أو يثبط من عزيمتنا ما تمارسه بعض الجهات والدول من ضغوط مشبوهة، وحرب ظالمة ضد مؤسسات العمل الخيرى بدعوى محاربة الإرهاب.
«وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ» {يوسف: 21} صدق الله العظيم.