نشر المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث باسم وزارة الخارجية، على حسابه بموقع «تويتر»، نص الخطاب الذي أرسله إلى هيئة تحرير صحيفة «نيويورك تايمز»، ردًا على ما نشرته بخصوص حادث الواحات.
وإلى نص الخطاب:
إن المقال المنشور من جانب هيئة تحرير جريدة «نيويورك تايمز» يوم 16 سبتمبر حول الحادث الذي تعرضت له قافلة سياحية في مصر يعد مضللًا وغير صادق، وكما هي العادة في معظم ما تنشره الجريدة مؤخرًا، فقد استبقت هيئة التحرير نتيجة التحقيقات الرسمية الجارية في الحادث، بالإشارة إلى أن «هناك حاجة لوجود محاسبة كاملة، وهو مع الأسف أمر لا يتوقع حدوثه في ظل حكومة السيسي القمعية والمنغلقة».
إن هيئة التحرير تعمدت تجاهل أن مصر بدأت بالفعل في عملية تحقيق محايدة وذات مصداقية على أعلى المستويات منذ ثلاثة أيام، ولاتزال عملية التحقيق مستمرة، ولكن هذا الأمر لا يحمل لنا أي مفاجأة، فقد تعودنا على التغطية المتحيزة وغير الموضوعية من جانب هذه الصحيفة. فإن التغطية الصحفية المسؤولة والمهنية تقتضي أن يلتزم الإعلام بنقل الحقيقة، بدلا من نشر الأحكام والاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، والتي لا تستند إلى أي دليل.
ويزيد من وطأة الأمر أن الجريدة نشرت تقريرا آخر حول نفس الموضوع، تم إعداده بنفس القدر من الانتقائية، حيث اختزل متعمدا شقا مهما من الخطاب الذي وجهه وزير خارجية مصر إلى الشعب المكسيكي، متناولا تعليق وزير الخارجية على قواعد الاشتباك التي يلتزم بها مسؤولو إنفاذ القانون في مصر.
فقد اقتبس التقرير من مقولة وزير خارجية مصر قوله: «إنه ليزعجني بشدة استغلال هذا الحادث ليزعم أحد أن مسؤولي إنفاذ القانون في مصر ليست لديهم قواعد صارمة للاشتباك، وأنهم يتصرفون بشكل عشوائي، ولا يتخذون الاحتياطات اللازمة خلال العمليات التي يقومون بتنفيذها»، فقد حذف تقرير «نيويورك تايمز» بشكل نهائي باقي عبارة وزير الخارجية، والتي أكد فيها أن «مسؤولي إنفاذ القانون في مصر يتصرفون وفقا لقواعد أخلاقية وقانونية صارمة، تستهدف الحيلولة دون إصابة المدنيين»، فلا شك أن ذلك الحذف يفرغ الحجة من مضمونها، بالإضافة إلى أن التقرير تجاهل تماما باقي عناصر الخطاب التي أكدت على معاني التضامن والمواساة والتأكيد على أن التحقيقات اللازمة سيتم إجراؤها.
في التقدير، فإن هذا المنحى يعد محاولة غير مفهومة أسبابها من جانب الجريدة لإثارة حفيظة الشعب المكسيكي وتعبئة مشاعر سلبية تجاه خطاب هدفه الأساسي إظهار التعاطف والتضامن مع ضحايا هذا الحادث الأليم وأسرهم. كما يتجاهل تقرير الصحيفة ما تضمنه الخطاب من التأكيد على الالتزام بإجراء تحقيق، والتعبير عن الأمل في ألا يتسبب مثل هذا الحادث في التأثير على العلاقات الطيبة بين الشعبين المصري والمكسيكي، لقد تجاهلت الجريدة كل تلك المعاني الإيجابية، وها هي تفعل اليوم مجددا ما تمرست على القيام به دائما، وهو التلاعب بالوقائع بما يتناسب مع رؤيتها للحقيقة.
إن هذا النمط يعكس ما نعتبره تشويهًا متعمدًا للأحداث الجارية في مصر، حيث دأبت على الترويج لرواية سلبية ومغلوطة حول ما حدث على مدار العامين الماضيين. ولا يبدو المقال الذي بين أيدينا استثناء من هذا النهج، حيث تم استغلال الحادث المأساوي الأخير كمدخل خلفي لإعادة طرح المقولة البالية بأن مصر شهدت «انقلابا» في عام 2013، أطاح «بالرئيس المنتخب ديمقراطياً». فلا شك أن هذا الادعاء البالي الذي تصر الجريدة على تكراره في كل مقال رأي أو تقرير يتعلق بمصر من قريب أو بعيد، لا يمكن وصفه إلا بأنه محاولة متعمدة لليّ الحقائق وتضليل الرأي العام، فالأمر لا يتعلق فقط بالتناول غير الدقيق لما شهدته مصر من أحداث بين عامي 2013 و2015، ولكن أكثر ما يثير الانزعاج فيه هو التعتيم على الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبها تنظيم الإخوان خلال فترة توليه السلطة.
إن كل من لديه ذاكرة ليست بقصيرة مثل هيئة تحرير النيويورك تايمز، يتذكر جيدا مساعي الإخوان الحثيثة لتحصين القرارات التنفيذية من الرقابة القضائية، ومحاولاتهم المستميتة للاستيلاء على السلطة، وتصادمهم المباشر مع القضاء، وكذلك تجاهلهم الصارخ لأحكام المحكمة الدستورية العليا، بل ومحاصرتهم لمقرها.
إن مثل هذا الإهدار المتعمد لحكم القانون لا يمكن اعتباره أمرا «ديمقراطيا» بحال من الأحوال، كما يذكر هؤلاء خروج ملايين المصريين إلى الشوارع للاحتجاج على حكم مرسي والمطالبة بعزله فورا. إن التعمد المتكرر من جانب هيئة تحرير هذه الصحيفة لتشويه الأحداث في مصر، إنما يعكس تجاهلا صارخا لإرادة الشعب المصري.
ونظراً لتأثير الإعلام على الرأي العام، فإنه يقع على عاتق صحيفة نيويورك تايمز وهيئتها التحريرية أن تختار الحرفية على حساب الإثارة، والنزاهة بدلاً من التحيز. ومع الأسف فليس هذا هو الوضع في مثل هذا المقال، كما هو الأمر في الكثير من المقالات السابقة.