لا أعرف كم مرة توقفت أنت أمام صورة تنقلها الصحف عن الرئيس الأمريكى، أوباما، ما بين وقت وآخر.. إنها إذا لم تكن استوقفتك فلابد أنها استوقفت آخرين لمعناها الكبير، وليس لجمالها ولا لجمال صاحبها!
الصورة تكون فى العادة للرئيس الأمريكى وهو يتوسط عدداً من مستشاريه على مائدة مستطيلة، بينما الجميع يتحلقون حوله من كل ناحية!
وإذا حدث ورأيتها أنت أيضاً فى مرة قادمة فسوف تلاحظ أن غالبية المستشارين المتحلقين حول الرئيس، من بين الشباب، وأنهم يجلسون حوله بشكل طبيعى جداً، وكأنهم مع واحد من أصحابهم، وليس مع رئيس أكبر دولة فى العالم!
لن تلاحظ إذا رأيت الصورة، فى أى مرة قادمة، أن أحداً من بين المستشارين يجلس على طرف الكرسى بالكاد، أو أن أحداً منهم ينحنى خضوعا وهو يتكلم، أو أن علامات الرهبة والخوف بادية على وجه أى منهم.. لا.. لن تلاحظ وجود شىء من هذا.. والمعنى أنه إذا كان هذا هو الطقس الذى يلتقى فيه ساكن البيت الأبيض بمستشاريه فلن يتردد أحد منهم بالتالى فى أن يصارحه بما يجب فى سياسة بلاده، سواء داخلها أو خارجها.. ولن تساوره أى خشية وهو يقول للرئيس إنه إذا كان كرئيس للبلاد قد قرر كذا فى الأمر الفلانى، فالأفضل منه هو كيت وكيت.. وأظن أن رأس الدولة الأمريكية لن يجد حرجاً عندئذ فى الأخذ برأى يراه أفضل من رأيه، خاصة إذا أحس بأن صاحب الرأى صادق معه!
صورة كهذه، نعيش جميعا كمصريين على أمل أن نراها قريبا للرئيس السيسى فى قصر الاتحادية.
ذلك أن هؤلاء الذين يجلس معهم أوباما بشكل منتظم، إذا كانوا هم «بطانته»، فإننا نريد أن نعرف من هم بطانة رئيسنا؟ ومع من يجلس؟ ومن يشير عليه؟.. ليس هذا فقط، ولكننا طامحون فى أن نرى صورة حية لهذا كله!
ولست أنتظر من أحد أن يقول لى إن الرئيس يستشير اللواء عباس كامل مثلاً، فالرجل الذى يشكر فيه كل الذين عرفوه سوف يجد بحكم طبيعته البشرية حرجاً فى أن يصارح الرئيس بما لا يسعده، وسوف ينقل إليه ما يريح خاطره فقط فى كل الأحوال، وهذا فى حد ذاته ليس عيباً، ولكننا نريد للوجه الآخر للأشياء كلها أن يكون حاضراً بين يدى الرئيس وبأمانة كاملة!
الرئيس فى حاجة إلى عدد من العقول السياسية والاقتصادية، صاحبة الخيال، لتكون حوله فى كل لحظة، لأن الواضح كالشمس أن الخيال فى حياتنا السياسية والاقتصادية سلعة غير متاحة، وغير متوافرة، وناقصة فى السوق!
الرئيس أشد المصريين حاجة إلى بطانة غير منتفعة.. بطانة تملك الخيال أكثر مما تملك أى شىء آخر، فإذا سألتنى عما يحتاجه المهندس شريف إسماعيل فسوف أقول إنه الشىء نفسه.. فالخيال وحده هو طريق الرئيس، ورئيس حكومته الجديد، إلى كل ما هو ناجح!.. لن نطمئن إلا إذا رأينا هذه الصورة بأعيننا!